نحن نعيش هذه الأيام «العواشر»، وهي الأيام العشرة الأولى من شهر محرم، وعاشر هذه الأيام العشرة هو يوم عاشوراء، لذلك يحتفي المغاربة، وعلى طرائقهم، بعاشوراء والعواشر أيضاً. لكن في التنضيدات الخفية للذاكرة المغربية، فإن العواشر هي كل عطلة ذات صبغة دينية، حيث يخرج المتسولون إلى الشوارع أو يطرقون المنازل والمساكن لاستدرار عطف المتصدقين باسم العواشر. لكن مع عواشر هذه الأيام يبدو ومن خلال جيوش الأطفال الذين يفتحون عالم التسول عبر استجداء «فلوس بابا عيشور» أن «العواشر» أصبحت فعلاً مدرسة لتفريخ متسولي المستقبل، بالطبع بعد أن يتخلص هؤلاء الخريجون من براءتهم وفرح طعاريجهم وبناديرهم، ولا يبقى لهم إلاّ التجهم إن لم يكن التهجم! إن الهيئات التي تُعنى بشؤون الطفولة وحقوق الطفولة، لم تنتبه أبداً إلى خطورة هذه «التمارين» و«التداريب» على التسول التي يمارسها الأطفال خلال أيام عاشوراء، وكيف يمكنها أن تدفع ببعضهم إلى الانقطاع عن الدراسة منذ «النجاح» في التمرين الأول وكيف يمكنها أن تعطل لدى هؤلاء قيمة العمل والجد والاجتهاد... إلخ. لذلك، فإن حماية الطفولة هي كل لا يتجزأ، وعلى من يهتم بالطفولة أن يهتم بها في كل تفاصيلها، كي لا يُتهم بها على الأقل.