كل المؤشرات تذهب في اتجاه خطورة تزايد مظاهر«الانفلات الأمني» بمحيط المؤسسات التعليمية بولاية الدارالبيضاء، جراء الانتشار الواسع لكل عوامل الانحراف، من الترويج للمخدرات، بدءاً من الحشيش والأقراص المهلوسة والشيرا إلى «الشيشا» والمعجون، إلى امتهان الدعارة والتحرش الجنسي وتعاطي الخمور. انتشار مظاهر الانحراف الذي التقطت مفرداته الادارة العامة للأمن الوطني، وأنشأت بشأنه فرقة خاصة أطلق عليها «الفرقة الأمنية لحماية المؤسسات التعليمية»، كإجراء أمني، للحد من استفحال الظاهرة من خلال تكثيف المراقبة على محيط مجموعة من المدارس وفق خريطة «نقط سوداء»، أرجعت مصادر تربوية وعدد من آباء وأولياء التلاميذ، وفئة ناضجة من المستهدفين، في تصريحات متطابقة للجريدة ما أسمته ب «الانفلات الأمني» إلى محدودية الحركة الأمنية، والانتشار الواسع للمدارس التي أضحت أغلبها ، في نظرهم، ملاذا آمنا لترويج «البضاعة المسمومة» والقاتلة في ذات الآن، تقول إحدى التلميذات بالثانوية التأهيلية وادي الذهب بمقاطعة اسباتة. وفي هذا السياق، وحسب آخر المعطيات برسم السنة الدراسية 2007/2006، كما جاءت بها النشرة الإحصائية السنوية للجهة، فإن عدد مؤسسات السلك الثانوي الإعدادي والثانوي تأهيلي بقطاعيه العمومي والخاص بالدارالبيضاء الكبرى، يصل إلى 445 مؤسسة، بلغ مجموع المسجلين بها عن ذات السنة 239954 متمدرسا، عدد الإناث منهم 165776 تلميذة، دون الحديث عن مراكز التكوين المهني التي وصل عددها عن نفس السنة الدراسية، وفق ذات المصدر، إلى75 مركزاً. إلى ذلك، كانت الادارة العامة للأمن الوطني قد حذرت في مذكرة لها، عناصر الشرطة القضائية والفرقة الوطنية ورجال الأمن بالدوائر، من وجود نوعية من المخدرات تحمل اسم «كريستال ميت» تتضمن نكهة متنوعة كالشكولاطة والبرتقال، غير أنه بعد تعاطيها، يشعر الضحية بالغثيان و ظهور أعراض غريبة. موازاة مع ذلك، قالت مصادر أمنية، إن الادارة العامة للأمن الوطني وجهت تعليمات إلى عناصر الفرقة المكلفة بحماية المؤسسات التعليمية التي تضم ، وفق ذات المصادر، ضباطا من الشرطة القضائية والأمن العمومي والاستعلامات العامة، إضافة الى عناصر من فرق «البلير» للتنسيق مع الشرطة القضائية الولائية، ورؤساء مختلف المقاطعات الأمنية التابعة إلى نفوذها المؤسسات التربوية. من جانب ثان، قال أكثر من رجل تعليم بالمؤسسات التربوية بمقاطعة اسباتة، إن اجتثاث الظاهرة الانحرافية التي تفشت مظاهرها بشكل كبير، حسب إفادتهم، في السنوات الأخيرة بفضاء بعض المدارس ومحيطها، والتي تستهدف في أبعادها، يضيفون، جل التلاميذ والتلميذات وعبرهم المنظومة التربوية، لا يجب أن تتوقف في معالجتها عند المقاربة الأمنية، بل يجب معالجتها ، بنظرهم، انطلاقا من السياقات المؤسسة لها، محددين إياها في العوامل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. وبتقدير هذا الرأي، فإن قطع دابر نمو الجنوح الإجرامي بفضاء المؤسسات التربوية، يتطلب انطلاقاً من هذا التصور العام للظاهرة، تدخل الفاعلين المباشرين في العملية إلى جانب التدخل الأمني وكذا التربوي، أسر التلاميذ (الآباء والأولياء) وفعاليات المجتمع المدني، وذلك تزامناً مع إطلاق حملة تحسيسية واسعة بكافة وسائل الإعلام مرفوقة، يقولون، بنقاش عمومي محلي ووطني بجميع المؤسسات التربوية والمنتديات الشبابية والمراكز الثقافية.