يفتخر لحسن الذي يعمل في إصلاح الدراجات، بعشقه للطيور المغردة، حيث يقوم بتربيتها منذ أزيد من 40 سنة، ويصر على أن عالم الطيور يعتبر عالما خاصا بالفعل، ولعل قصته العادية والبسيطة مع الطيور التي عاش معها معظم مراحل حياته، أي منذ كان شابا قبل أن يتزوج ويلد الأولاد، ويكبروا بدورهم ، فقد تحدث لحسن أنه مرة أراد السفر الى القرية «البْلاد»، حيث سيمضي أزيد من شهر هناك، استجلب مشتريا فباعه كل العصافير التي كانت عنده، وبعد أن ظن أنه ارتاح، أحس فعلا بمكانة تلك العصافير في حياته، حيث علم أنها بمثابة الرئة التي يتنفس بها، وبمثابة الدم الذي يجري في عروقه، ليجد نفسه مقبلا على اقتناء عصافير أخرى عن قصد أو عن غير قصد. قصة لحسن «السيكليس» تنطبق على المئات ، بل الآلاف من الهواة المغاربة والذين يستحقون فعلا اسم «الماليع»، لأن ما تختزنه قلوبهم لهاته العصافير كثير جدا، وكفيل ب «شق الطريق وسط البحر»، لتكون هاته الطبقة هي المادة الخام لجس نبض الشعب العاشق للجمال، والمولع بتفانين طبيعته، هُم الغيورون على هوايتهم ولو ببساطة تفكيرهم. لكن السؤال الكبير الذي يتردد في أذهان العديد من العارفين بأمور هذه الهواية ببلادنا، هل توجهت الجمعيات المغربية إلى الأسواق المعروفة بتجارة العصافير، وتحدثت مع هؤلاء البسطاء، وشرحت لهم كيف يطببون عصافيرهم إذا مرضت، وكيف ينتقون الأجود، وغيرها؟ هل سبق لممثليها أن قاموا بحملة توعية داخل هاته الأسواق لتحسيس الرواد بأن هناك أناسا يهمهم تطوير هذا المجال وإخراجه من الهواية الفظيعة في بعض جوانبها. أعتقد أن هناك العديد من أمثال لحسن السيكليس في بساطته، والذي يعتبر نموذجا حيا لآلاف المغاربة، لا يريدون شيئا أكثر من التوجيه والنصائح المفيدة لهم في العناية أكثر بعصافيرهم التي لا يتصورون العيش بدونها، ومن ثم تكون الانطلاقة الحقيقة من القاعدة التي تصنع القمة. حقا إن مشهد تربية الطيور بالمغرب تقدم كثيرا، بفضل الجمعيات والمؤسسات التي تضمها، لكن عدد المنخرطين في هذه الجمعيات والمؤسسات لا يعكس رقم الهواة المغاربة الحقيقي، بحيث أعتقد أن هذه الجمعيات والمؤسسات بإمكانها استقطاب عدد كبير من المنخرطين بتنظيم حملات تحسيسية، وتعريفية بأنشطتها، فكم سأكون سعيدا حين ألتقي يوما مع لحسن السيكليس ويخبرني أنه حضر مسابقة واستمتع بعروض الطيور المغردة.