لم تنته ساكنة آيت إسحاق، إقليمخنيفرة، من حديثها المفعم بالاستياء والسخط الواضحين عن نزوة قائد المنطقة الذي أقدم قبل أسابيع على تجييش «كومندو» من رجال الاستخبارات والمخازنية والدرك، عن طريق معطيات زائفة، واقتحام مدرسة لتعليم القرآن الكريم، وإزالة لوحتها من بوابة المدخل، وإخلائها من تلامذتها، بطريقة مفاجئة ومثيرة لم يكن أي متتبع يتصور أن يحدث مثلها خارج حكايات زوار الليل وأخبار مخابئ الجماعات الإرهابية لحظة اكتشافها، ولم يكن غريبا أن يخلف فعل «قائد العملية» هلعا ورعبا وسط المواطنين الذين حجوا بكثافة لعين المكان لمتابعة الحدث، ومن حق الكثيرين أن يذهب بهم اعتقادهم أول الأمر إلى أن الحكاية تتعلق بعملية تصوير فيلم سينمائي بالمنطقة قبل أن يدركوا أن المشهد واقعي مائة بالمائة، إلا أن ما لم يدركه أي مراقب هو ما يتعلق بحقيقة المعايير والمبررات التي استند إليها القائد في فعلته، مع أن هناك معاهد ومدارس مشبوهة تستدعي من سلطاتنا فعلا القيام بمثل فعلة قائدنا. ولنفض ما يشكك في ما إذا كانت المدرسة المعنية مشبوهة، أوضحت مصادر متطابقة أن هذه المؤسسة التي افتتحت أبوابها قبل حوالي سنة، ببناية تبرعت بها إحدى المواطنات من نساء المنطقة، تشتغل في إطار شرعي وقانوني، وتعتبر واحدة من مبادرات «جمعية الإخلاص» التي تضم في صفوفها جماعة من المحسنين والمكونات الخيرية والتربوية، وتعمل في تنسيق تام مع المجلس العلمي المحلي بخنيفرة، وقد سبق لها أن قامت بفتح مدرسة مماثلة بالقباب، وحاليا منكبة على دراسة إحداث أخريين بتغسالين وخنيفرةالمدينة، وبالنسبة لمدرسة آيت إسحاق، والتي اختير لها من الأسماء مدرسة «بن عاشر» لدلالة ومكانة هذا الاسم في تاريخ الفقه الإسلامي المغربي، فقد فتحت أبوابها بإذن من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية في انتظار الترخيص النهائي الذي تسلمه وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في إطار القانون المنظم لقطاع التعليم العتيق، ولم يكن متوقعا أن مسؤولا في السلطة المحلية، من عيار قائد، يمكنه أن يجهل بسهولة مساهمة مثل هذه المدارس في نشر المبادئ الحقيقية للإسلام، بعيدا عن إيديولوجيات الظلامية والتشدد والتطرف التي تتفرخ على تراب المنطقة خارج تغطية هذا القائد الذي أقدم على فعلة لن ترضي في نهاية المطاف سوى «الجماعات الاسلاموية المعلومة»، وبما لا يعني غير ضربة في صميم إسلام الوسطية والاعتدال الذي ينادي به الوطن والملك لكونه المنهاج المبني على تعاليم التسامح والسلام والأمن، والخطير أن الرجل قام بفعلته رغم أن الجمعية أدلت له بإذن خاص من المندوب الإقليمي لوزارة الشؤون الإسلامية ولم يكن منتظرا أن يعتبر المندوب وقتها «رجلا لا يفهم شيئا»، بحسب مصادر متطابقة زادت فتحدثت عن تهديدات «كاتب مسؤول» بالقيادة قيل بأنه من الذين خططوا للهجمة. وفي اتصال ل«الاتحاد الاشتراكي» برئيس المجلس العلمي المحلي بخنيفرة أكد «أن الجمعية التي أحدثت المدرسة تعمل في إطار قانوني، وبشراكة فاعلة مع المجلس العلمي، وأن ما تقوم به هذه الجمعية يندرج في سياق توصيات أمير المؤمنين لخدمة القرآن الكريم. والواضح، يضيف المسؤول الديني، أن في مثل التصرف السخيف الذي قام به القائد ما يشجع على التطرف والعنف، لأن الذين تم منعهم من الدراسة والتدريس في مدرسة توافق عليها مندوبية الأوقاف والمجلس العلمي سيجدون أنفسهم لا محالة على مسالك أخرى قد تفضي بهم إلى أعمال منافية لثوابت واستقرار الوطن، أو سيقعون ضحايا الانجرار وراء قوى التضليل والفتنة»، وبينما عبر رئيس المجلس العلمي المحلي عن تخوفه الشديد من «أن تمتد يد المضايقات إلى الإسلام المعتدل نفسه»، لم يفته التذكير بأنه كان من بين الحاضرين في حفل افتتاح مدرسة آيت إسحاق التي اقتحمها القائد بتلك الطريقة «الاستنفارية» والمتأثرة إلى حد بعيد بفنون استعراض العضلات لغاية غامضة تستوجب ما يلزم من المساءلة والتحقيق.