في اللقاء التشاوري لحزبي الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية حول: «من أجل إصلاح جذري وشامل لمدونة الأسرة» : الأمين العام محمد نبيل بنعبدالله: نسعى لنكون الصوت الديمقراطي الحداثي القوي للتأثير الإيجابي في مضامين الإصلاح المرتقب
في إطار التنسيق الحزبي الذي يجمع ما بينهما، نظم كل من حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وحزب التقدم والاشتراكية، أول أمس، بالرباط، لقاء حول موضوع «من أجل إصلاح جذري وشامل لمدونة الأسرة»، بهدف الإنصات لمختلف التعبيرات النسائية لتأسيس جبهة مدنية حول هذا الموضوع. وترأس هذا اللقاء، الذي حضرته جمعيات ومنظمات وهيئات المجتمع المدني بمختلف تعبيراتها، المنتسبة للحركة النسائية المغربية، كل من إدريس لشكر الكاتب الاول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ومحمد نبيل بنعبدالله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية. وبهذه المناسبة، ألقى الكاتب الأول إدريس لشكر، كلمة افتتاحية أكد خلالها أن هذا اللقاء محطة من المحطات الأساسية التي تندرج ضمن التنسيق الحزبي الذي يجمع حزب الاتحاد الاشتراكي وحزب التقدم والاشتراكية، وميثاق العمل المشترك بينهما. وسجل الكاتب الأول أن هذا اللقاء يأتي في سياق الورش الملكي المفتوح من أجل مراجعة وتعديل مدونة الأسرة، مبرزا في نفس الوقت أن هناك متابعة دقيقة لكل اللقاءات والأنشطة المنظمة بهذا الخصوص من طرف الحركة النسائية وجلسات الاستماع التي عقدتها اللجنة الملكية المكلفة بمراجعة مدونة الاسرة. واعتبر القيادي الاتحادي، أن هذا اللقاء سيكون بمثابة أول لقاء للإعلان عن موقف الحزبين في ما يتعلق بالمطالب النسائية، خاصة وأن الطرفين اختارا أن تكون هذه الجلسة جلسة إنصات للاستماع لمختلف التعبيرات النسائية المنظمة في إطار جمعيات المجتمع المدني والحقوقي المدافعة عن المساواة داخل المجتمع المغربي، معلنا : « نحن جاهزون للإعلان عن مواقفنا وقناعاتنا اليوم تجاه هذا الورش الهام لمراجعة مدونة الأسرة». ومن جانبه، أكد الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية محمد نبيل بنعبد الله، أن هذا اللقاء الذي يعقده كل من حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والتقدم والاشتراكية، مع المنظمات والجمعيات النسائية الديموقراطية والحداثية بأفق إفراز وإبراز نقط الالتقاء المتعددة والمتنوعة بين الطرفين، يأتي من أجل أن نشكل الصوت الديمقراطي الحداثي القوي، الذي يروم التأثير الإيجابي في مضامين الإصلاح المرتقب المتعلق بمدونة الأسرة، والتي ينتظر أن تشكل قفزة نوعية حقيقية بالنسبة لمسيرة ومعركة المساواة بين المرأة والرجل في البلاد. ودعا بنعبدالله، في هذا اللقاء الذي أدار أشغاله رشيد روكبان، عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، إلى ضرورة تجميع كل المواقف، التي وردت في مذكرات الحركة النسائية الحداثية والتقدمية، خاصة وأن فيها تطابقا كبيرا في الكثير من القضايا التي نتبناها كأحزاب ديمقراطية وتقدمية، من أجل أن يكون لنا تأثير في الصيغة الأخيرة قبل عرضها على أنظار جلالة الملك والبرلمان. كما أعلن قائد حزب الكتاب أن هذا اللقاء سيتمخض عنه بلاغ مشترك يتضمن مجموعة من المواقف العامة تهم القضايا الأساسية المراد مراجعتها وتعديلها في مدونة الأسرة. وشهد هذا اللقاء ندوتين حول «المداخل السياسية والحقوقية لإصلاح مدونة الأسرة « و «إصلاح مدونة الأسرة… نحو تكريس المساواة ومناهضة التمييز «، بالمقر الوطني لحزب التقدم والاشتراكية بحي الرياضالرباط. وقدمت رئيسة الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، عاطفة تيمجردين، خلال الجلسة الأولى، مداخلة حول «المداخل الحقوقية والسياسية للتغيير الجذري والعميق لمدونة الأسرة»، سجلت فيها أن مجموعة من الإحصائيات حول وضع النساء سواء في علاقتهم بالصحة أو التعليم والسكن، تكشف عن تراتبية وتفاوت بين النساء والرجال مستشهدة على ذلك بالشواهد العليا حيث أن حوالي 92 بالمائة من الرجال يشتغلون بينما 33 بالمائة من النساء هن اللواتي يشتغلن فقط. بالموازاة مع ذلك، أكدت رئيسة الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، في المدخل الثاني، على أهمية الدستور، والحاجة الأكيدة لملاءمة المدونة مع الدستور، خاصة الفصل 19، الذي يُقر بالمساواة في كل الحقوق، وكذلك المواثيق الدولية والاتفاقيات التي صادق عليها المغرب وأساسا اتفاقية «سيداو» التي خرجت توصياتها، ولها علاقة بمجموعة من مقتضيات مدونة الأسرة من بينها تزويج الطفلات واقتسام الممتلكات، وما يتعلق كذلك بمنظومة المواريث والعنف، ما يطرح الحاجة إلى مدونة تساعد على محاربة تكريس العنف والتمييز الموجود بالمدونة الحالية. من جهتها تدخلت رئيسة المنظمة المغربية للنساء في وضعية إعاقة سميرة بختي، في موضوع مكانة الأشخاص في وضعية إعاقة في مدونة الأسرة وقراءات متقاطعة في النصوص القانونية الخاصة بالأشخاص في وضعية إعاقة داخل مدونة الأسرة، مع طرح الإشكالات المهمة التي عرقلت نجاح المدونة الحالية بشكل عام، وبشكل خاص مارست التمييز والإقصاء في مجموعة من موادها تجاه الأشخاص في وضعية إعاقة. وبادرت بختي إلى طرح مجموعة من المقترحات التي يمكن أن تغني النقاشات العمومية ومن خلالها يمكن تصحيح الممارسات التمييزية التي طالت الأشخاص في وضعية إعاقة، مؤكدة في هذا الصدد، أن ترافعها حول مراجعة مدونة الأسرة يتقاطع مع مجموعة من الجمعيات والمنظمات الحقوقية النسائية في الدفاع عن الأسرة في شموليتها، إلا أن التركيز يبقى أكثر على المواد التي تهم الأشخاص في وضعية إعاقة. إلى هذا دعت بختي إلى مراجعة المصطلحات المستعملة في مدونة الأسرة التي تمس بالكرامة قبيل «المعتوه والمجنون» وغيرها من المسميات، وأيضا الإطار القانوني بعدم اعتبار الاضطرابات الذهنية والإعاقة ذات الصلة بالتوحد مبررا للإقصاء من الحق في الأهلية القانونية من قبيل الإرادة في الزواج وبناء أسرة، أما عن الإذن بالزواج فاعتبرت المتحدة أن هنالك 3 مسارات ممكنة « فئة يؤذن لها بالزواج مباشرة عند تبين توفر الإرادة، وفئة يؤذن لها بالزواج مع تقديم ما يفيد اجتياز فترة التأهيل، وفئة يؤجل لها الإذن بالزواج. كما توقفت بختي عند قضية الحضانة وآلية المصاحبة والدعم والمساعدة والنفقة وآلية تقييم الإعاقة، وأن يشار في باب الزواج إلى نقطة زواج الأشخاص في وضعية إعاقة لأن هنالك إعاقات خفية وإعاقات ظاهرة يجب أن تكون موثقة في عقد الزواج لكي لا يكون هنالك طلاق بسبب الإعاقة. وتدخلت في هذا اللقاء، ممثلة اتحاد العمل النسائي عائشة لخماس، ودعت إلى ضرورة التغيير الجذري والشامل والعميق لمدونة الأسرة مع إلغاء الفصل 400 باعتبار أن هذا الفصل يجعل من الفصول الأخرى غير موجودة، مطالبة في نفس الوقت بتنظيم الزواج خاصة في جانبه المالي، مع تنظيم الطلاق كذلك. كما طالبت بإلغاء الفصل بين البنوة والنسب، وإلغاء كذلك نهائيا زواج الطفلات والاستثناءات في التعدد، داعية في نفس الوقت إلى المساواة في الإرث مع العدل، ثم الوصية للوالدين والأقربين، وإلغاء التحبيس الخاص على الأولاد دون البنات في ما يتعلق بالملكية العقارية… رئيسة رابطة فدرالية حقوق الإنسان سميرة موحيا قبل أن تركز على محور الإرث في مداخلتها، أكدت على التراكم السياسي من أجل التقدم في دعم مطالب الحركة النسائية، في التغيير الشامل والعميق للمدونة، ودعت موحيا إلى ضرورة تنظيم الصداق في المدونة والنفقة يحب أن تكون مسؤولية الزوجين في الأسرة حسب الدخل والإنفاق في ما بينهم. إلى هذا، دعت إلى ضرورة أن يكون لعمل الرعاية قيمته، ثم اقتسام الممتلكات، ويجب أن يكون ذلك تلقائيا في عقد الزواج. وفي ما يتعلق بالإرث، دعت موحيا إلى مراجعة الموارد ، وعدم التمييز بين الجنس أو العقيدة، واحترام التصرف في نظام الوصية، وتفعيل مبدأ العدل والمساواة في الإرث، كما شددت على أنه ليس هناك نص قرآني قطعي يخص التعصيب في الإرث. وبدورها شددت رئيسة جمعية جسور ملتقى النساء المغربيات خولة اسباب بنعمر على ضرورة ملاءمة المدونة مع الدستور والاتفاقيات الدولية والمواثيق الدولية، مع احترام حرية التعبير والرأي، وتقوية الترسانة القوية لصالح ضمان الحقوق لفائدة النساء، والحرص على ضمان تطبيق القوانين. كما دعت إلى تبسيط المساطر الإدارية المتعلقة بالحقوق والواجبات التي تخص الأسرة، مع الحرص على احترام الآجال المعقولة. من جهتها أكدت منسقة شبكة «اماز» لمناهضة العنف المبني على النوع، زاهية أعمومو، أن هذه محطة تشاركية بين الحركة النسائية من جهة والأحزاب واللجنة الملكية كمؤسسة دستورية، مبرزة أن التعديل يجب أن يأتي من الأسفل وليس من الأعلى، ومن معاناة النساء، مع الإشارة إلى أن المحكمة هي المختبر الحقيقي لتطبيق القانون. وأبرزت اعمومو من خلال تحليلها للفصول 51 و 52 و 53 و54 للمدونة تناقض النيابة الشرعية، داعية إلى ضرورة إجبارية الوثيقة المالية، وإعادة النظر في إجراءات الصلح وتفعيل مؤسسة الوساطة، وتفعيل مؤسسة المشرفة الاجتماعية. ومن جانبها تدخلت الأكاديمية نجاة الرازي، رئيسة مركز الأستاذة الجامعية، في هذا اللقاء، وأكدت على أهمية هذا اللقاء السياسي بامتياز في قضية إصلاحية جوهرية تهم المجتمع المغربي، مؤكدة على أن التكتل والتعاقد ما بين الحزبين من جهة والحركة المدنية النسائية حول هذا المشروع المهيكل حاجة ضرورية وهامة من أجل تعميق الإصلاح الشامل للمدونة.وأشارت في مداخلتها إلى أن مشروع القانون المرتقب يجب ألا ينطلق من أن هناك أسرة واحدة، بل هناك أسر مختلفة ومن الضروري ضمان الحقوق للجميع باعتبار أن هناك نماذج كثيرة للأسر، مشددة على ضرورة الحماية الاجتماعية وضمان السكن لحماية الأسر من التشرد. كما أعطى رشيد روكبان الكلمة لعدد من الجمعيات والهيئات والتعبيرات النسائية المختلفة التي أكدت من خلال مداخلاتها على المراجعة الشاملة والجذرية والعميقة لمدونة الأسرة، وثمنت هذه المبادرة التشاورية والتنسيقية لتقوية جبهة نسائية من أجل مدونة عادلة ومنصفة للأسرة والمرأة والمصلحة الفضلى للأطفال. كما أجمعت على أن حزبي الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية، بحكم مرجعيتهما الاشتراكية الديمقراطية الحداثية، كانا وظلا داعمين للحركة النسائية المغربية ومطالبها المشروعة من أجل إحقاق حقوق المرأة والطفل والأسرة، والمساواة والمناصفة. إلى هذا شهد اللقاء تعقيبا لكل من رئيسة منظمة النساء الاتحاديات حنان رحاب ورئيسة منتدى المناصفة والمساواة شرفات أفيلال، وأكدت حنان رحاب أن مختلف الأطراف المشاركة في هذا النقاش التواصلي تتقاسم نفس الأفكار التي تروم الوصول إلى مدونة أسرة متناغمة مع مقتضيات دستور 2011 والاتفاقيات التي صادق عليها المغرب والأهم المصلحة الفضلى لمختلف أطراف هذه المؤسسة التي تشكل نواة المجتمع. وأوضحت الكاتبة الوطنية لمنظمة النساء الاتحاديات أن هذا اللقاء التواصلي يروم الإنصات والحوار والاستماع وتبادل الآراء في مجموعة من القضايا المتعلقة بمدونة الأسرة التي يحتاجها المجتمع المغربي مستقبلا، مشيرة إلى أهمية حضور الجمعيات الأصيلة في الحركة النسائية في هذا النقاش لكونها تحمل، إلى حد كبير، نفس الأفكار والاختيارات والاقتراحات وتصورات الأسرة التي يحملها حزبا الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية. ومن جهة أخرى، شددت حنان رحاب على التزام الحزبين بحمل مجموع هذه المقترحات إلى قبة البرلمان من خلال الفرق البرلمانية بهدف الترافع والدفاع عنها عندما يدخل قانون الأسرة إلى البرلمان للمناقشة والتعديل والتصويت عليه، معتبرة أن القضايا الكبرى التي يتقاسمها الطرفان سواء المتعلقة «بتزويج الطفلات والتعدد وأنواع الطلاق أوالتعصيب والحضانة والنفقة والولاية وإلغاء المادة 400 من المدونة» وغيرها، هي مواقف متطابقة مع مطالب الحركة النسائية المغربية. ومن جهتها، أكدت رئيسة منتدى المناصفة والمساواة شرفات أفيلال، أن الهدف من هذا اللقاء هو تأسيس جبهة مدنية سياسية للرفع من إيقاع إصلاح هذا الورش التشريعي المهم الذي أبان بعد حوالي 20 سنة من الممارسة عن اختلالات سواء من حيث النص أو من حيث التطبيق، مشيرة إلى أن اللقاء أيضا يروم تقوية التقارب والتعاقد بين الحزبين وبين الحركة النسائية والحقوقية من أجل رفع إيقاع الإصلاح ولفت النظر لبعض الأمور التي تحاول بعض الحركات المحافظة أن تسدل اللثام عنها بدعوى أنها تمس جوهر الشريعة ومن خلال أن يكون للطرفين تقارب في وجهات النظر وفي حمولة الإصلاح ومراجعة وإعادة النظر في هذا النص التشريعي، الذي يؤسس لمرحلة ما بعد 2024 يكون فيها التناغم القوي بين مدونة الأسرة والدستور المغربي على اعتبار أن المدونة الحالية غير متناغمة ومخالفة في بعض نصوصها للمقتضيات الدستورية التي تنص بصفة واضحة ولغة قطعية على المساواة وحظر التمييز القائم على الجنس وأيضا انخراط المغرب في المنظومة الحقوقية الكونية لمصادقته على العديد من الاتفاقيات والمعاهدات والمواثيق الدولية على رأسها اتفاقية مناهضة كل أشكال التمييز ضد النساء والعهدين، «العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية»، والتي تنص على أنه لابد من إعادة النظر في التشريعات الوطنية التي يعتريها بعض الأحيان تمييز بين الرجل والمرأة والتي تقر بالتراتبية بين النساء والرجال. وشددت أفيلال على دور الأحزاب السياسية المهم لأنها ستكون حاملة لهذا المشروع داخل المؤسسات المخول لها التصويت على هذا النص التشريعي :»لذلك لابد من التقارب ما بين الحركة النسائية المدافعة عن حقوق النساء وحظر التمييز، والتي تشتغل في ميدان الطفل وأيضا أن تكون هنالك صلة وصل من أجل الترافع داخل المؤسسة التشريعية والبرلمان لكي نمضي قدما نحو مذكرة تضمن الحقوق الكونية للنساء والرجل وتحمي المصلحة الفضلى للطفل» وتجدر الإشارة إلى أنه عقب هذا، تمت المصادقة على بلاغ ضمن جميع المواقف العامة من عدد القضايا المطروحة، وكل الأفكار التي تصب في صالح الأسرة والطفل والتعديلات التي يجب أن تشملها مدونة الأسرة.