مرة أخرى يبعث الرئيس الأمريكي الجديد «باراك أوباما» برسالة إيجابية إلى العالم العربي؛ فبعد الرسالة الأولى التي تمثلت في إجرائه أول اتصال كرئيس للولايات المتحدة مع رئىس السلطة الفلسطينية السيد محمود عباس، و بعد تعيينه السناتور «روبرت ميتشل» المعروف بنزاهته و حياده في نزاع الشرق الأوسط مبعوثا خاصا بالمنطقة، عاد «أوباما» ليبعث برسالة أخرى و ذلك بتخصيصه الليلة قبل الماضية، أول مقابلة صحفية له مع محطة «العربية». فبالرغم من أن مثل هذه الرسائل قد لا يكون لها أي وزن في صنع القرار الأمريكي ،إلا أنها تظل مع ذلك ذات حمولة رمزية. بيد أن الأهم هو ما ورد في إجابات الرئيس الأمريكي من مواقف حيال قضايا الشرق الأوسط المتشابكة و التي يقع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في الصميم منها. ولعل أول ما يثير في أجوبة الرئيس الأمريكي هو ذلك التواضع الرفيع ؛ حيث أقر بأن إرساله السناتور «روبرت ميتشل» للشرق الأوسط ليس «لإملاء الأشياء» على المنطقة و شعوبها ، كما كانت تفعل الإدارات السابقة، و لكن مهمته هي «الاستماع ثم العودة من أجل صياغة جواب محدد». كما أبان «أوباما» عن شجاعة أدبية حين أكد أنه سيفي بالتعهدات التي قطعها خلال حملته الانتخابية حيال العالم الإسلامي و لعل أهمها الإسراع ببذل الجهود من أجل صنع السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين وسحب القوات الأمريكية من العراق وإلقاء خطاب إلى المسلمين موجه من عاصمة إسلامية كبرى «لمد يد الصداقة» مع العالم الإسلامي وإصلاح العلاقات التي كانت تقيمها الولاياتالمتحدة معه. لكن «أوباما» كان واقعيا جدا ، إذ بالرغم من تأكيده أن «الوقت قد حان للعودة إلى طاولة المفاوضات» إلا أنه أضاف أن «هذا الأمر سيكون صعبا و سيأخذ وقتا» كما عاد ليؤكد استمراره في الاعتقاد بأن «أمن إسرائيل هو الراجح» في السياسة الأمريكية مع اعتقاده أيضا أن هناك «إسرائيليين يؤمنون بأهمية صنع السلام». كل هذا جميل و يعِدُ بغدٍ أفضل للقضايا العربية وللعالم، فقليلون هم الرؤساء الأمريكيون الذين ولجوا البيت الأبيض و هم يحملون هذا المزيج من الأمل والخوف ، الأمل في التغيير نحو الأفضل و الخوف من انهيار هذا الأمل. والتجارب العربية مع الإدارات الأمريكية المتعاقبة علمتنا الخوف من بناء آمالنا فوق رمال التصريحات كما علمتنا ألا نرفع سقف آمالنا عاليا حتى إذا انهار البناء كانت الصدمة أخف و و بذلك أصبحنا نخاف حتى من الأمل.