«من أجل ميثاق للعمل اليساري الموحد» هكذا كانت خلاصة نقاش مناضلي اليسار المشاركين في الجامعة الربيعية الثالثة المنظمة من طرف تيار فعل ديموقراطي - الحزب الاشتراكي الموحد - بمشاركة فضاء البيضاء للحوار اليساري و المنعقدة نهاية الأسبوع المنصرم بالمحمدية. افتتحت الجامعة بندوة عن موضوع : «الأزمة الاقتصادية العالمية ، وأثرها على الاقتصاد المغربي والأوضاع الاجتماعية ، وأجوبة اليسار اليوم» و في مستهلها تلا مصطفى الصبان، عن المنظمين. الكلمة الافتتاحية و رحب فيها بالمشاركين، كما أشاد بالدينامية التي أعقبت الجامعة الثانية ببوزنيقة و التجاوب الإيجابي الذي كان للنداء الصادر عنها و كان من بين نتائجه تأسيس فضاء البيضاء للحوار اليساري، الشريك في تنظيم الجامعة الثالثة، كما دشن لدينامية الحوار بين مختلف فرقاء اليسار المغربي. و حاضر في الندوة كل من فتح الله ولعلو و عبد القادر ازريع و أدارها حميد باجو. مداخلة فتح الله ولعلو ركزت على ثلاثة محاور : فهم الأزمة الحالية و سيناريوهات تجاوزها، ووقعها على المغرب، و ما تتيحه لليسار من إمكانيات لأخذ المبادرة في طرح البدائل. «أنا احب الأزمات، إنها وسيلة للتفكير و على التقدميين انتهاز الفرصة أو سيبقون على الهامش. احب الأزمات كسياسي لأنها تعيد الاعتبار للسياسة, فالاقتصاد يستنجد بالدولة، و لكن ليس أية دولة، الدولة الديموقراطية، أي الفاعلة و المراقبة. انها تعيد الاعتبار للاقتصادي ( العمل) على حساب الامولة (الريع) للشفافية على حساب التواطؤ» هكذا توجه المحاضر في بداية تدخله ليسترسل قائلا : «إنها أزمة كبرى، انطلقت من قلب الرأسمالية، ثم إنها أول أزمة للعولمة. لكن الرأسماليين سيتغلبون عليها، و سيكون لدافعي الضرائب أن يؤدوا الثمن. أمريكا أغمضت عينها عن البنوك ظنا منها أن القروض للطبقات ذات الدخل المحدود ( بدون ضوابط ) ستحرك الاقتصاد و الاستهلاك. و الصين هي من تشتري اليوم العجز الأمريكي في استدانة ثانية. و هذا بتبسيط ما يؤكد لنا أن العالم سيصبح متعدد الأقطاب، و بالتالي يجب أن نبحث لانفسنا عن موضع قدم». و بخصوص النتائج دائما يرى ولعلو على انه علينا الانكباب على «تمنيع البيت الداخلي عبر تنويع الاقتصاد و اقرار اصلاحات سياسية عميقة ثم الدفع بالاندماج المغاربي». «احلم منذ امد بشيئين أتمنى أن يتحققا في حياتي : داخليا وحدة اليسار و إقليميا وحدة المغرب العربي، لأن في عدم تقدمنا في كلا الواجهتين هو لصالح خصومنا. على اليسار العمل على التقارب المغاربي و أن يصبح قوة ضاغطة و أن يفكر في الإنتاج في العولمة لا الاستهلاك» يردف المحاضر. و في نفس الموضوع، طرح عبد القادر ازريع مقاربة حركات العولمة البديلة. «العولمة تأسست على مبدأ التحديد المسبق لمستقبل البشرية و مقولة نهاية التاريخ. إن العولمة اليوم في أزمة، و هذه الأخيرة هي ذات طبيعة بنيوية و مركبة ( اقتصاد، بنية، ايديولوجيا... ) يقول ازريع ليخلص إلى توصيف «المخاطر الكبرى للازمة : خطر الفقر ( تعمل العولمة على أن يؤدي الفقراء ثمن فقرهم عبر تمويل الاختلالات) خطر القمع و ظهور فاشية جديدة. للأزمات الكبرى مخرج كلاسيكي هو الحرب». و في سياق الاجتهادات الممكنة، يدعو المحاضر إلى : «العودة إلى الاسواق المحلية و العدل في توزيع الثروات و تنظيم التحول الاجتماعي عبر المواطنة العالمية و الحيلولة دون إقامة تحالف بين التيار الاصلاحي ( البرازيل، الصين .. ) و المحافظ ( الولاياتالمتحدة ) . و في ختام الندوة الأولى، دعا ولعلو إلى التفكير في «نقابة موحدة، حديثة، مستقلة عن الأحزاب و ترتبط معها في وظائف و في أرضية سياسية عامة» كما خاطب الجميع : « أيها اليساريون اتحدوا و استيقظوا». و من جانبه دعا ازريع إلى «جبهة ديموقراطية تقدمية بمشروع و أرضية مشتركة». و كان للمشاركين، و هم حوالي مائة مناضل من تنظيمات يسارية حزبية و نقابية و جمعوية و حقوقية، لقاء مع ندوة ثانية مساء يوم السبت حول موضوع « أية أفاق للعمل اليساري الموحد ؟» تناظر فيها كل من احمد العراقي، علي بوطوالة، عمر بلافريج، ابراهيم ياسين و المشتري بلعباس, و ادارها الصحفي كوكاس. كما ساهم المشاركون يوم الاحد في ورشتين حول موضوعي : «أسئلة الحركات الاجتماعية واليسار» و «نداء بوزنيقة وتجربة فضاء البيضاء للحوار اليساري ( تجربة البيضاء، أكدير....)». و خلص المشاركون الى اطلاق «نداء المحمدية من اجل ميثاق لإعادة بناء اليسار».