«عربي الركن» Arabe du coin اسم يطلقه الفرنسيون على صاحب حانوت المواد الغذائية، الذي ينتمي الى احد البلدان المغاربية ، وجزء كبير منهم ينتمي الى المغرب .بعد الهيكلة والتحديث الذي عرفته صناعة السيارات بفرنسا امتهن العديد من قدماء العمال هذه الحرفة،في البداية بفعل الضرورة واليوم اكتشفها عدد من الشباب من اصل مغاربي بعد ان أغلق في وجه بعضهم سوق الشغل . هذا الكتاب يقدم لنا عدد من هؤلاء الباعة وعن الدور الذي يقومون به داخل مجتمع فرنسي يعيش فيه العديد من الأفراد العزلة خاصة الشيوخ والعجزة.وهذا العمل تحقق بتضافر جهد صديقين أليكسي غو يث بيزيو الذي يعتبر هذا العمل أول كتاب له وطوماس هينرييو مصور.هكذا جاء هذا الكتاب عبارة عن ألبوم صور تصاحبه تعليقات عن حياة هذه التجارة الخاصة بباريس. تعرفت على الكسيس رو دو بيزيزه وطوماس انريو الكاتب والمصور عندما استدعاهما مجلس الجالية المغربية بالخارج الى المعرض الخامس عشر للكتاب لتقديم الكتاب،واشرفت على هذا اللقاء نجاة عزمي عضوة المجلس التي قدمت الكتاب للمتتبعبن وابرزت الدور الكبير الذي يقوم به اصحاي هذه التجارة بفرنسا والعدد الكبير للمغاربة بينهم. بالنسبة للكتاب فإن الدور الاجتماعي الذي يقوم به صاحب الحانوت العربي في المجتمع الحضري الفرنسي في المدن الكبرى هو امر جد أساسي .خاصة في مجتمع فقد التبادل والحرارة في العلاقات الاجتماعية والانسانية. وهذه الحوانيت التي تشكل فضاءا للقاء الاجتماعي بين مختلف الفئات من المتشرد الى العازب او المتقاعد والعائلات وهو فضاء لعلاقات لم تعد تتيحها المراكز التجارية الكبرى،والنوادي الرياضية والثقافية التي تغطي كل التراب الفرنسي. وفضاء الحانوت هو مكان للبوح بالإسرار واللقاء ،خاصة ان البائع هو الأخر يعرف ما هو معنى العزلة لأنه اتي من بلاد بعيدة وتم اقتلاعه من اسرته وفضائه ليعيش بعيدا عن كل أقربائه. لكن ما يميزهذا الكتاب هو شخصية ادريس المتميزة والتي لا تتركك دون ان تهتم بهذا المسار الخاص ،وهو مغربي حاصل على دكتوراه ويقوم بادارة محل لبيع المواد الغذائية بباريس. عمله هذا بالتجارة يمكنه من متابعة القراءة اليومية وكتابة روايته .هذا بالإضافة الى ادارة تجارته والاهتمام بزبنائه الذي يعاني جزء منهم من الوحدة والعزلة .لان هذا المهنة كما ذكر صاحب الكتاب لا تقتصر على العلاقة التجارة بل حرارة العلاقات الإنسانية وهذا الدفئ الإنساني الذي يوفره صاحب المحل التجاري.كما ان ادريس يحكي عن علاقاته وصداقاته في الحي واللقاء حول وجبة طعام او من اجل شراب كأس. هذا الكتاب يرسم مسار عدد من اصحاب محلات التجارة الغذائية بباريس منهم علي لمدوغي الذي اصبح شخصية عمومية منذ ان تم تصوير فيلم «أميلي بولان» بمحله واصبح اللقاء معه لا يتم الا بعد طلب موعد مسبق خاصة انه سيتم قريبا تصوير الجزء الثاني من الفلم بمحله التجاري .واصبح السائحون يأخذون صورا امامه ويتبضعون منه تبركا بالفلم. اما الحسين فيحكي عن مشاكله لعائلية والعلاقة المتوثرة مع الزوجة كما ان اخوته واخواته لا يحبون زوجته الرابعة . وعن وضعيته الصعبة فقد تم مهاجمة محله وسرقته خمسة مرات .العربي يحكي مشكلته في تحديد الاسعار، وعدم احترام الاسعار التي يحددها وكيف يطب منه الزبناء دائما تخفيض الثمن. لحسن يحب الكذب ويتحدث وكأنه صاحب المحل في حين هو مجرد عامل عند صاحبة المحل التجاري .ويبدأ حديثه مع الكاتب بمطالبته بتعويض من أجل حكاية قصته ومساره في هذا العمل . هذا الكتاب له أهمية خاصة لأنه يتناول جزء من نشاطات الهجرة التي لا يتم إعطاؤها أي اهتمام رغم إنها تلعب دورا اقتصاديا واجتماعيا بل إنسانيا من خلال الحرارة في العلاقات التي توفرها بالإحياء التي تتواجد بها بعد ان قضت المراكز التجارية الكبرى على كل هذا النسيج التجاري.