صوتنا ليس ضروريا فقط، بل هو أساسي ويجب أن يكون هذا الصوت حازما وواضحا في الدفاع عن دولة «فلسطينية مستقلة» تعيش في سلام مع «إسرائيل» في ظل حل الدولتين إذا كان العالم مليئا بالنفاق والكيل بمكيالين، فيجب علينا نحن الاشتراكيين أن نرفع صوتنا بأمانة وشجاعة، صوت يطالب بالسلام الآن وفي كل مكان، صوت يدعو إلى تعددية متجددة ونظام دولي قائم على القواعد! شكرا لكل أصدقائنا الحاضرين، قبل كل شيء، أود أن أتوجه بكلماتي الأولى اليوم إلى الشعب الألماني، وخاصة إلى ضحايا وعائلات ضحايا الهجوم الرهيب في سوق عيد الميلاد، الذين نشاركهم كل المودة ونعرب لهم عن تضامن الأممية الاشتراكية. في لحظات الحزن هذه أود أيضا أن أعرب عن امتناني لزملائنا الأمريكيين. لن يفوتني أن أتقدم بالشكر إلى الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية السيد والأخ إدريس لشكر على حفاوة الترحيب بنا في مدينة الرباط الجميلة، وبالطبع أود أن أشكر جميع الوفود الموجودة هنا، أنتم أكثر بكثير من مجرد صوت أحزابكم الوطنية، أنتم أيضا صوت الرفاق الغائبين لأنهم يعانون من الاضطهاد أو يتعرضون للاعتداء في بلدانهم، إلا ان ذكراهم حاضرة معنا اليوم. أيها الرفاق الأعزاء. اليوم، إن أمميتنا أكثر أهمية من أي وقت مضى في العالم. نحن نعيش في عالم يشهد تحديات عالمية كبيرة مثل: «تغير المناخ» و»التطرف». إن عدم المساواة أو وحشية الحروب الآخذة في الازدياد، تجعل عالمنا يتشكك بشكل متزايد في حقوق الإنسان والتعددية والسلام، عالم يتقدم فيه الاستبداد وتتراجع الديمقراطيات بشكل لم يسبق له مثيل. فمنذ عقود. يتم تحدي قيمنا ومبادئنا من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب. في أفريقيا، نرى دولا دمرتها «الجماعات المتطرفة»، وغالبا ما تستخدم «القبلية» أو «العرقية» أو «الدين» لتقسيم المجتمعات، ونفس الأمر في صراعات وحرب الشرق الأوسط التي تحصد آلاف الأرواح كل يوم مع صمت الكثير من المجتمع الدولي، وحتى في قلب أوروبا. إن صوتنا ليس ضروريا فقط، بل هو أساسي ويجب أن يكون هذا الصوت حازما وواضحا في الدفاع عن دولة «فلسطينية مستقلة» تعيش في سلام مع «إسرائيل» في ظل حل الدولتين، وحازما على الحاجة الملحة لإطلاق سراح الرهائن الذين أسرتهم حماس، وفي دعم الجولاني والسوريين في إعادة بناء بلدانهم، وفي الدفاع عن أوكرانيا الحرة التي يمكنها استعادة السلام بعد هذا الدمار، وفي الدعوة إلى السلام من أجل ذلك. غالبا ما يتم نسيان العديد من الصراعات الأخرى في العناوين الرئيسية: «السودان» و»اليمن» (كمثال). إن جذور الحساسية السياسية والإقليمية، يجب أن تكمن دائما في التماسك، ولهذا السبب، إذا كان العالم مليئا بالنفاق والكيل بمكيالين، فيجب علينا نحن الاشتراكيين أن نرفع صوتنا بأمانة وشجاعة، صوتا يطالب بالسلام الآن، وفي كل مكان، صوتا يدعو إلى تعددية متجددة ونظام دولي قائم على القواعد!. لقد كان عام 2024 عاما حاسما للعالم بالنسبة ل 70 دولة في أرجاء المعمورة. إذ تم استدعاء أكثر من 3.4 مليار شخص إلى صناديق الاقتراع، أي ما يقرب من نصف سكان الكوكب. ولقد حان الوقت الآن، لتقييم أين نحن وإلى أين تتجه البشرية. هناك حقيقة رئيسية وهي تقدم اليمين المتطرف في كل ركن من أركان الكوكب تقريبا، حيث كان هذا حقيقة واقعة قبل عام ولكنه أخذ في التسارع والتقدم. فغالبا، ما يستخدم اليمين المتطرف التكنولوجيا لنشر الأكاذيب من خلال المعلومات المضللة والمناهضة للسياسة، وهذه هي أسلحتهم. لقد رأينا ذلك في «رومانيا» التي أعلن دعمنا لرئيس وزرائها. نحن نرى أنهم هناك يجادلون بأن الديمقراطية غير فعالة، وأن حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين عقبات، ويدافعون بالأكاذيب والماضي المثالي من أجل إخفاء ضعفهم الرئيسي، الحقيقة أنهم يفتقرون إلى أي خطط أو أي مشروع لمستقبل مجتمعاتهم. إن التطلع إلى المستقبل من خلال عدسة الماضي يعادل فقدان الحاضر، وهو الخطر الذي تواجهه البشرية مع صعود اليمين المتطرف. في اجتماعنا الأخير في «أنقرة»، سلطنا الضوء على أهمية ربط القضايا العالمية بالسياسات الوطنية والإقليمية لمواجهة هذه القوى اليمينية المتطرفة. وسنستمر في هذه المحادثات من خلال مجموعة العمل الخاصة بنا حول الاستراتيجية السياسية وشبكتنا من ممثلي السلطات المحلية والإقليمية. إن النقطة الثانية التي أود أن أسلط الضوء عليها، رفاقي الأعزاء، والأكثر إثارة للقلق هي أن اليمين التقليدي والأكثر اعتدالا قد استسلم أخيرا لخطاب الكراهية والتطلع إلى الماضي، ولسوء الحظ انتهى بهم الأمر إلى تطبيع ما كان غير مقبول حتى وقت ليس ببعيد. الآن لا يقتصر الأمر على قبول فرضية ومبادئ اليمين المتطرف فقط، بل هم يمارسون فعلا أسوأ من ذلك. إنهم يتبنون وينسخون مثل هذه الخطابات بتغييرات طفيفة لجعلها أكثر قبولا لدى الجمهور. أعتقد أن هذا أكثر ضررا نظرا لثرائها واختراقها الأكبر لعامة الناس، حيث يدفعهم الخوف، بدعوى أنهم يبتغون حماية قاعدة ناخبيهم بأي شكل من الأشكال، حتى على حساب التخلي عن مبادئهم، إلى التصرف بهذه الطريقة أيضا، تثبيتا منهم للمصلحة الذاتية. إنهم يعتقدون أنهم يستطيعون الاعتدال وممارسة الترويض للشعبوية الأكثر رجعية، كما لو أنهم لم يتعلموا من التاريخ أن بعض الخطابات: «لا يمكن ترويضها، والشيء الوحيد الذي يجب فعله هو رفضها ودفنها في الماضي الذي لا ينبغي أن يعودوا منه أبدا»، على سبيل المثال في بلدي. في اسبانيا، غالبا ما يقال إن الناس يفضلون دائما النسخة الأصلية على النسخة المقلدة، ولهذا السبب أعرف أن استراتيجية الفوز اليمينية محكوم عليها بالفشل، وهذه هي الرسالة الرئيسية التي أريد أن أنقلها، وهي أننا يجب أن نقف، أيها الرفاق الأعزاء، حيث يقف الآخرون المترددون، نحن الاشتراكيون بحزم في هذا الدفاع عن الديمقراطية حيث يدان الآخرون بخطابات غير مقبولة، وحيث يتحول الآخرون إلى دعم الإنجازات التي قادتها المنظمات متعددة الأطراف، والتي ندافع عنها بمزيد من التصميم. نحن نتصرف بهذه الطريقة، ليس فقط مسترشدين بمبادئنا، ولكن ليتمكن ذلك الشخص من أن يرفع راية الديمقراطية والسلام وحقوق الإنسان خاصة الآن عندما يسمح الآخرون لهم بالسقوط اليوم أكثر من أي وقت مضى. أيها الأصدقاء الأعزاء. يجب على الأممية الاشتراكية أن تقف بحزم في هذا الموقف، فهذا ليس وقت التراجع أو الضعف. لقد حان دورنا للوقوف وتقديم الأمل وبدائل الفكر التقدمي. حان دورنا للدفاع عن قيمة العلم والعقل في مواجهة التغير المناخي. حان دورنا للدفاع عن قيم الأفكار في عالم ترفض فيه النخب الديمقراطية اقتراح تنمية مناهضة السياسة. وبالمناسبة، لماذا تختار مناهضة السياسة؟ لأنها طريق مختصر في الأجندة الرجعية لإضعاف العدالة الاجتماعية، وتفكيك دولة الرفاهية، إنها أجندة لتشتيت انتباه الناس والتوقف عن الحديث عن العدالة المالية وإنهاء الضرائب. ان الأفق الجديد يكمن في تعزيز النمو على حساب كوكبنا والأجيال القادمة، ينبغي أن نسعى الى تجاوز الخطابات التقليدية، وخلق فرص العمل مع حماية حقوق العمال، وتعزيز نمو الحماية الاجتماعية مع تقليل الانبعاثات والدفاع عن المساواة. أنا على علم مباشر بذلك، كون هذا النموذج هوما عملنا عليه وقمنا بتنفيذه في إسبانيا على مدى السنوات السبع الماضية وهو يعطي نتائج جيدة، وسينمو الاقتصاد الإسباني بأكبر قدر هذا العام بأربعة أضعاف متوسط منطقة اليورو. لقد خفضنا عدم المساواة إلى مستواه الأدنى في عقدين من الزمن، وفي عام 2023 خلقت «إسبانيا» وظائف أكثر من «ألمانيا»و»فرنسا» مجتمعتين.. يكمن بديل التغيير في ما يسمى الاشتراكية الديمقراطية. النموذج الذي دافعنا عنه وسنواصل القيام به لتكييفه مع احتياجات عصرنا. ولكن حتى لو علمنا أنه يعمل، يجب ألا نرتكب خطأ التغلب على القيم غير المتغيرة. لا ينبغي أن نخاف من التحديات الجديدة مثل تلك التي تمثلها «الرقمنة» بل ينبغي ان نشجع عليها. إن أساسنا كان دائما توقع التغيير واحتضانه لضمان فوائده. كل منا له تاريخه، وتاريخنا هو تاريخ قراءة التغييرات الاجتماعية، وتكييف أيديولوجيتنا كل مرة. لا يتعلق الأمر بقبول العالم الذي نعيش فيه فحسب، بل يتعلق بتغييره في صناديق الاقتراع مثل تلك التي حققها أصدقاؤنا في «غانا»و»الكونغو».. لا يوجد منتدى أفضل لتسليط الضوء على هذه الإنجازات من هذا الاجتماع هنا في إفريقيا، لأن الوقت قد حان لتغيير التصورات حول هذه القارة. لقد حان الوقت لصياغة سرد جديد لهذه الأرض وتقدمها: «سيكون لدى إفريقيا طبقة متوسطة من مليار نسمة بحلول عام 2060، وستضاعف مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي العالمي ثلاث مرات، قبل عام 2050. إن أفريقيا هي شهادة على قوة التحول». إن الموضوع الرئيسي لاجتماعنا، وأفضل حليف لهذا التحول، هو القوى التقدمية. لذلك أشجع جميع الأحزاب على الاستمرار في النمو دائما بهدف واحد هو الفوز في صناديق الاقتراع، وهو أفضل طريقة لتقوية هذه العائلة الكبرى من الأممية الاشتراكية. فخلال العام الماضي عملنا على أن نصبح منظمة أفضل، وقمنا بتحديث الحكم الداخلي وأساليب عملنا، وتحسين مواردنا، وعززنا وجودنا السياسي. لقد خفضنا النفقات وطبقنا نظاما جديدا للضوابط والتوازنات، ونظمنا بعثات ومؤتمرات قمة في «بوخارست» و»أنقرة» و»ريو»، والآن يسعدنا أن نكون هنا في «الرباط». سيقدم التقرير الذي أعدته منسقتنا العامة عرضا شاملا لكل هذا، خلال هذا اليوم. وسنتخذ في هذا المجلس خطوة أخرى لتعزيز هذا البيت العظيم للفكر التقدمي العالمي، من خلال تكريم الأشخاص الذين يمثلون قدوة ونماذج يحتذى بها للأممية الاشتراكية. نقوم بذلك من خلال إنشاء جائزة «فرانسيسكو بينيا غوميز». وأنا أرحب بهذه المبادرة من لجنة أمريكا اللاتينية التي ستساعد في إبراز منظمتنا، وبالطبع أهنئ أصدقائنا ورفاقنا من «الأورغواي» لأنهم فازوا في الانتخابات، ولدينا رئيس آخر تقدمي في أمريكا اللاتينية. نحن نمثل شبكة واسعة من الفكر تجمع بين الأحزاب والأفراد والمنظمات ذات التفكير المماثل. نحن موجودون في عشرات البلدان، ولدينا جميع الأدوات، وعلينا أن نستخدم هذا المورد الهائل في خدمة البشرية، وفي دعم قيمة الأممية التي تحددها الإجابة على التحديات العالمية الكبرى التي لا تعرف حدودا أو قارات أو حدودا. شكرا لكم.