القليل من المواطنين يعرف أن هناك لعبة يتقنها بعض العمال والولاة بمجموعة من المدن والأقاليم على امتداد المملكة... القليل منهم يعرف أن الرخص الاستثنائية والمخولة لعمال جلالة الملك أصبحت لعبة مربحة في يد البعض. تدر عليه الملايين وتفتح له أبواب عالم العقار على مصراعيه... القليل من المواطنين يعرف بأن القانون خول لعمال وولاة صاحب الجلالة أن يصدروا رخصا استثنائية للبناء من أجل إنعاش سوق العقار، ومن أجل دفع المنعشين العقاريين لأن يساهموا في تجهيز وبناء مجموعة من المرافق الاجتماعية مقابل تراخيص استثنائية للبناء إن بزيادة طابق أو طابقين أو بتقليص المساحات الفارغة، وتسهيلات أخرى تقنية لامجال للحديث عنها هنا. لعبة الرخص الاستثنائية حولت المنعشين العقاريين إلى منعشين من نوع آخر، انتعاش تتلوه نشوة خاصة لبعض العمال والولاة، والنتيجة التحلل التام من الالتزامات المتفق عليها بين العمالة والولاية والمنعش العقاري، والنتيجة في نهاية المطاف تشوه عمراني وكثافة سكانية مقابل نقص في المرافق الاجتماعية . إنها لعبة الرخص الاستثنائية والتي تفعل فعلتها في جل المدن المغربية، لعبة أصبح مجموعة من الولاة والعمال يتقنونها جيدا إلى درجة أنهم أصبحوا خبراء في إيجاد التخريجات المناسبة لجعل المنعش يتحلل من التزاماته ، ينتعش وينعش في آن واحد. منهم من يفضل الانتعاش عقاريا وآخرون يفضلونه ماليا، لكن من دون ترك أي أثر. فلامجال للحديث هنا عن الشيكات. فالأكياس البلاستيكية السوداء (الميكا الكحلة ) تخفي المبالغ المالية المتفق عليها! الأمر لايحتاج إلى توضيح أو تبيان فالرائحة أقوى من أن تحجبها (الميكا الكحلة) أو تختفي مع تعدد أسماء ملاك العقارات الجدد للتمويه. الأمر يحتاج إلى إرادة سياسية لقطع الطريق على هؤلاء الذين ينتعشون من كل مقاول ومنعش عقاري، الأمر يحتاج إلى «من أين لك هذا؟». سؤال بسيط للغاية يطرح على المسؤول و زوجته وأبنائه وأحفاده وأصهاره وأصدقائه وخلانه، سؤال لن يجرؤ على الإجابة عنه من دأب على الانتعاش مع كل مشروع، ومع ذلك فقانون المفاضحة يمكن أن يقوم بالمطلوب في المحافظة العقارية ولو بعد سنوات لمعرفة تسلسل ملاك الأراضي والعقارات. إنها لعبة الإستثناء التي تحرم المواطنين من مرافق اجتماعية وتجهيزات ضرورية ، وتحول الإقامات إلى غيتوهات سكنية ذات كثافة سكانية مرتفعة. ولمن أراد معرفة التفاصيل، فليقم بزيارة إلى المشاريع المنجزة أو تلك التي في طور الإنجاز من الدارالبيضاء إلى وجدة، وليطلع على كناش التحملات والتسهيلات الممنوحة إلى المنعش العقاري وليقارنها مع ما التزم به «إن أنجزه بالفعل!» ليدرك حجم الانتعاش الحقيقي الحاصل.