استغرب العديد من الجيران عند سماع خبر مقتل جارتهم الشابة التي لم يمر على زواجها من شاب يقربها سنا والسكن معه في منزل بنفس الحي الذي ولدا وترعرعا فيه جنبا الى جنب، اذ كان بعض الجيران الذين حضروا لمتابعة اطوار الجريمة التي لم يكن أحد منهم يتوقع ان الزوج الشاب هو القاتل. قيس وليلى جميع سكان الزقاق الذي توجد فيه منازل عائلة الشباب (-) بل كذلك العديد من سكان الحي على علم بقصة الحب التي تجمع بينه وبين عشيقة طفولته وينوعته بنت الجيران، هذه القصة التي بدأت كالعديد من قصص الافلام الهندية بالفرح لتنتهي بالبكاء والحزن والندم. العديد من الجيران تحدثوا قبل انعقاد الجلسة وبعدها عن علاقة القاتل والضحية، تلك العلاقة التي دامت اكثر من 20 سنة لتنتهي بالزواج. كان الجيران يرون هذا الشاب الذي لم يتجاوز بعد عقده الثالث مصحوبا دائما ببنت الجيران، ولطالما حاولت عائلة الاول ثم عائلة الثانية ان تفرق بينهما لكونهما عائلتين من ذوي الدخل المنعدم وغير القار حيث كانت اسرة الشاب تريده ان ينهي دراسته ويتوظف فيما كانت أسرة الفتاة تنتظر مهاجرا او أجنبيا ليتزوج بنتها وينقد العائلة من حياة القرف. مجهودات الاسرتين كلها تحطمت امام حب »قيس وليلى« الذي استمر رغم تقدم العديد من الشبان والرجال لخطبة ليلى التي كانت دائما ترفض الى درجة انها مرة هددت أباها وأمها بالانتحار. وهكذا انتهى حب قيس وليلى البيضاويين بالزواج. الغيرة والشك زواج حضره العديد من الاقرباء وذاع صيته في الحي الذي ظل فيه الزوجان دون ان يغادراه خاصة وان المنزل الذي كان يسكنه والد الزوج لايتعدى كراؤه مائة وخمسين درهما. أصبح عاديا ان يري الزوجان الجديدان داخلين او خارجين واليد في اليد بعدما كانا قبل زواجهما لايجرؤان علي ذلك أمام الملأ، وشعر الشاب انه حقق آماله رغم الامكانيات المالية المحدودة. إلا أنه ما أن مر »شهر العسل« حتى بدأت تظهر على الزوج علامات على وضعه الجديد بعد الزواج أحد من العائلة او الجيران. لقد أصبح شديد الحرص على عدم خروج زوجته بل رفض حتى أن تذهب لتشتغل معتبرا أنها تشتغل وسط الرجال الذين يعتدون عليها بنظراتهم. بل أكثر من ذلك ظهرت غيرته بشكل كبير حتى عندما ينظر إليها بعض افراد عائلتها من الذكور. هذه الغيرة جعلت صاحبنا يفكر في كون زوجته التي فرضت التخلي عن عملها بشركة صناعية أنها قد تكون في علاقة مع أحد خاصة وان بعض النساء اللواتي يكن نظيفات قبل الزواج ما يعمدن الى خيانة ازواجهن، وكذلك بعض الرجال ، لكنه هو لم يفعل. قتل الزوجة هكذا إذن كانت بداية هذه الجريمة، انطلاقا من عنصري الغيرة والشك، هذه الغيرة التي فاقت حدها فانقلبت الى ضدها، وهذا الشك الذي سيؤدي الى قتل »قيس لليلى« وانتهاء هذه العلاقة التي استغرب لها بعض الجيران. لم يلاحظ أي أحد من الجيران ولا أي عضو من اعضاء العائلتين أي تغيير في تصرفات »قيس« و لا أي احتجاج من طرف ليلى، وهذا مازاد من تساؤل الجميع. كان قيس يحتفظ لنفسه بغيرته وشكه، حتى في حالة ما اذا ذهبت زوجته الشابة لزيارة اسرتها التي تسكن بنفس الحي في زقاق لايبعد سوى ببضعة أمتار عن سكنهما. لم يتفهم أن تبقى مساء يوم السبت لتقضي الليل مع أمها وتصور ان نومها هناك مبرمج ومخطط له خاصة وأنه كان يعرف نوايا ام زوجته بحكم ان هذه الاخيرة كانت تحكي له كل شيء. اكثر من هذا فإن الشك ازداد عندما صادف ان اشتغلت زوجته يوم عطلتها الاسبوعية، اسبوعين متتابعين، ومع ذلك لم يقل لها أي شيء ولم يجعل أحدا من الاسرتين ولا من الجيران يشعر بما تعيشه من »خيانة«!؟ كل هذه المعطيات التي ظل يحتفظ بها لنفسه كان ملزما ان يصرح بها لعناصر فرقة الضابطة القضائية التي أشرفت على البحث في القضية عندما عاد مساء الاحد من الحمام ليجد زوجته مذبوحة ودمها لازال يسيل نقطة نقطة ليصيح بأعلى صوته وينهار بالبكاء مما جعل الجيران يهرعون للمنزل ليكتشفوا الجثة. ذكاء وتجربة البوليس على وجه السرعة انتقلت فرقة من عناصر الشرطة القضائية المختصة في جرائم القتل لعين المكان لتقوم بالاجراءات الاولية المتمثلة في المعاينة للجثة واخذ صور لها، ولمكان الجريمة والقيام بمسح شامل للمنزل. عند استماع مفتش الامن للزوج صرح انه فضل ان يذهب ذلك المساء للحمام الذي سيكون فارغا لكون الجميع يشاهد مباراة لكرة القدم لفريق اسباني وهو ما تم بالفعل وطلب من زوجته ان تحضر العشاء على أساس انه سيعود بعد ساعة. وعند عودته تفاجأ لما وجدها جثة هامدة.كما أوضح انه لاشك في أحد، وأنه لا عدوة لهما مع أحد.وفي الاخير اهتدى الى كونه لم يجد بعض النقود التي جمعاها معا وبعض حلي الخطبة والزواج مما يفسر ان من قتل زوجته جاء للسرقة. هذا الافتراض لم يقنع العناصر المكلفة بالبحث في الجريمة ليعودوا الى المنزل في اليوم الخامس للمزيد من البحث ليكتشف أحدهم ثقبا خلف باب المطبخ فأخذ يزيل منه التراب شيئا فشيئا عندما حاول الزوج ان يقول له انه مجرد ثقب وضعت فيه زوجته بعض الاوراق وقطعا من لباسهما حماية لهما من السحر، لكن المفتش تابع نبشه ليكتشف قطعة ثوب بها سكين كبيرة ثم بعض النقود وسلسلة وخاتم ودمليج وطوانك. الاعتراف سيد الادلة بعد ان واجه المفتش الزوج بسلاح الجريمة وبالنقود والذهب لم يجد بدا من الاعتراف له بكونه هو الذي خطط لقتل »الخائنة«. بعد 12 ساعة تم تحليل عينة من الدم العالق بالسكين ليؤكد المختبر الوطني للأمن ان الدم من فصيلة دم الهالكة، وان السكين المحجوز هي الاداة المستعملة في ذبح الزوجة. البصمات جاءت لتؤكد ما سبق دون أدنى شك. عند تقديم الزوج امام الوكيل العام للملك استنطقه فأكد اعترافه الذي جدده امام قاضي التحقيق الذي تابعه بجناية القتل العمد مع سبق الاصرار، طبقا لمقتضيات الفصلين 392 و393 من القانون الجنائي، واحاله على غرفة الجنايات ليحاكم بناء على ماسلف. امام المحكمة، كانت القاعة مملوءة بشكل يشير ان هناك ملفا للقتل بشكل غريب او حساس، وكانت النساء والشابات اكثر حضورا من الذكور، ولكن يتحدثن خارج القاعة عن قصة قيس وليلى. أكد المتهم اعترافه امام هيئة المحكمة التي سألته هل يعرف مع من كانت »تخونه« زوجته، فأجاب »كون شفتها مع شي واحد غدي نقتلها هي واياه...« واجاب ثانية »انا اللي قتلتها حيث ما نتساهلش نتشد على وحدة بحال هاديك«. الفصل 392 من القانون الجنائي: كل من تسبب في قتل غيره يعد قاتلا، ويعاقب بالسجن المؤبد، لكن يعاقب على القتل بالاعدام في الحالتين الآتيتين: - اذا سبقته او صحبته او اعقبته جناية اخرى. - اذا كان الغرض منه إعداد جناية او جنحة او تسهيل ارتكابها او اتمام تنفيذها او تسهيل قرار الفاعلين او شركائهم او تخليصهم من العقوبة. الفصل 393 القتل العمد مع سبق الاصرار او الترصد يعاقب عليه بالاعدام.