يبدو أن حكومتنا الموقرة تقتني حاجياتها من أسواق يجهل وجودها الشعب المغربي تماما، حيث الأسعار المناسبة المحترمة لكل ضوابط السعر والجودة واحترام المستهلك، بل إن أسواق الحكومة توجد ربما في المدينة الفاضلة حيث أفلاطون يجرب ديمقراطية السادة والعبيد ويحكم مع الفلاسفة والنبلاء. مناسبة القول أن أغلب وزراء الحكومة تحدثوا عن القدرة الشرائية والدولة الاجتماعية واستقرار الأسعار وحتى أضاحي العيد أكدوا أنها توجد بأسعار مناسبة، وربما أرخص من الدول التي نستورد منها الأكباش بالعملة الصعبة، وبعمولة للمستفيدين من صفقات الاستيراد بالملايين وبالدولار والأورو، وبعجز وطني غذائي وبنعي لمخطط أخضر جعل الأرض بورا والفلاح غريبا والعمر عزيزا عن التواجد، بل وجعل اليد العاملة الكريمة لاجئة فراولة عند الجيران، مقيما احتفالات، دون حياء، لتصدير بنات وأبناء الحقول المغربية إلى حيث الحط من الكرامة وكل أنواع الاستغلال … الأسعار في أسواق المغرب بخصوص الأكباش تسجل حقيقة مرة ومؤلمة، هي أن الكبش الإسباني والكبش البرتغالي لا يوجد لهما أثر في الواقع، بل هما أشبه بقصة دجاجة أفلاطون، حيث يروى أن شابا درس في الجامعات وتعلم دروسا نظرية وحين عطلة عاد إلى بلدته وحاول أن يشرح درسا لوالده فقال له: «انظر يا أبي إن الدجاج المطهو أمامك ليس هو الأفضل، هناك دجاج في عالم المثل، وهو أفضل.»، فما كان من الأب إلا أن بادره بالقول: «جيد يا ولدي، كل أنت دجاجة عالم المثل واترك لنا هذه الدجاجة من الواقع المعفن…» ! وبالعودة إلى الأسواق حيث يمشي الناس ويشترون من الواقع، فالأسعار ارتفعت بمقدار يقترب من النصف وكمثال صارخ الأسواق الكبرى بالمدن، التي تعتمد البيع بالوزن بدل المعاينة، والتي حددت أسعارها ب 85 درهما للكيلو غرام الواحد بزيادة 35 درهما عن السنة الماضية، وهي معادلة تعني أن المغاربة سيستهلكون لحم الكبش هذه السنة بثمن 140درهما للكيلو غرام الواحد . بقي أن نعلن بمناسبة العيد نعي المخطط الأخضر والأزرق وكل ألوان قوس قزح وباقي الألوان، وسيكون للمحاسبة وربطها بالمسؤولية يوم في الواقع المغربي لنقف على حجم الضرر الذي سببته مشاريع حكومية مستمرة بأشخاصها، من ضرر للوطن . ولأن عاداتنا كمغاربة تلزمنا، للأسف، فمناسبة العيد التي تعرف أكبر عملية حج داخل التراب الوطني حيث تقدم ملايين الأسر على التنقل من أقصى البوغاز إلى أقصى الصحراء، بما يصاحب ذلك من ازدحام في الطرقات ومن حوادث مرورية وغيرها، ولأن جزءا من مغاربة العالم يصلون أيضا إلى المغرب للاحتفال بهذه المناسبة، ومعهم سياح أجانب وضيوف، فالمطلوب الحرص على توفير شروط تنقلهم، في الواقع المعيش، في ظروف إنسانية، وحماية أرواحهم حتى لا يتحول عيدنا إلى مأساة، وكذا حماية جيوبهم من الابتزاز أمام عجز الملايين من الأسر على مواجهة الأسعار، كما أسلفت في مقدمة هذه الإطلالة، وكل عيد وأكباشنا موزعة بين عالمي الواقع والمثل، ولكل اختياره !