في سابقة فريدة من نوعها تعود بنا إلى عصر المنع والحجز، كنا نعتقد أن المغرب الحديث جعل بينه وبين هذا العهد البائد قطيعة لا رجعة فيها. تعود اليوم السيدة عاملة مقاطعة عين الشق لتربط ذلك الماضي بجميع سلبياته بالحاضر وتعيد أذهاننا الى سنوات المنع والقمع السياسي، وتحيي ذكريات تطويق المقرات وتشديد الخناق على المناضلين. زوال يوم الخميس 4 يونيو 2009 أصدرت العاملة أمنصار قرارها بمنع تجمع للنقابة الوطنية للتجار و المهنيين بمقر النقابة بشارع فاس مقاطعة عين الشق، كان مخصصا لدعم ومساندة الكاتب الاقليمي لهذه النقابة والمرشح بلائحة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالدائرة العاشرة عين الشق. أيضا فرع الحزب بهذه المقاطعة حصل على ترخيص من السلطات المحلية يخص مقر هذه النقابة كمكان تجمع ودعاية للحملة الانتخابية. قرار عاملة عين الشق جعل قائد الملحقة الادارية كاليفورنيا يطوق باب مقر النقابة الوطنية للتجار والمهنيين برجال القوات المساعدة الذين حاصروا مدخل النقابة بسيارتهم وسيارة القائد. وجاء قرار العاملة التعسفي بدعوى أن التجمعات العمومية يجب أن ترخص من طرف العامل، إلا أنها تناست أن هذا التجمع الذي كان منتظراً خاص بالنقابيين في مقر نقابتهم المرخص لها سابقا وليس لعامة الناس. كما أن هذا المقر مرخص له من طرف قائد الملحقة الادارية كاليفورنيا كمقر للدعاية والحملة الانتخابية. والظاهر هو أن السلطات المحلية في شخص العاملة أرادت أن تكسر بطريقة أو بأخرى كل ما تراه يدعم ويقوي من لائحة الاتحاد الاشتراكي لسبب في نفس يعقوب، وهو ما لا يقبله ويتحمله أي مناضل اتحادي بالمنطقة، خاصة وبجميع أنحاء المغرب، عامة. لقد قُدمت شروحات وبيانات من الكاتب الاقليمي للنقابة الوطنية للتجار والمهنيين لقائد الملحقة الادارية كاليفورنيا، وكذلك من الكاتب الاقليمي لحزب الاتحاد الاشتراكي، لكن ممثل السلطة المحلية تشدد في موقفه ولم يعرف سوى لغة المنع، مدعياً أنه ينفذ تعليمات وكيل الملك، وأحيانا يغير ادعاءه ويقول إنه ينفذ تعليمات السيدة العاملة، ولم يقبل أي نقاش ولا أي حوار رغم حضور النائبة البرلمانية الاتحادية عائشة اكلاع بصفتها محامية وفصلت له القانون المنظم لمثل هذه الأمور، لكنه لا يعرف سوى تطبيق الأوامر والاتصال برئيسة رئيس الدائرة «الباشا» الذي عبر الهاتف لا يطلب من القائد سوى المنع والرفض. موقف السلطات المحلية المفاجىء تطلب حضور الكاتب الجهوي للحزب الأخ الحسين صنهاجي الذي حضر رفقة عضو المكتب السياسي الأخ العربي عجول، وشرح هو الآخر جميع حيثيات القانون بخصوص هذه النازلة، إلا أن القائد كان دائما متشدداً في موقفه وطالب بمخاطبة وكيل اللائحة بصفته هو المسؤول، رغم أن التجمع كان مخصصا للتجار والمهنيين في مقر نقابتهم، مما يؤكد أن المستهدف هو حزب الاتحاد الاشتراكي بعين الشق، لكن الأخ بعلي الصغير وكيل لائحة الاتحاد الاشتراكي بعين الشق، وبعد حضوره لعين المكان، حمل المسؤولية للسلطة المحلية، وعلى رأسها العاملة التي اتخذت هذا القرار، لأن مثل هذه القرارات تحجم دور النقابات والأحزاب في توعية المواطنين وتقف وتمنع الانفتاح والتواصل مع المواطنين. وهذه التصرفات العشوائية غير المسؤولة تساهم بشكل كبير في عزوف المواطنين عن المشاركة في التصويت، في الوقت الذي يسعى فيه الجميع لإنجاح الاستحقاقات المقبلة بكل وطنية. يضيف الأخ بعلي الصغير، نجد أن هناك أيادي سلطوية تسعى بكل ما أوتيت من صلاحية في توسيع فجوة بين المواطنين والهيئات النقابية والسياسية، وبالتالي ينعكس هذا الوضع على المشاركة المكثفة في كل استحقاق، معتمدين على حجج واهية. وعلى غرار ما وقع، قررت النقابة الوطنية للتجار والمهنيين لجهة الدارالبيضاء رفع استنكار شديد اللهجة الى وزارة الداخلية، مع إمكانية رفع دعوى قضائية ضد كل من تسبب في اغتيال العمل النقابي وتطويق مقر النقابة وهي كلها أشكال من القمع والاستبداد. ويستغرب المتتبعون كيف لم تحرك السلطات المحلية وخاصة عاملة عين الشق ساكنا تجاه الخروقات التي تقع كل دقيقة خلال الحملة الانتخابية.. فالأموال وشراء الذمم تقع أمام أعينها والتقارير التي تصلها كل ساعة تؤكد ذلك. وأحيانا بالقرب من مقر العمالة أو الملحقات الادارية.. بل أحيانا هذه الخروقات ترتكب من الموظفين والأعوان التابعين لها، لكن لاشك أن التركيز ذهب الى جهة واحدة وهو الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وكل القوى الوطنية المساندة له. فالتاريخ يعيد نفسه بعين الشق، لكن العبرة بالنتائج.