من حق كل من تعب أن يستريح، ومن حق كل من استراح كثيرا أن يتحرك ويتعب ليجد سببا كي يستريح مرة أخرى. لكن هذه الراحة لن تكون شاملة بمعنى النسيان أو الإلغاء، أو توقيف التفكير في مجموعة من الأشياء طبعت الموسم المنتهي، فهل حقا انتهى موسم الأنشطة المتعلقة بالطيور المغردة، أم أن آخرين أبوا إلا أن يتحدوا فترة الاستراحة، وجعلها ضيقة كأنها استراحة المحارب، كي يقوم لمواصلة رحلته المقدسة. عندما قررت إحدى الجمعيات المغربية رفض الإستراحة، فإنها وضعت لذلك برنامجا جميلا بمثابة تداريب فريق للكرة في فترة الصيف استعدادا للموسم القادم، وهذا بطبيعة الحال ما يكون له تأثير إيجابي على مصلحة الفريق وانجازاته في مجموعة من الأصعدة كالفنية، والتقنية، وهو ما يكفل الدخول في الموسم المقبل بخبرة إضافية وثقة في النفس لكسب مجموعة من الرهانات. قرار رائع مكن هاته الجمعية الحديثة الولادة بمدينة المحمدية من تنظيم نشاط لفائدة تلاميذ إحدى المدارس، وكأن رئيس الجمعية يقول بأن لا مجال للإستراحة مادمنا بصدد المتعة... لا مجال للإستراحة مادامت ابتسامة الأطفال تتسلل إلى القلوب وتستل منها علامات التعب، وتبعث الدفء في الأوصال، وتمسح المشاكل العالقة بمنشفة من حليب وتمر... فكرة الاستفاذة من الاستراحة أو العطلة كانت رائدة من قلوب غيورة على الثروات الطبيعية والحيوانية بالمغرب، لكنها في نفس الوقت لا تعني أن الجمعيات التي اختارت توقيف أنشطتها بانتهاء مسابقات الطيور والانشطة المرتبطة بها، ليست على صواب، بل إنها فرصة جيدة لتدارس حصيلة الموسم الماضي، ووضع لائحة الإيجابيات والسلبيات، وتدارس ماتم القيام به، وماذا كان المفروض القيام به، وهل تحققت الأهداف المسطرة قبل انطلاق الموسم؟... وغيرها من الإجابات على الأسئلة التي تهم عمل هذه الجمعيات الحقيقي والنبيل للرفع من مستوى «الولاعة» بالمغرب دون الإلتفات إلى الوراء. يحق للكل أخذ قسط من الاستراحة، كما يحق لكل الذين يملون فترات الاستراحة الطويلة، التحرك في أفق توسيع أنشطته ومنجزاته، وفي نفس الوقت كسب المزيد من المتعاطفين مع طيورنا الجميلة، خاصة إذا كانوا من فئة التلاميذ الصغار، الذين يعدون القاعدة الأساسية الحقيقية نحو تكوين شعب مشبع بثقافة الطبيعة والحفاظ على الثروات الحيوانية، دون نسيان امكانية تطوير الإحساس بالجمال والنظر للحيوانات كقيمة فنية جمالية خارقة تستحق منا كثير عناية دون التفكير في الاستراحة.