خويا العربي، واه يا العربي، أرجو بداية أن لا تنزعج إدارة مكتب التكوين المهني وأن لا تظن أن المعني بهذه الكلمات هو السيد العربي بن الشيخ، المدير العام لمكتب التكوين المهني، فهذه الكلمات ما هي في واقع الأمر إلا مقطع من أغنية «نرجاك أنا» لمجموعة ناس الغيوان، لكن من حق هذه الإدارة أن تنزعج عند سماع كلمات،«وا حيانا ليام واللا نظام، غير الفوضى وزيد الگدام» الواردة في الأغنية ذاتها، لأنها تختزل حقيقة ما يجري بمكتب التكوين المهني من فوضى واستخفاف بالعواقب الوخيمة التي بدت تظهر كالطفح والمترتبة عن التدبير السيئ الذي طبع ما يقارب عقدا من الزمن خويا العربي، واه يا العربي، لقد تعاقب على رأس مديرية الموارد البشرية خلال الثمان سنوات الأخيرة كل من السادة «د» «ب» «و» «م» «ل» الذين غادروا بصفة نهائية مكتب التكوين المهني بعد استقالتهم أو إقالتهم، والطريف في الأمر أنه بهذه الحروف نستطيع أن نشكل كلمة «دبـلوم»، وهو من دون شك «دبلوم» في تخصص الإقالة بالاستقالة، سيغني كما وكيفا السيرة الذاتية لمن وضع هؤلاء المدراء على رأس «كرمة» الموارد البشرية ثم أنزلهم وجعلهم يغادرون ضيعة التكوين المهني بخفي حنين. وهذا العدد القياسي من المدراء كفيل لوحده بتشكيل أكبر دليل على فشل تدبير الموارد البشرية لمكتب التكوين المهني، وما تنصيب السيد «ح» أخير على رأس هذه المديرية و تثبيت السيد «ج» في مهمته «كجوكير» متخصص في صنع القرارات الكفيلة بجلد التكوين المهني (وهما حسب ما يروج من ذوي القربى) إلا دليلا آخر على عمق الفساد المستشري في هذه المديرية، إنه الفشل الذي تجسد أساسا في: - فرض قانون أساسي جديد، خلف استياء عاما لدى المستخدمين، إذ أثبتت الست السنوات التي مرت لحد الآن على تطبيقه أنه وضع من جهة أولى على مقاس ديناصورات نقابة الاتحاد المغربي للشغل ليستفيدوا من الترقي من جديد بعدما استنفدوا ما كان يتيحه لهم القانون القديم، ومن جهة ثانية لتمكين الوافدين الجدد من الأقرباء والمقربين من وضع إداري مريح يأخذ بعين الاعتبار أقدمية عملهم قبل التحاقهم بمكتب التكوين المهني (البند 10) وهو الشيء الذي لم يستفد منه مستخدمو المكتب، ومن جهة ثالثة لتطبيق سياسة التشغيل بالتعاقد المؤقت المحدد المدة، لمن لا قريب ولا ولي له. - فرض كوطا 50% للترقي بالسريع في الرتبة من دون أي مبرر قانوني، وتدبير هذا الترقي من دون احترام لما هو منصوص عليه في دليل المساطر، كآجال التنقيط السنوي و إجراء المقابلة مع المستخدمين و تمكينهم من حقهم في الاطلاع على النقطة لإدارية. - وضع التأمين الصحي لمستخدمي المكتب بين كفي عفريت، إذ تم رهنه عند شركات تأمين خاصة، والمقابل قد يكون منافع خاصة، لله وحده العلم بها، فبعد التجربة الفاشلة مع شركة «وفا تأمين» قررت مديرية الموارد البشرية ارتكاب نفس الزلة بالتعاقد مع شركة «سينيا» من دون الاستئناس برأي المستخدمين الرافض للتعاقد مع شركات تأمين خاصة. ويكفي الإشارة إلى أن الكثير من ملفات التعويض المودعة لدى شركة «وفا تأمين» ما زالت مجهولة المصير وأنه رغم مرور حوالي أربعة أشهر على الانخراط في شركة التأمين الجديدة مازالت بطاقات الانخراط لم تسلم إلى أصحابها - التواطؤ المكشوف مع «النقابة الميلودية» وشراء صمتها بالموافقة على تمديد مدة العمل بعد سن التقاعد لأحد مسؤوليها الذي كان أولى بمديرية الموارد البشرية فتح تحقيق دقيق فيما قيل ويقال عن تسييره لإحدى أهم المؤسسات التكوينية بمدينة الدارالبيضاء. وسيتعمق هذا التواطؤ بعد صدور المذكرة المنظمة لانتخابات ممثلي المستخدمين في حظيرة اللجان الثنائية التي ستجرى يوم 15 ماي 2009 حيث امتنعت مديرية الموارد البشرية عن اتخاذ الإجراءات الضرورية ليتم التصويت عن طريق الاقتراع السري المباشر و آثرت التلكؤ كعادتها متذرعة بالعذر الذي يبيح التصويت السري عن طريق المراسلة، وفي هذا انحياز مفضوح لنقابة الميلودي لتستغل الفترة الفاصلة مابين تاريخ تسليم ظرف التصويت وتاريخ إرساله (ما بين 02 ماي و12 ماي) لتجنيد منعدمي الضمير من أتباعها لجمع الأظرفة عن طريق الترهيب والترغيب والتصويت نيابة عن المعنيين بالأمر. خويا العربي، واه يا العربي، إن المتمعن في الإعلان مؤخرا عن تكوين مليون متدرب في أفق 2009 -2015 ، من دون التساؤل إن كانت الغاية من التكوين المهني الملقن حاليا بالمؤسسات التكوينية منسجمة مع الغاية الكبرى لنظام التربية والتكوين التي تتوخى منح الأفراد فرصة اكتساب القيم والمعارف والمهارات التي تؤهلهم للاندماج في الحياة العملية ومن دون أي تقييم موضوعي لنتائج هدف سابق كان يطمح إلى تكوين 400 ألف متدرب ما بين 2002 - 2008، سيلاحظ أن تحولا ما حدث في علائق وبنيات التكوين المهني، حيث أصبح عقل الحساب والتكنيك متحكما في كل ميكانيزماته لدرجة أصبح معها مكتب التكوين المهني من خلال شعاره المركزي « تكوين أكبر عدد من المتدربين بأقل التكاليف» أشبه بمستودع يوضب فيه حاملو شواهد التكوين، كما توضب السلع المهربة لتباع في السوق السوداء بأثمان بخسة. ليس في نيتي مما سلف التقليل من أهمية الجهود المبذولة للنهوض بقطاع التكوين المهني أو التشكيك في أرقام النتائج المحصل عليها بالمنطق المحاسباتي لإدارة المكتب، ولكن أريد فقط أن أتساءل عن مدى جدوى هذه الأرقام إن كان المرء مثلا لا يجد تفسيرا لـ: - الإعلان عن زيادة أفواج وخلق شعب جديدة، ليتم التسويف في إيجاد المكون والتجهيزات الضرورية والمواد الأولية ويلجأ إلى التكوين بالتناوب كمخرج من هذه الورطة. - التخلي عن نظام التوجيه الذي وضعت لبناته الأولى في سنة 1989 بخبرة كندية، نعم لقد عانى نظام التوجيه من اختلال في وظيفته وكان المطلوب إصلاحه لا هجره، فبدونه لا يمكن لقائمة التكوين أن تستقيم. فالتوجيه المهني مبني على نظم مدروسة وكل تخل عنه هو تخل عن مسؤولية جماعية ونشاط تتفاعل فيه انتظارات كل المعنيين من متدربين ومكونين وإداريين، ويكفينا الاستشهاد بما جاء في ميثاق التربية والتكوين من تنصيص على أن التوجيه جزء لا يتجزأ من سيرورة التربية والتكوين بوصفه وظيفة للمواكبة وتسيير النضج والميول وملكات المتعلمين واختياراتهم التربوية والمهنية. - تصفية جهاز المراقبة التربوية ومحاولة التغطية على ذلك بتكليف مكونين للقيام بالمراقبة التربوية كمهمة إضافية، كل ذلك بطرق ملتوية وفي إطار عملية اكتنفها الكثير من الغموض، وفي هذا قمة العبث، لأن ما يندس وراء هذه الجرعة الإضافية لبعض المكونين ليس الهدف منه تحويلهم إلى مؤطرين تربويين وإنما بصريح العبارة تحويلهم إلى مخبرين يزودون الإدارة بتقارير دورية عن زملائهم تحت يافطة «وشهد شاهد من أهلها» - وأد مقاربة التكوين بالكفايات، هذه المقاربة التي أخذت من وقت وميزانية المكتب الشيء الكثير لتجد نفسها في آخر المطاف في سلة المهملات بعيدة كل البعد عن الأهداف المؤسسة لها والمتمثلة أساسا في تمكين المؤسسات التكوينية من إستراتيجية تنظيمية وبيداغوجية وبرامج تكوينية كفيلة بجعل المكونين يشتغلون بوسائل ديداكتيكية متطورة تمكن من الاستغلال الجيد للموارد المنصوص عليها في برامج التكوين بهدف جعل المتخرجين قادرين على انجاز المهام الموكلة لهم داخل المقاولة. إن وضع المكتب لمسافة شاسعة بينه وبين هذه المقاربة يتجلى واضحا في اعتماده على برامج تكوينية أصبحت تكيف مضامينها مع ساعات عمل المكون السنوية بشكل ميكانيكي يسمح بتطبيق قاعدة مكون واحد لفوج واحد وفي بعض الأحيان لفوجين اثنين عن طريق التكوين بالتناوب من دون مراعاة لما تتطلبه الكفايات من اكتساب للمعارف، ناهيك عن تغييب شبه تام للوسائل المادية، فبالأحرى استغلالها الجيد. وليس غريبا أن تكون هيئة التكوين تعيش حاليا أسوأ مراحلها وهي تضم بين عناصرها مكونين متعاقدين لم يخضع أي أحد منهم لأي تدريب مهني أو بيداغوجي بالمكتب ، والأسوأ من ذلك أنه يطلب منهم الاشتغال لمدة 36 ساعة في الأسبوع وتلقين المتدربين عشرات الوحدات التكوينية منها وحدات هم في حاجة ماسة إلى من يكونهم فيها. - سن نظام امتحانات فريد من نوعه: لقد طرأت عدة تغييرات على نظام الامتحانات في السنوات الأخيرة، إذ أصبحت مديرية هندسة التكوين هي المتحكم الوحيد في هذا النظام، ومن دون الدخول في تفاصيل الأخطاء المخجلة التي تتضمنها بعض الامتحانات من سنة إلى أخرى وإثقال كاهل الممتحنين في زمن قياسي بمواضيع متعددة في الشقين النظري والتطبيقي، سنكتفي بالإشارة إلى أن هذا النظام الذي حددت نسبة النجاح فيه من خلال مذكرة صادرة عن الإدارة في 80 % أصبح أشبه بمعصرة تعطي نتائج عكسية أي %20 منتج صاف و %80« ديشي» مما أصبح يحتم تدخل الإدارة كلما دعت الضرورة لتغيير النتائج الحقيقية المحصل عليها بهدف معالجة «الديشي» وجعله ممكن التسويق وذلك بالإقدام على تغيير جداول التنقيط لتصبح نتائجها مستجيبة مع الهدف المسطر من طرف عقل الحساب والتكنيك، الشيء الذي يفرغ الامتحانات من محتواها وأهدافها، لكن كثيرا ما ترتبك الحسابات ولا تقو المعدلات على الارتفاع، الشيء يقود غالبا إلى فضح المستور. خويا العربي، واه يا العربي، إن ما تراه إدارة مكتب التكوين المهني خطا مستقيما، سيراه حنظلة الراغب في ولوج إحدى مؤسساتكم خطوطا متقطعة، مبعثرة ومتشابكة مشكلة لمتاهة لن يعرف المسكين نقطة بدايتها من نهايتها، وسيعود من دون شك إلى بيته بخفي حنين وهو يردد «أنا حنظلة المغربي، أشهد بأن لا علاقة لي بالمدعو التكوين المهني، لا من قريب ولا من بعيد والله على ما أقول شهيد» خويا العربي ، واه يا العربي ، وكأني أسمع المزمار والدف ومكتب التكوين المهني يغني - فين غادي بيا أخويا - فيـن غادي بيـا - دقـة تابعة دقــة - شكون يحد الباس