أوضح فتح الله ولعلو نائب الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أن الوضع المتقدم الذي أحرزه المغرب داخل الإتحاد الأوربي، كان نتيجة للإصلاحات التي انخرط فيها في عدة مجالات، خاصة تلك المرتبطة بحقوق الإنسان، حيث أن الأوربيين يعتبرون المغرب مختبرا متقدما في هذا المجال. وأضاف ولعلو في عرض ألقاه في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر 24 لصحفيي الضفتين المنعقد بمدينة تطوان أنه بالإضافة إلى هذه الإصلاحات التي مكنت المغرب من توسيع آفاق التعاون بينه وبين الإتحاد الأوربي هو أن هذا الأخير يرى في المغرب بلدا تعدديا، سواء على المستوى السياسي أو الجمعوي أو الاقتصادي، وعادة التعددية تساعد على الإصلاحات، ومن ثم فتح نقاش حول طبيعة الوضع الذي يمكن أن يعطى للمغرب داخل الإتحاد الأوربي وهو وضع فهم منه بأنه أكثر من الشراكة وأقل من العضوية، الشيء الذي لم يكن سهلا و بالتالي وقعت الاتفاقية يوم 16 أكتوبر 2008 بمناسبة التئام مجلس الشراكة الذي يجمع المغرب بالإتحاد الأوربي. حسابات هذه الاتفاقية، يقول فتح الله ولعلو، تتجلى أولا في تسريع وتيرة الشراكة في جوانبها الثلاثة، السياسية والاقتصادية والثقافية وكذا دعم المسار الديمقراطي بالمغرب وتحديث اقتصاده في ارتباط مع محاربة الفقر بالتضامن الاجتماعي والاهتمام بالتنمية البشرية. كما أن الإصلاحات في قطاع العدل عندنا مرتبطة أيضا بهذه الأشياء. الشيء الجديد في هذه الاتفاقية الأخيرة حسب ولعلو هي أنها نصت على التعاون في المجال السياسي، ومساهمة المغرب في العمليات الأوربية وتدبير الأزمات وتقوية الحوار السياسي في القضايا الأساسية التي تهم العالم، خاصة في منطقة البحر المتوسط والقضية الفلسطينية. وهذا ما حدا بالمغرب لأن يلعب دورا مهما في الدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، كما نصت هذه الاتفاقية على ضرورة تنظيم لقاءات منظمة بين وزير الخارجية المغربي ووزراء الخارجية الأوربيين، و لقاءات بين ممثلي القطاعات الحكومية وإحداث لجن برلمانية مختلطة، مع تطوير العلاقات بين الأحزاب في أوربا والمغرب. كل هذه المعطيات جعلت المغرب أول بلد يستقطب الإمدادات الأوربية رغم أن البلدان المتوسطية الأخرى لم تجن النتائج المنتظرة، متسائلا لماذا ؟الإجابة عن هذا التساؤل دفعت المتحدث إلى استحضار مرحلة أواسط التسعينيات التي عرف توجيه رسائل من طرف المغرب، مفادها انه سينخرط في التوجه الإصلاحي: إصلاح الدستور، إصلاحات ديمقراطية، مدونة الأسرة والمصالحة مع الشمال الذي كان مهشما، المصالحة مع الماضي، إضافة إلى إصلاحات اقتصادية ومالية وهو ما مكن المغرب من إمدادات أوربية أخرى طالما انه سائر في برامج الإصلاحات، لكون هذه الأخيرة مرتبطة بدعم الإتحاد الأوربي ومع ذلك فإن النتائج المتوخاة من هذه الاتفاقية لم تكن كما أرادها المغرب لاعتبارات حددها فتح الله و لعلو في ثلاثة عوامل : العامل الأول متعلق بوتيرة النمو الأوربي الذي كان دون وتيرة النمو بالنسبة للبلدان الأسيوية، وبالتالي الوضع الاقتصادي والمالي الأوربي لم يكن بالشكل الذي كان منتظرا. والعامل الثاني مرتبط بالشرق الأوسط، خاصة بعد التدخل العسكري للولايات المتحدة في العراق و أفغانستان والعامل الأخير هو انخراط دول أوربا الشرقية سابقا في منظومة الإتحاد الأوربي، وهو ما جعل الأوربيين يهتمون أكثر بهذه الدول على حساب بلدان البحر الأبيض المتوسط. كما أن جمود مشروع اتحاد المغرب العربي ساهم بدوره في هاته النتائج رغم المحاولات التي بذلت كإنشاء مقاربة 5 +5 . وبالرجوع إلى الاتفاقية التي بموجبها حصل المغرب على هذا الوضع المتقدم، قال الأستاذ و لعلو إن هناك تعاونا بين الجهتين لتفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، وهي توصيات مغربية تهم الدستور والسياسة وحقوق الإنسان والأوربيون دعموها ، إضافة الى مصاحبة المغرب في حماية حقوق الطفل والمرأة وتطوير التشريع المتعلق بحق اللجوء، وتمكين المغرب من الانخراط في اتفاقية المجلس الأوربي في مجال القضاء والمجال الاقتصادي..كل هذا يتوخى منه الأوربيون إدماج المغرب بشكل تدريجي داخل السوق الداخلية الأوربية، وهو ما سيمكن المغرب من الوصول إلى اتفاق لتحرير المبادلات بشكل معمق، أي في كافة الصناعات. ويبقى الأهم في نظر المحاضر هي الصفقات العمومية التي يجب أن تخضع لضوابط الشفافية وكذا الدفاع عن حقوق الملكية الثقافية وحركية المال والتنمية المستدامة وكل ما يرتبط بهذا المجال من قضايا بيئية وغيرها. وبالنسبة للعلاقات مع الجارة الإسبانية، أشار ولعلو الى أنه خلال السنوات الماضية تقوت العلاقة التجارية مع إسبانيا وأصبحت شريكا أساسيا بالنسبة للمغرب وهذا جزء من الاتفاقية مع الإتحاد الأوربي، مشبها القرب الجغرافي بين المغرب وإسبانيا بدلالة المثل المغربي «الجار قبل الدار». وكان ولعلو في مستهل عرضه قد وقف عند المسار التاريخي للعلاقة بين المغرب و الإتحاد الأوربي، معتبرا أن ستة 2009 هي سنة حاسمة في كثير من الأشياء، باعتبار أنها تصادف الذكرى الأربعين لأول اتفاقية شراكة بين المغرب والمجموعة الاقتصادية الأوربية المشكلة من ست دول أنذاك، وهو ما يفرض علينا الاستمرار في برامج الإصلاحات. ولم يخف فتح الله ولعلو في بداية عرضه تأثره بالحضور المتواجد في المؤتمر لتكريم أحد العلماء الذين أعطوا للفكر وتاريخ المغرب، ويتعلق الأمر بالأستاذ بن عزوز حكيم، معتبرا اختيار الجمعية المغربية للصحافة لتكريمه اختيارا طبيعيا لإعادة الاعتبار لمن أسدوا خدمات للفكر وللأجيال وهؤلاء سيظلون دائما مرجعا تاريخيا لبلدنا.