لا حديث بفاس إلا عن شباب بطل، من المعدن الطيب الذي يتميز بها الشعب الفاسي من روح التضامن والمساعدة والتآزر في ما يبنهم، جاؤوا بقصد مؤازرة رجال الإطفاء في عمليات السيطرة على الحرائق وإخمادها، بعد أن وثقتها مئات الصور ومقاطع الفيديو وعكست الواقع المأساوي للقيسارية التي تحولت إلى رماد، وهم في سباق مع الزمن لإخماد النيران وإنقاذ المفقودين مستعملين وسائل بسيطة والإمكانيات المتاحة، رسموا بها لوحة «جديرة بالتقدير»، توثق للبعد التضامني عند أهل فاس، معلقا، أحد المتطوعين في تصريح للجريدة، «هذا هو المغرب وهذا شعبه». ليس غريبا عنهم، إنهم شباب المغرب الذين لم يغيبوا بسواعدهم وطاقاتهم في كل المحن التي ألمت بوطنهم، يهبون قبل النداء، تحركهم عزيمتهم وشجاعتهم وانتماؤهم لأرض لا يقبلون إلا أن يكونوا شركاء في حمايتها وصونها، حيث أبوا أمام كارثة قيسارية «الدباغ» إلا أن يساعدوا رجال الوقاية المدنية في إنقاذ المفقودين وإخماد النيران، التي التهمت الأخضر واليابس، مثلما ساعدوا في التضامن مع إخواننا في منطقة الحوز، التي عصف بها الزلزال مؤخرا، حيث نقلت عشرات الصفحات، التي تعنى بالأخبار المحلية، صورا إيجابية لشباب وهم يقدمون يد المساعدة لرجال الوقاية المدنية لإطفاء باب النيران التي اندلعت، لم يحتملوا مشاهد النيران تلتهم المكان الذي لطالما كانت مقصدا لأنشطتهم ودخلهم اليومي، حسب تصريحات من الفريق المساعد، مؤكدين ضرورة أن يتحلى الشباب بحس عال من المسؤولية تجاه ما يحدث والتحرك كل حسب استطاعته بالتنسيق مع الجهات المعنية، لضمان الاستثمار الأمثل لطاقاتهم في دعم الجهود والمساعدة في تطويق النيران والكوارث. وأظهرت صور منتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي «جنود الخفاء» من شباب متطوعين، وكيف كانوا يكافحون النيران المستعرة من دون خوف، بغية حماية المكان والبشر من اتساع رقعة الحرائق، حيث نالت تدخلات هؤلاء «الأبطال» في مواجهة الحرائق كثيرا من الإشادة وعبارات الثناء، لأنهم كانوا يلامسون الموت ليعيش الآخرون، ما وصفه كثيرون بتضحية وشهامة يستحقون عليهما التقدير والعرفان. البعد التضامني لم يكن حاضرا فقط في تدخل الشباب، بل في الزيارات الإنسانية والتضامنية، وحجم رسائل التعزية والمواساة التي تقاطرت على أهل وعائلات ضحايا الحريق، الذي شب في قيسارية «الدباغ» بباب الفتوح.