يستمر غياب الحكومة وأعضائها عن لقاءات مجلسي النواب وضدا عن أحكام الدستور والنظامين الداخليين للغرفتين، ويستمر طرح نفس الإشكال من طرف المعارضة الاتحادية وباقي مكونات المعارضة، وبدل الاحتكام لمنطق الدستور والنظام الداخلي تعتمد الأغلبية منطق التصفيق والعدد والتغول بغير مبرر قانوني أوعرفي أو حتى أخلاقي، وهو منطق غريب عن الديموقراطية والاحتكام للقوانين . قد نعتبر الاحتجاجات شكلية لكنها في العمق قانونية تقتضي تعاملا من أناس ديموقراطيين حقا لأن الأصل ألا ديموقراطية بدون ديموقراطيين، والمواطن المغربي البسيط، المؤمن بالمؤسسات، يفقد تدريجيا حماسته ويبتعد عن صناديق الاقتراع وعن الانتخابات والاختيار لممثليه مادام القانون لا يحترم حتى من لدن المشرعين أي واضعي القانون، طبقا للدستور كأعلى مرجع قانوني، وفي الغرفتين معا وبشكل مستمر ومستفز .الخطير في الأمر تحول نواب ما يسمى بالتحالف الأغلبي إلى محامين شرسين ضد المعارضة بل ضد الدستور والنظام الداخلي، بل وحتى ضد أنفسهم، مما يجعلهم خارج مهامهم وأدوارهم الدستورية، ليتحولوا إلى مجرد مطيعين للجهاز التنفيذي ومدافعين عن الحكومة، والأصل أن البرلمان والبرلمانيات مهما يكون موقعهم فهم مراقبون ومحاسبون باسم الشعب والسيادة الشعبية لمدبري الشأن العام، وهي صفة لا تسقط بالاصطفاف في الأغلبية أو المعارضة. ولأعضائه أيضا حق تعديل مشاريع ومقترحات القوانين التي تُحال على البرلمان. هكذا فالدور الرقابي يمارسه البرلمان من حيث أن الحكومة مسؤولة أمام البرلمان، من خلال وسائل محددة في الدستور: مناقشة البرنامج الحكومي أمام مجلسي البرلمان، ويختص مجلس النواب بالتصويت عليه، الذي يمكن أن ينتج عنه عدم منح الثقة التي تؤدي إلى استقالة الحكومة استقالة جماعية. ملتمس الرقابة، حيث إنه يمكن لمجلس النواب أن يعارض في مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها وذلك بالموافقة على ملتمس الرقابة، ولا يقبل هذا الملتمس إلا إذا وقعه على الأقل ربع الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس، كما لا تصح الموافقة على ملتمس الرقابة من لدن مجلس النواب إلا بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم، ولا يقع التصويت إلا بعد مُضي ثلاثة أيام كاملة على إيداع الملتمس، وتؤدي الموافقة على ملتمس الرقابة إلى استقالة الحكومة استقالة جماعية. لجان تقصي الحقائق حيث إنه وبنص الدستور يجوز أن تشكل بمبادرة من الملك أو بطلب من أغلبية أعضاء أي من المجلسين لجان نيابية لتقصي الحقائق يناط بها جمع المعلومات المتعلقة بوقائع معينة وإطلاع المجلس الذي شكلها على النتائج التي تنتهي إليها أعمالها، ولا يجوز تكوين لجان لتقصي الحقائق في وقائع تكون موضوع متابعات قضائية ما دامت هذه المتابعات جارية؛ وتنتهي مهمة كل لجنة لتقصي الحقائق سبق تكوينها فور فتح تحقيق قضائي في الوقائع التي اقتضت تشكيلها. ثم إن لجان تقصي الحقائق مؤقتة بطبيعتها وتنتهي مهمتها بإيداع تقريرها، ويحدد قانون تنظيمي طريقة تسيير لجان تقصي الحقائق. يبقى الدستور أكبر بكثير من محاولة جعل المشرع مجرد «كومبارس» بأدوار صغيرة .