تحويمة خفيفة غير متخصصة حول التقرير السنوي الصادر عن المنظمة العالمية للملكية الفكرية برسم سنة 2008 تكشف هول الصدمة، وتعري حجم خيبة الأمل العربية على أكثر من صعيد، حتى أن الفرد من هذا التجمع الاستعرابي والمستعرب الذي يغطي جزءا من صحراء الله الشاسعة نفطا ودولارات، يغدو مثل ثور هائج لا يقوى على السير دون ان يرتطم، إذ مع التقرير الجديد، تبخر من جديد مأمل التحديث والتقدم، وتلاشى مطمح المشاركة العربية المأمولة في صياغة وتشكيل مصير العالم مع رياح لا شرقية ولا غربية إلى أجل غير مسمى. وهذه أسباب النزول: ففي وقت حافظت فيه الدول الصناعية الكبرى على وتيرتها المتصاعدة في تسجيل أعداد كبيرة من براءات الاختراع، حيث تقدمت اليابان ب28774 براءة اختراع خلال السنة التي ودعناها، تلتها ألمانيا في المرتبة الثانية ب ((18428 ثم فرنسا ((6867 فبريطانيا ((5517 وهولندا ((4349 والسويد ((4114 وسويسرا ((3832 ثم كندا ((2966 وإيطاليا ((2939 وفنلندا ((2119 فأستراليا ((2028، اكتفت أمة إقرأ «ياحسرتاه» بذيل القائمة جريا على ديدنها منذ عشرات العقود. إذ حصلت الدول العربية مجتمعة على 173 براءة اختراع في عام واحد، هذا من غير الدخول في تفاصيل البراءات تقنيا وعلميا، في حين سجلت إسرائيل العدو التاريخي للعرب والمسلمين وحدها رصيدا يصل إلى 1882براءة اختراع، فيما أودعت تركيا الحليف المسلم الاستراتيجي لإسرائيل في المنطقة 367 براءة . لا ندري من أية زاوية يمكن قراءة الأرقام الواردة من هذه المنظمة العالمية، وتلمس حقائقها الصادمة، فالعرب على ما يبدو استساغوا «المؤخرات» واستطابوا المراتب الدنيا في كل شيء، مما يفتح مجال التأويلات واسعا حول ما إذا كان هناك من يريد من الحكام العرب الإصرار على البقاء دائما في ذيل القوائم، لأسباب لا يعلمها إلا الراسخون في الحكم . 1 - هل غياب روح الانتماء للوطن هو ما يفقد العرب براءات اختراعاتهم ؟ 2 - هل من دور للحكومات العربية في القيام بتشجيع الابتكار، وتحفيز الباحثين والمبدعين من خلال سن إستراتيجية شاملة ومنسجمة بدء من تعليم متطور مرورا بسياسة اجتماعية واضحة المعالم نحو عدالة تحفظ كرامة العربي، وتصون إنسانيته ؟ هل من سياسة واضحة المعالم تعنى بالعلماء، وتحفز الباحثين منهم، وتهدف إلى نسج فلسفة ناجعة تخرج البحث العلمي من أفقه الضيق خارج عنق الزجاجة، حتى تقف أمة إقرأ على مشارف الركب، حتى لا نقول المساواة مع أحدث التطورات والاكتشافات العلمية ؟ فرانسيس غاري، المدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية صرح للجزيرة نت قائلا:«من المعروف تاريخيا أن الأزمة الاقتصادية تؤثر على الاستثمارات في البحث العلمي والابتكار»، لكنه في الوقت نفسه، يرى أن الأزمات «يمكن أن تلعب دورا محفزا على الابتكار والإبداع، حيث تخلق فرصا للتجديد الاقتصادي والوقوف على القضايا العالمية الملحة مثل التغييرات المناخية». فهل يمكن أن تلعب الأزمات الاقتصادية والسياسية التي يتخبط فيها العرب اليوم حتى النخاع دورا محفزا على الابتكار والإبداع، حيث تخلق فرصا للتجديد السياسي الثقافي والإقلاع الاقتصادي والوقوف على القضايا الحقيقية الملحة والناجعة لتفعيل وتنشيط متطلبات التنمية البشرية الحقيقية في الوطن العربي ؟ وأخيرا ،إلى متى يظل العرب «أعمق نوما وأعتى شخيرا»؟ إسرائيل اللقيطة أو.. لنغدق عليها من الألقاب الدنيئة كما نشاء، وكما تكشف عن ذلك معظم التقارير الإستراتيجية الدولية، هي الدولة الأولى في العالم في مجال النشر العلمي مقارنة بنسبة السكان، فعدد العلماء الناشرين للبحوث العلمية في هذا الكيان اللقيط بكل مرارة 711 % لكل عشرة آلاف نسمة، فيما نسبة أمريكا دركي العالم الأوحد لا تتجاوز 10 %، حسب دراسة ميدانية نشرت مؤخرا ، ولكي لا يكون كلامنا مرسلا، فإن في كل روض للأطفال في الدولة العبرية حاسوب لكل طفل، وطبعا لا قياس مع وجود الفارق، أما عدد مستخدمي الإنترنت في بلد «أحفاد القردة والخنازير» فهم خمسون ضعفاً بالنسبة لمستخدميه من العرب، أما نسبة الكتب المترجمة من لغات العالم إلى العبرية فتصل إلى 100 كتاب لكل مليون إسرائيلي، فيما لا تتعدى 3 في العالم العربي «ثلاثة كتب» فقط لكل مليون عربي!. لنتأمل الفاجعة .