سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
في المنتدى الدولي الأول للبرلمانيين الشباب الاشتراكيين والاشتراكيين الديموقراطيين: الهجرة العالمية وتحديات حماية حقوق الإنسان ومحاربة التمييز والكراهية
نقاشات غنية حفلت برؤى متقاطعة ذات منحى عميق عرفتها جلسات اليوم الثاني من المنتدى الدولي الأول للبرلمانيين الشباب الاشتراكيين والاشتراكيين الديمقراطيين الذي نظمه الفريق الاشتراكي- المعارضة الاتحادية بشراكة مع الشبيبة الاتحادية وشبكة «مينا لاتينا» بمراكش من 29 إلى 31 ماي 2023، وهمت هذه الجلسات محاور ذات أهمية قصوى في التجربة الجماعية التي تخوضها الإنسانية في عالم اليوم، كالهجرة العالمية ورهانات الشمال والجنوب، وآليات تعزيز حقوق الإنسان، ومن أجل مجتمع أكثر تسامحا لمكافحة الكراهية والتطرف. وأطرت الجلسة الأولى المخصصة للهجرة العالمية، والتي سيرتها فدوى الرجواني الباحثة في مجال الهجرة، مجموعة من الأسئلة التي استهدفت تطويق الإشكاليات المعاصرة المرتبطة بقضايا الهجرة مثل» إلى أي حد تم تعديل القوانين المرتبطة بالتمييز العنصري في بلداننا؟ وما مستوى سن وتنفيذ تشريعات تعاقب على جرائم الكراهية وجرائم الكراهية المقترنة بظروف مشددة التي تستهدف المهاجرين؟ ما مدى ضمان الوصول إلى العدالة بما في ذلك سبل الإنصاف الفعالة لضحايا جرائم الكراهية، وغير ذلك من أفعال العنف، التي تستهدف المهاجرين؟ ما مدى جدية اتخاذ تدابير ملموسة في مجالات التعليم والثقافة والإعلام، لمكافحة التحيز القائم على العنصرية وكره الأجانب وتعزيز التفاهم والتسامح والصداقة؟ وسجل المشاركون في هذه الجلسة أن مشاكل الهجرة التي كان يُنظر إليها كمُشكلة بين «الأغنياء والفقراء» فقط، اتخذت منحى آخر اليوم في ظِلِّ العَولمة والتحوّلات التي سادت العالم. وأكدوا أن الهجرة تشكل محورا لسِجال سياسي مكثف في السنوات الأخيرة، وتسخر كموضوع ساخن في الدعاية الانتخابية، وهو ما أنتج بعض التصورات الخاطئة وبواعث القلق ذات الصلة، ومنها اعتقاد البعض بأن المهاجرين عبء على الاقتصاد في بلدانهم. وفي هذا السياق أكد النائب البرلماني البرتغالي نيلسون بريتو أن الأحزاب الشعبوية تتقدم باستمرار لأنها تستغل الدعاية ضد الهجرة. واعتبر أن أكبر المخاطر التي تهدد إدارة الهجرة انطلاقا من الثوابت الحقوقية، هي تلك المرتبطة بتحول الأفكار الخاطئة حول المهاجرين إلى أداء نسقي مقولب في إيديولوجيات تمارس تأثيراتها في العقول، لتشكل حاجزا نفسيا يعمل كمقاومة ضد الهجرة وحقوق المهاجرين. وبعد استعراض تجربة بلاده في مجال الهجرة وإدارتها، أبرز الطابع المتعدد لعوامل الهجرة وأسبابها، موضحا أن البرتغال تستقبل المهاجرين لكنها أيضا تصدرها، مضيفا أن أكبر عدد من المهاجرين بهذا البلد هم من البرازيل، إضافة إلى أنغولا والرأس الأخضر والصين وفرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة. وأشار في مداخلته إلى أنه إذا كان هناك من وفدوا على البرتغال بحثا عن فرص العمل، فهناك أيضا من جاؤوا إليها مهاجرين من أجل الاستثمار والدراسة والمشاركة في فرق البحث العلمي، مثلما هناك من هاجروا إلى البرتغال من أجل قضاء حياة التقاعد. وتوقف النائب البرلماني البرتغالي عند ظاهرة الاتجار في البشر المنظمة من قبل مافيات تستهدف استغلال المهاجرين في ظروف غير لائقة، وهي ظاهرة مقلقة تعمل إدارة بلاده على استئصالها. وبعد المقارنة بين الاستفادة التي يحظى بها المهاجرون في إطار منظومة الضمان الاجتماعي ومشاركتهم المهمة في هذه المنظومة التي تصل إلى 10 بالمائة، أكد على أهمية مساهمتهم في نمو البلد المستقبل، ويرجع هذا إلى أن العمالة المهاجرة تقدم لسوق الشغل مجموعة متنوعة من المهارات يكمل بعضها البعض وتؤدي إلى رفع الإنتاجية. كما أن متوسط دخل السكان الأصليين يستفيد من زيادة الإنتاجية التي يحققها المهاجرون, المعطيات التي قدمها المشاركون في الجلسة بينت أيضا أن هناك أثرا اقتصاديا للهجرة على البلدان المُستَقبِلة للمهاجرين، مؤكدين أن الهجرة بوجه عام تُحَسِّن النمو الاقتصادي والإنتاجية في البلدان المضيفة، فالمهاجرون ليسوا دائما عبئا على البلدان المستقبلة وإنما هم مساهمون في نمو اقتصاداتها. واستحضروا في مداخلاتهم هجرة اللاجئين، حيث يغادر السكان المعرضون للخطر موطنهم الأصلي بصورة مفاجئة حاملين معهم موارد ضئيلة، ويسافرون إلى وجهة آمنة عادة ما تكون قريبة من بلدهم الأم. وتوقف المشاركون أيضا عند تداعيات التغيرات المناخية التي من المنتظر أن تؤدي إلى زيادة كبيرة في الهجرة الداخلية والإقليمية في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية. وفي هذا الصدد أكدت النائبة البرلمانية المكسيكية ديانا باريراس سامانييغو، أن العديد من المهاجرين يأتون إلى المكسيك بحثا عن شروط أفضل للحياة، ويبحثون عن الحلم الأمريكي، إلا أن أغلبهم يواجه ظروفا صعبة، حيث تقع أحداث مؤسفة خلال رحلاتهم، فقد يتصادفون مع مجموعات إجرامية. وفي هذا السياق عرضت البرلمانية المكسيكية مجموعة من الجهود المبذولة من طرف حكومة المكسيك في هذا المجال، حيث تم الاستثمار في خط سككي يسمى قطار المايا للربط بين مجموعة من البلديات، وفي سنة 2018 تم إطلاق مشروع مزارع الحياة لمواجهة تغير المناخ، وهو المشروع الذي عرف مشاركة 352 ألف مزارع، الشيء الذي سيجعلهم يتجاوزون مشاكلهم الاجتماعية، وفي سنة 2021 نظمت قافلة قدمت الخدمات لمجموعة من أسر المهاجرين من مساعدات غدائية وطبية وقنصلية كذلك. وأخيرا أكدت ديانا باريراسسامانييغ، أن بلدها يعمل بقوة على تنفيذ سياسات لحماية حقوق الإنسان خصوصا في أوساط المهاجرين وتشير المعطيات المقدمة في هذه الجلسة إلى أن أزيد من 270 مليون شخص حالياً، أي 3.6 بالمئة من سكان العالم تقريباً، يعيشون خارج بلدهم الأصلي، والذين تتميز هجرة العديد منهم بدرجات مختلفة من الاضطرار. وبالرغم من أن العديد من المهاجرين يختارون مغادرة بلدانهم الأصلية سنوياً، إلا أن عدداً متزايداً من المهاجرين يغادر دياره قسراً نتيجة مجموعة معقدة من الأسباب، بما في ذلك الفقر، وعدم إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية والتعليم والمياه والغذاء والسكن، والنتائج المترتبة عن تردي البيئة والتغير المناخي، بالإضافة إلى المزيد من الأسباب 'التقليدية' للتشريد القسري مثل الاضطهاد والنزاع. وفي نفس السياق أكد يوسوف أيا النائب البرلماني المالي السابق في مداخلته، أن الأغلبية الساحقة في إفريقيا مازالت تتناحر وتتقاتل لمحاربة الفقر والوصول الى الماء الصالح للشرب والسلم الاجتماعي، حيث اعتبر أن هؤلاء الأشخاص هم ضحايا للقوانين الدولية، إذ أن ضعف التصنيع وارتفاع منسوب الهجرة يشكل شهادات حية حول صعوبة تخطي هذه البلدان للماضي البئيس. وأكد أن المسؤولية مشتركة بين الجميع، حيث ينبغي الأخذ بعين الاعتبار أن تحقيق الرفاه لشعوب الجنوب مرتبط بحكومات الجنوب، مثلما يجب أيضا معالجة هذه المشاكل بمقاربة جيدة، فالهجرة لا يجب أن تكون إشكالا في حد ذاتها، بل يجب أن العمل يدا في يد من أجل مواجهة المشاكل المتعلقة بها. وسجل المشاركون أنه رغم أن الهجرة تشكل تجربة إيجابية، إلا أن غياب إدارة للهجرة قائمة على حقوق الإنسان على المستويين العالمي والوطني يؤدي إلى انتهاك على نحو متكرر لحقوق المهاجرين العابرين على الحدود الدولية، وفي البلدان التي يهاجرون إليها. إذ أن المهاجرين الذين هم في وضع غير نظامي يميلون إلى أن يكونوا معرضين بشكل غير متناسب للتمييز والاستغلال والتهميش، وغالباً ما يعيشون ويعملون في الظل، ويخافون من تقديم الشكاوى، ويتم حرمانهم من حقوقهم الإنسانية وحرياتهم الأساسية. وحسب المتدخلين فانتهاكات حقوق الإنسان الموجهة ضد المهاجرين، يمكن أن تتضمن حرماناً من الحقوق المدنية والسياسية مثل الاحتجاز التعسفي أو التعذيب أو عدم مراعاة الأصول القانونية، بالإضافة إلى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مثل الحق في الصحة أو الحق في السكن أو الحق في التعليم. وغالباً ما يرتبط حرمان المهاجرين من حقوقهم بشكل وثيق بقوانين تمييزية وبمواقف راسخة من التحيز أو كره الأجانب. وفي هذا السياق ركزت هالة كانجو الباحثة في مجال الهجرة، التي قدمت مداخلتها عن بعد من الأراضي المنخفضة، على الدور الإعلامي في تشكيل الرأي العام في ما يتعلق بالهجرة، معتبرة أن تشكيل مجتمع أكثر تسامحا مسؤولية تقع على عاتق وسائل الإعلام، من خلال تغطيات دقيقة وأكثر شمولية. وقدمت المتحدثة «حملة الترحيب باللاجئين في ألمانيا» مثالا على ذلك، حيث لعبت وسائل الاعلام دورا كبيرا في تحدي الصور النمطية حول المهاجرين، واقترحت مجموعة من التوصيات لوسائل الإعلام بغية تحقيق ذلك من خلال خلق طاقم أخبار متنوع لضمان وجهات نظر مختلفة حول الهجرة، وكذلك التعاون مع الخبراء والمنظمات لرفع الوعي وتعزيز الحوار بقضايا الهجرة، داعية العاملين في هذا القطاع إلى تحمل مسؤوليتهم والعمل بنشاط على تعزيز الشمول في العمل الإعلامي. وتضمنت الحصة المخصصة لنقاش مضامين هذه الجلسة عدة اقتراحات، حيث دعت إحدى المتدخلات الإسبانيات إلى الاشتغال داخل مجتمعات الشمال، على برامج هجرة مؤقتة مع المغرب مثلا، على غرار النساء اللائي يأتين للاشتغال في حقول الفراولة ل 6 أشهر ثم العودة. فيما أكدت رئيسة البرلمان الكولومبي قائلة» لسنا مجرد أرقام، حيث يجب أن نضمن شمولية حقوق الطفل والإنسان، يجب أن نراجع أنفسنا وبرامجنا وسياساتنا في هذا المجال.» وأشارت إلى أنه على المشرعين حماية الأطفال لأنهم يبحثون عن شروط عيش أفضل، ولأن أسرهم يرون أن هذه الشروط تتوفر في الخارج. أما الجلسة الثانية من اليوم الثاني من المنتدى الدولي للبرلمانيين الشباب الاشتراكيين والاشتراكيين الديمقراطيين، والتي سيرها مشيج القرقري الباحث في السياسات العامة، فقد حملت عنوان «مداخل وآليات أممية لحماية وتعزيز حقوق الإنسان.» حورية إسلامي، رئيسة الفريق الأممي للاختفاء القسري سابقا، تناولت في مداخلتها حالات الاختفاء القسري، حيث أكدت أن المغرب قرر التركيز على انتهاكات حقوق الإنسان بعد التسعينيات، وأحرز تقدما كبيرا في ما يخص تحرير مجموعة من السياسيين وحالات الاختفاء القسري، ودعت إلى ضرورة الحرص على عدم تكرار ما حدث، إذ أنه حينما نتحدث عن الإصلاحات السياسية وحينما يتعلق الأمر بالعنف يجب أن نعطي أهمية كبيرة للأمن، إذ أننا نحتاج إلى فاعلين سياسيين في ما يتعلق بالدفاع عن حقوق الإنسان حسب تعبيرها. وبدوره أكد أنخيل مارفييامورسيا، رئيس لجنة حقوق الإنسان ببرلمان أمريكا الوسطى، أنه من المهم أن نشارك في النقاش حول السلم والأمن والموارد الطبيعية ودعم حقوق الإنسان، إذ أن هذه المواضيع تستوقفنا لمدى أهميتها، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن هناك آليات لدعم الانتقال الديمقراطي، لكن الشعوب والحكومات لا تبذل جهدا لدعم هذه الآليات. بينما استعرضت جميلة السيوري، خبيرة في الترافع حول حقوق الانسان، مجموعة من الآليات الأممية للترافع حول حقوق الإنسان، مشيرة إلى أهمية هذه الآليات في ترسيخ الحقوق. أما بلانكوخواكين وهو نائب برلماني أرجنتيني، فقد استعرض مجموعة من الأحداث الفارقة في تاريخ بلاده في ما يتعلق بحقوق الإنسان، مثنيا على الدور الذي لعبته الأجيال السابقة التي شاركت في مختلف الثورات دفاعا عن حقوق الإنسان. ومن جهته أكد الفلسطيني رائد الدبعي، رئيس لجنة العلاقات الخارجية لشبيبة حركة فتح، أن الاستبداد يدعم بعضه البعض، وأشار إلى أنه إذا اعتمدنا على القوى العظمى سيقودنا ذلك إلى الأسوأ، بينما إذا اعتمدنا على أنفسنا يمكن أن نحصل على القيم التي نقاتل من أجلها كالحرية، ووصف الوضع بفلسطين بأنه مأساوي، في ظل الاحتلال الإسرائيلي الذي ينتهك مجمل حقوق حياة الفلسطينيين. حيث قال في هذا الصدد» إن أقصى ما نطمح إليه يوميا، هو أن يصل أبناؤنا إلى المدرسة دون ان يقتلوا، وأن نصل إلى عملنا دون أن نحتجز..» وأضاف أن 15 بالمائة فقط من جرائم القتل المتعمد في حق الفلسطينيين، هي التي فتحت فيها الإدارة الإسرائيلية تحقيقا، وأقل من واحد بالمائة منها اعترف بها كجرائم. ودعا المشاركين إلى حمل برلمانات بلدانهم وحكوماتها على دعم مبادرة « حملة من أجل فلسطين.» التي تحمل شعار «لنجعل الدورة 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة أكثر عدالة للشعب الفلسطيني»، والتي تهدف إلى إنهاء الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية طبقا لقرارات الشرعية الدولية.