مرت إلى حدود اليوم 14 يوما من عمر عملية المراجعة الاستثنائية للوائح الانتخابية العامة، التي انطلقت بتاريخ 5 من الشهر الجاري، والتي وفق عدد من المتتبعين لم تلامس معظم غاياتها ، سيما تلك المتعلقة بتسجيل الشبان البالغين 18 سنة، السن القانوني الذي يخول لصاحبه/صاحبته حق المشاركة في العملية الانتخابية والمساهمة في اختيار ممثليهم لتسيير الشأن المحلي، وذلك بفعل عوامل متعددة البعض ربطها بتقصير الجهات المعنية وعدم اتسامها بالاجتهاد الكافي الذي من شأنه تيسيير عملية التسجيل، والبعض الآخر اعتبر أن مرد هذا البطء راجع بالأساس إلى تذمر الفئة الناخبة سواء «الجديدة» أو «القديمة» المطالبة بتقييد نفسها في دوائر سكناها، والاستياء الكبير من الأجواء العامة التي تعيشها بلادنا وتدهور القدرة الشرائية التي استُهدفت جراء ارتفاع الأسعار وموجة الغلاء التي طالت عددا من المواد الأساسية، من مواد أولية وخضراوات وغيرها..التي تشكل عصب المعيش اليومي للمواطنين. هذا في الوقت الذي رأت فيه فئة أخرى أن الممارسات التي كانت لصيقة بعدد من المنتخبين إبان التجربة الجماعية الحالية التي تشارف على نهايتها لم تكن في المستوى المطلوب، إذ تم التخلي عن البيضاويين / البيضاويات وعن قضاياهم، بل إن هناك من يقول بأن المجلس الجماعي «باع» المدينة وفوّتها لمؤسسات وشركات تتوخى الربح المادي على حساب مصلحة المواطنين، وبأن معظم المنتخبين هزمتهم الأزبال والحفر ولم يستطيعوا الاستجابة للتطلعات في حدودها الأدنى، بينما رأت أطراف أخرى أن الخلل المسجل في عملية التسجيل في اللوائح الانتخابية راجع إلى ضعف الأحزاب السياسية التي تخلفت عن أدوارها المتمثلة في تأطير مناضليها والمتعاطفين معها بصيغ وأشكال مختلفة تتوخى تحقيق هذه الغاية وعدم المساهمة الفاعلة لتنظيمات المجتمع المدني في العملية! مصالح وزارة الداخلية على مستوى العاصمة الاقتصادية، ومنها التي بعمالة مقاطعات الفداء مرس السلطان، اتخذت مجموعة من التدابير ذات طابع تحسيسي وإشهاري الهدف منها إيصال معلومة فتح أبواب التسجيل باللوائح الانتخابية إلى علم عموم المواطنين، بالاعتماد على اللافتات الإشهارية وتسخير أعوان السلطة بهدف تحسيس الأشخاص الذين يتوفر فيهم شرطا السن والإقامة وغير مسجلين لدعوتهم إلى القيام بذلك، وفتح مكاتب الارشادات والتسجيل تشتغل طوال أيام الأسبوع إلى غاية الساعة السادسة والنصف مساء، بمقرات مقاطعتي الفداء ومرس السلطان، والملحقات الادارية، إلى جانب الاتصال بالمؤسسات التعليمية الثانوية والقيام بخلق قنوات تواصلية مع التلاميذ الذين يتجاوز سنهم 18 سنة بهدف حثهم على التسجيل، هذا فضلا عن الوسائل الأخرى التي اعتمدتها المصالح المركزية من خلال الوصلات الإشهارية بالقنوات التلفزية والإذاعات وعبر خدمات الهاتف النقال من خلال توجيه رسائل قصيرة إلى المواطنين « انتخاب 09» بهدف إفادة أصحاب هذه الهواتف بانطلاق العملية التي ستمتد إلى غاية 3 فبراير. التقييد في اللوائح الانتخابية بالاعتماد على شرط السكن وتشطيب المسجلين وفق مكان الازدياد يعد عصب عملية المراجعة، وفي هذا الصدد فقد بلغت إلى حدود الأربعاء المنصرم طلبات القيد 500 طلب ، بينما تم تسجيل 21 ألف حالة للتشطيب بفعل انتقال أصحابها من محلات السكن، و 800 حالة نتيجة الوفاة، فقدان الأهلية والتسجيلات غير القانونية ممثلة في حالات التنافي، وتمت مراسلة 6275 حالة عن طريق البريد رفعا لكل «لبس» من أجل دعوة أصحابها للتقدم إلى المكاتب التابعة لهم حتى يتسنى استكمال بيانات إثباث هوياتهم الناقصة، وهي ظاهرة تعرفها جل مناطق المغرب نتيجة تسجيل أشخاص باللوائح الانتخابية بعقود الازدياد أو بأرقام بطائق التعريف الوطنية ناقصة أو تتضمن أخطاء! الحالات بأجمعها سيتم عرضها بأجمعها يوم 4 فبراير على اجتماع اللجن المتخصصة للقيام بالتشطيبات القانونية، في منطقة يبلغ عدد المسجلين باللوائح الانتخابية العامة حوالي 230 ألف مسجل، هذا في الوقت الذي لاتزال عملية التحسيس بأهمية التسجيل مستمرة، علما بأن صلب الموضوع يكمن في الرغبة الشخصية للمواطنين وقناعتهم التي ستدفعهم إلى التقدم إلى مكاتب التسجيل بشكل طوعي وتلقائي لممارسة حق من حقوقهم الطبيعية بعيدا عن أية «مؤثرات» تحفيزية أو غيرها، لأنه حتى وإن سجلت وفرة في عدد الذين سيلبون النداء فذلك لايعني قطعا المساهمة الفاعلة والمكثفة يوم الاقتراع، مما قد ينتج عنه ارتفاع في عدد المسجلين ونسبة ضعيفة أخرى في عدد المصوتين، وهو الأمر الذي لايمكن تجاوزه إلا بتخليق الحياة السياسية وإعادة المصداقية للشأن المحلي من خلال تدخل سلطات الوصاية لردع عدد من التجاوزات التي تتم تحت تأثير النفوذ والسلطة أمام مرأى ومسمع من المواطنين / الناخبين يوميا بهذا المجلس أو ذاك!