من المفروض أن تنتقل السياسات العمومية ببلادنا من مرحلة الارتجالية إلى مرحلة العمل المعقلن والمتسم بالكثير من الموضوعية عبر تغليب خطط العمل والبرامج القابلة للتنفيذ والتتبع ، هدا بالفعل ما يمكن استنتاجه كهدف أولي للمذكرة 21 المحلية للحاجب التي استغرق العمل عليها عدة شهور اتسمت بالتشاور وتبادل الأفكار والمعارف وكدا الإطلاع على أحدث آليات العمل المتبناة من لدن المنظمات الإنمائية الدولية ، فأحد مؤطري ورشات هدا العمل الضخم الذي كانت مدينة الحاجب مسرحا له يقر بكون بوابة الأطلس قد تفوقت على الكثير من المدن التي كانت سباقة لتجارب مماثلة كمكناس ،مراكش بل حتى الصويرة في لخروج بمنظور وتصور شموليين لما سيكون أوما يجب العمل به لتغيير الكثير من معالم الحياة في هده المدينة الجميلة ،خاصة بعدما أصبحت تتوفر على برنامج قابل للأجرأة تم تسليمه رسميا وتحت أعين كل الشركاء التنمويين من سلطات إقليمية ومؤسسات منتخبة وجمعيات مدنية وحقوقية وسياسية ت إلى الجالسين على أريكة الشأن المحلي بهده المدينة على شكل نداء ، فإلى أي حد ستلتزم الجماعة المحلية بتطبيق الخطوط العريضة لهدا النداء ؟ وما هو الأفق الزمني للشروع في تنفيذ مضامينه ؟ إستراتيجية التنمية ثمار عمل جماعي ناجم عن رؤية واضحة واقتراحات مدققة في ظروف أكثر ملاءمة لتنمية الذكاء وتوليد الأفكار ، هده هي المقاربة الجديدة التي أتت بها الأجندة 21 لتحليل الكثير من الإشكالات المطروحة بخصوص سبل الوصول لتحقيق تنمية مستدامة في الحاجب ،إذ تم استخراج مئات الأفكار الموضوعة رهن إشارة كل الراغبين في استثمار مشاريع في الزمان والمكان ، ومن ضمن الإشكالات الكبرى التي حظيت بنقاش مستفيض ، إطار العيش بهده المدينة مراعاة لضعف القاعدة الاقتصادية، حيث جاءت الإدارة العمومية والتعليم على رأس القطاعات الأكثر تشغيلا لليد العاملة متبوعة بالتجارة، ثم البناء الذي نشط بشكل كبير تأثرا بتغير معالم المدينة وبروز مضاربة عقارية وتسويق الوجه الجميل للمدينة في الأشهر الأخيرة ،في حين يبقى النسيج الصناعي دون انتظارات العموم مما يجعل فرص الشغل ضعيفة للغاية، وقد سبق لجريدة الإتحاد الاشتراكي عبر مقالات متعددة الإشارة إلى هدا النقص المهول الذي يؤثر سلبا على مستوى خلق مشاتل قارة للعمل من خلال غياب منطقة للأنشطة الاقتصادية والتي كانت مدنا صغيرة مجاورة للمدينة كجماعة سيدي سليمان مول الكيفان وجماعة مجاط سباقة إليها، أما على مستوى القطاع الاجتماعي فقد حصرت مجموعة العمل نسبة أمية السكان في 31،8% مع تكوين ضعيف في صفوف النساء حيث لم تلج المؤسسات العمومية سوى واحدة من إثنتين ، كما سجل غياب الطب المتخصص في المجال الصحي في الوقت الذي اعتبر العمل بالمصحة العمومية مولاي الحسن مكسبا هاما للساكنة الحاجبية إلى جانب باقي التجهيزات الأخرى التي وجدت طريقها نحو الحاجب سواء تلك المبنية أو التي هي في طور الإنجاز من مثيل المركب الاجتماعي ، المركب الثقافي ، دار الشباب ، مركز تصفية الكلي ، القاعة المغطاة للرياضات المتعددة، المنتزهات ،مسجلة بعض الخصاص في المرافق القرب السوسيوثقافية والرياضية الترفيهية في الأحياء الهامشية ، مع وجود شبكة ضعيفة أو متردية للبنيات التحتية وخاصة الطرق بحوالي 15 حي سكاني من أصل 26 حي، وهي الشبكة التي تأثرت بكثير من جراء التساقطات المطرية الأخيرة لتبقى إستراتيجية الموقع وجاذبية بيئة المدينة الخالية من كل أشكال التلوث رهانا حقيقا لكسب الإستقرار وجلب الزوار. مدينة خلابة قابلة للولوج؟ تحظى مدينة الحاجب بموقع متميز يطل على الدير، وتستفيد من الجمال الخلاب للأطلس المتوسط ت وأشجار البلاتان التي ترسم في الخريف كما في باقي الفصول لوحة يقل نظيرها ، غير أن كل هده المؤثرات لم توظف سابقا في تعزيز بنية استقبال قادرة على جلب الاهتمام رغم أساطيل السيارات التي تعبر المدينة صيفا وشتاء في اتجاه يفرن أو إيموزار ، وهو المشهد الذي سرعان ما بدأ يتبدد مع ظهور محاولات أولى لتوطين بعض الاستثمارات ذات التوجه السياحي ،حيث استنتجت المذكرة 21 وجود اهتمام قوي لدى المسئولين خلال السنوات الأخيرة عبر انطلاق ورش بناء مؤسسات فندقية بالشارع الرئيسي للمدينة وتهيئ العديد من المواقع الطبيعية ذات إمكانات ومناظر جذابة كعين الدهيبة ، شارع الجوز ، ساحة عمان ن منتزه لالة أمينة ...وكل هدا ولد لدى مجموعة العمل التي اشتغلت على المذكرة 21 خيالا واسعا لإخراج إستراتيجية تنمية تمكن الحاجب من التموقع بشكل جيد في قطاع السياحة استفادة من القرب الجغرافي من مكناس وفاس ، ووجود مآثر تاريخية رائعة كقصبة المولى الحسن الأول،مناخ صحي غير ملوث ، أما تحويل كل هده المعطيات إلى حوافز حقيقية لتحريك هدا النشاط يتطلب تقوية البنيات التحتية عبر مواصلة سياسة إنشاء المؤسسات والمركبات السياحية والصناعة التقليدية مع منح أولوية لبعض القطاعات الواعدة خاصة ما يتعلق بالترفيه ، هدا مع الدعوة إلى إعادة تأهيل المجالات السياحية ذات المؤهلات العالية كتجهيز مواقع معروفة بجودة المشهد كالشلال القائم وسط المدينة وشلال شارع محمد الخامس وتهيئة الكهوف والعيون والضايات ، دون أن ننسى مطلب تعزيز صورة المدينة وخلق دينامية التنشيط السياحي المنظم. إعلان الحاجب بمشاركة مكثفة من لدن مجموعات العمل المكونة من ممثلين عن الجماعات المحلية ، المصالح الخارجية للدولة ، المجتمع المدني ،مؤسسات التكوين والجامعة و الغرف المهنية ووسائل الإعلام والدين عمقوا النقاش داخل أوراش تشاورية مكنت من إغناء وثيقة الإستراتيجيا وبرنامج العمل وتعبئة انخراط الفاعلين المحليين، وترسيخ العمل الجماعي كممارسة وكدا توسيع دائرة التشاور والمشاركة في إطار ووحدات عمل تضم مختلف الفاعلين تحقيقا للانسجام في بناء مسلسل تنمية الحاجب ، مما جعل المشاركون يوصون بجعل مجموعات العمل آلية حقيقية للانخراط في تطبيق مبادئ مسلسل المذكرة 21 المحلية ومأسستها وضمان استمراريتها انطلاقا من توفير فضاء ملائم للاشتغال برحاب عمالة إقليم الحاجب ،ومكتب خاص كفضاء للنقاش بالقصر البلدي ،واعتماد المجلس الجماعي الذي تبنى البرنامج بكافة مضامينه لوضع مخطط للتنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية كما نصت عليها الوثيقة الميثاق كمرجعية أساسية لتدبير الشأن المحلي.