في ظل الزحف المتزايد لسكان البوادي والقرى هروباً من تداعيات سنوات الجفاف المتعاقبة أحيانا أو البحث عن العمل أحيانا أخرى، وفي ظل تواطئ مكشوف لمجموعة من القياد والعمال ورؤساء الجماعات ومن يدور في فلكهم تنامت الأحياء الهامشية العشوائية بمختلف المدن المغربية من دون استثناء، تجمعات تفتقر لأدنى شروط الحياة العادية من صرف صحي وتطهير ومماء صالح للشرب، تجمعات أراد لها البعض أن تشكل موردا ماليا في حين يعتبرها البعض الأخر مخزن استراتيجي للأصوات الانتخابية. التجمعات السكنية العشوائية اتخدت منحى في اتجاه الضواحي، منحى منظم يتركز بشكل أساسي في هوامش الأراضي الزراعية خارج المدار الحضري في غياب أية مراقبة بل وبتساهل أحيانا الأمر الذي أفرز لنا على الساحة مجموعة من المضاربين العقاريين استغلوا سذاجة وجهل مجموعة من المواطنين وحاجتهم للإستقرار بأي شكل من لأشكال فتم «الزج» بهم في شقق عشوائية لا تحترم مقومات العيش الكريم. هذه التجمعات أفرزت لنا وضع اجتماعي جديد وتتجلى في استمرارية وتكريس الحياة البدوية في قلب المجال الحضري بكل تبعاتها وتأثيراتها المختلفة، وهو وضع يخلف ظواهر اجتماعية تشكل عبءا إضافيا على المدن , الإشكال المطروح الآن هو في كيفية التعامل مع السكن غير اللائق بعد أن قطع برنامج مدن بدون صفيح أشواطا كبيرة، والسكن غير اللائق إذا كان البعض يحصره في الأحياء العتيقة بمدننا حيث المساكن آيلة للسقوط مما يجعلها غير قابلة لإعادة الهيكلة والتجهيز ناهيك عن الإكتضاض الناتج عن الكثافة السكانية، فإن الأمر يتعلق أيضا بتجمعات سكنية عشوائية تناسلت تحت جنح الظلام وتحت أعين القواد والشيوخ والمقدمين بمباركة بعض رؤساء المجالس والمستشارين. فمن الشيشان إلى دوار التقلية، ومن الهراويين إلى دوار أولاد هرس بالدار البيضاء يظل الهاجس الانتخابي حاضرا بقوة، هاجس لامكان للحس الجمالي معه ولامجال للحديث -في حضرته- عن قوانين التعمير والقانون فالصوت الانتخابي يعلو فوق أي صوت. فعندما تقترن العشوائية بالمال تستباح الأراضي وتفرخ غيتوهات سكنية بمعايير خاصة جدا، معايير تنتج مستشارين ورؤساء من طينة خاصة جدا . والآن وقد عقدت الدولة العزم - على مايبدو- على محاربة هذا النوع التجمعات فهل سيتم فتح ملفات جميع الغيتوهات أم أن الانتقائية ستكون سيدة الموقف، فهل سيتم إعادة فتح ملف دوار التقلية وأولاد حدو وعين حرودة واولاد هرس أم أنه سيتم التعامل بمنطق فرض كفاية وسيكتفون بالهراويين ليبينوا «حنة يديهم» على كل حال فالأيام وحدها ستبين ذلك..