تعرض يوميا بجلسات الجنحي على مستوى المحكمتين الابتدائية والاستئناف بولاية الدارالبيضاء، أكبر نسبة ليس فقط من الملفات عادية التي يكون فيها المتابعون في حالة سراح، أوتلبسية التي يكون فيها المتابعون معتقلين ولكن كذلك الأطراف والشهود، خاصة عندما يتعلق الأمر بنزاع بين الجيران. هذه الكثرة في الملفات، وفي البشر، تشكل عملا مرهقا ليس فقط بالنسبة لهيئة كتابة الضبط التي يستقبل أعضاؤها المتقاضين وذويهم عند قدومهم للمحكمة للسؤال عن مآل قضيتهم، ولكن كذلك بالنسبة لأعضاء النيابة العامة الذين يحسبون على رؤوس الأصابع، والذين رغم توزيعهم اليومي بين استقبال المحاضر والملقى القبض عليهم واستنطاقهم، وإعداد محاضر والحضور للجلسات، واستقبال بعض المتقاضين المحالين عليهم من طرف وكيل الملك، فإن بعضهم الآخر يحضر الجلسات ويبقى مع كتاب الجلسات حتى توقيع محاضر الإيداع بالسجن في ساعة متأخرة من نفس اليوم، خارج أوقات العمل الإدارية . كما أن القضاة الذين يدرسون الملفات، ويستمعون للأطراف والدفاع والشهود ، يعانون جراء استمرار عملهم خارج المحكمة وفوق الوقت القانوني للعمل، حيث يضطرون لحمل الملفات معهم لمنازلهم لتحرير الأحكام على حساب راحتهم والاستمتاع باللعب مع أبنائهم ومراقبة دراستهم. يوميا ، إذن، تتكرر هذه العملية حتى بالنسبة للملفات شبه الفارغة والتي قد لا يحضر فيها المتابعون، ونذكر منها ملفات مخالفات قانون التعمير، وملفات السكر العلني، التي يكون المتابعون فيها أحرارا، بالإضافة إلى بعض الملفات التي يكون النزاع فيها بسيطا للغاية بين الجيران، ومع ذلك فإن هذه الملفات بدل أن تحسم فيها النيابة العامة مثلا ويتم طيها بتحديد غرامة ضد المتابع، فإنها قد تستمر مدرجة بأكثر من جلسة لتضاف إليها ملفات جديدة ،وهكذا دواليك. «الوزارة ، كما يقول بعض القضاة ، لا تعرف سوى المردودية، ولكنها تستمر في غض الطرف عن معاناتنا اليومية»، والحال أنها مطالبة بتوظيف كتاب للضبط وقضاة إذ ليس من المعقول بعد المغادرة الطوعية والإحالة على التقاعد ألا يتم الرفع من عدد الملتحقين الجدد كل سنة بالمعهد العالي للقضاء بالنسبة للهيئتين: كتابة الضبط والقضاء. إن هذا لا يعني أن موظفي الأقسام الأخرى والقضاة الآخرين لا يعانون ، بل على العكس، إن المعاناة عامة وتستوجب الحل قبل فوات الأوان.