مرة أخرى يفعلها أردوغان و ينسحب في خطوة شجاعة من جلسة النقاش التي جمعته بقاتل الأطفال شمعون بيريز بالمنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس، بعدما منع من اخذ حقه في الرد على مزاعم الرئيس الإسرائيلي الذي ظل يردد اسطوانة براءة الكيان الصهيوني من دماء 1300 شهيد سقطوا في عدوان غاشم أكثرهم من الأطفال و النساء و الشيوخ و ترك جرح و مآسي لمليون و نصف المليون غزوي ممن صارعوا العدوان بوسائلهم الخاصة جدا، هو إذن موقف إنساني أكثر منه سياسي و رسالة حضارية لكل الأصوات التي تنادي بالحق في الحياة و في العيش بأمن و سلام و لم يستطيعوا حتى إعلان موقف يليق بهم و بمن يمثلونهم، و إشارة قوية لا لبس و لا شبهة فيها لكل المفاوضين الذين لا زالوا يحنون إلى الأرائك المريحة و الصالات المكيفة و مصافحة الصهيانة أمام شاشات التلفازات العربية و العالمية بالانتفاضة الأخلاقية و أخذ موقف مشرف تحفظه لهم الأجيال القادمة التي تنامى لديها الشعور بالكراهية اتجاه إسرائيل و كل من يساند اطروحاتهم الصهيونية الإجرامية ، فالموقف هنا موقف قوي كان له الأثر الايجابي لدى جماهير امتنا العربية و الإسلامية و ليس بغريب أن يستقبل رئيس وزراء تركيا استقبال الأبطال و ليس بغريب أيضا أن ترفع صوره في التظاهرات التي جابت أضخم شوارع العواصم العربية و العالمية ، فالموقف إنساني،أخلاقي و سياسي انتصر لكل الشهداء و الجرحى و تجاوز إلى حد كبير كل المواقف التي أعلنها الزعماء العرب ،فلا مواقف الشجب و الإدانة و لا حتى التبرع بالدم كانت سببا في وقف العدوان و في لجم العدو الصهيوني الذي استباح غزة بكل فضاءاتها التربوية،الدينية، الرياضية، الخدماتية و حتى الثقافية،فاردوغان بموقفه المشرف هذا أعلنها صراحة أن لا احترام للقتلة و لا تقارب معهم فما يقوله الصهاينة في المنتديات الدولية و في المنتجعات العربية و في المفاوضات السرية و العلنية جسدته آلتها العسكرية بمختلف أصنافها و سطرت تفاصيله الدقيقة على جثة الشهداء و أجساد الجرحى تشهد به كلامات الطفل لؤي و الطفلة جميلة، العنوان الصارخ للهمجية الصهيونية و للتخاذل العربي المخزي،فنحن نريد أن تكون مواقفنا في مستوى الإجرام الصهيوني ، لا نريد من الزعماء العرب أن يكونوا «اردوغانيين» نريدهم فقط أن يكونوا إلى جانب أبناء شعبنا في فلسطينالمحتلة ليس بالدعم المالي فحسب و إنما بمواقف سياسية قوية ناجعة تتخطى كل المواقف المعلنة حتى الآن و ترقى إلى تطلعات شعوبها،فالحرب المعلنة على قطاع غزة لا تزال مستمرة حتى و إن أوهمونا بتهدئة لم تحترمها إسرائيل فيما مضى من التهدئات، فإسرائيل هي الشيطان الأكبر ، هي الخطر الذي يتهدد وجودنا كعالم عربي و إسلامي أعطى إشارات قوية لتجسيد سلام عادل و شامل على مدى عقود من الزمن لم يقابله في الاتجاه الآخر سوى ابتزاز سياسي ، توسع استيطاني ،سلب للأراضي، تهويد كامل للقدس و الأخطر من كل هذا تواصل مسلسل القتل و التقتيل بشكل لم يسبق له مثيل في التاريخ المعاصر،فالحرب المتواصلة على أبناء شعبنا في فلسطينالمحتلة و محرقة غزة خير دليل على نوايا إسرائيل الحقيقية التي لا تفاوض إلا بالدم و لا شيء غير الدم حتى و إن أبيد شعب بأكمله، فالمشكلة اليوم ليس في مشروع المقاومة كما يروج له البعض من قياداتنا السياسية على مستوى لبنان و فلسطين، المشكلة الحقيقية في الاحتلال الصهيوني و جرائمه اللامنتهية التي تخطت كل الحدود و الخطوط. استمر العدوان لأزيد من 22 يوما وعلى جميع الجبهات البحرية، الجوية،البرية، الدبلوماسية و حتى الإعلامية ولم نجد موقفا موحدا و شجاعا يقول لإسرائيل كفى قتلا و تدميرا و استهتارا بمبادراتنا العربية للسلام سوى من خراج الدائرة العربية في فنزويلا و بشكل قوي في تركيا التي أبان سياسيوها عن موقف موحد جدير بتضحيات إخواننا في فلسطين و بالأخص أبطال غزة الصامدين، هي ذي المفارقة الحزينة التي أسقطت أقنعة بعض الدول العربية التي لم تتحرر من التبعية السياسية لأمريكا و ضلت رهينة الاملاءات الأمريكية، فخرج علينا من يدين المقاومة و من يجرمها و يحملها مسؤولية العدوان و من يرفضها قطعيا كما هو حال قيادتنا الفلسطينية، لأنها في نظرهم لن تحقق النتائج المرجوة وكأن ما قطعناه من أشواط بدءا من اوسلو و خارطة الطريق و انتهاء بانابوليس هو من سيحقق السلام و يأتي بالدولة المنتظرة. و إلى موقف آخر نقولها، شكرا اردوغان.