تستهدف الصغار والكبار من الجنسين وبعضها يطال حتى الذين يعانون من احتياجات خاصة يعتبر الاغتصاب ظاهرة خطيرة داخل كل المجتمعات ومن بينها المجتمع المغربي، فهو يخلف آثارا سلبية متعددة على الضحية، التي تتعرض لإصابات جسدية خطيرة نتيجة للعنف الجسدي الذي يصاحب الاغتصاب، مثل الجروح والكدمات والكسور وغيرها، وأخرى نفسية تتوزع ما بين الاكتئاب والانطواء فضلا عن العديد من الاضطرابات النفسية الأخرى التي قد تؤدي إلى الرغبة في الانتحار بسبب الصدمة في بعض الحالات. ويمكن أن يتسبب الاغتصاب في تدهور العلاقات الاجتماعية للضحية، التي قد تواجه صعوبات في الثقة بالآخرين فتفضل العزلة عن المجتمع، كما يمكن أن يكون عاملا أساسيا في مشاكل صحية طويلة الأمد كالأمراض المنقولة جنسيا والحمل غير المرغوب فيه. ويعتبر قلة الوعي وضعف التثقيف في المجتمع بشأن حقوق الإنسان عامة والمرأة والأطفال خصوصا، إحدى المشكلات الرئيسية التي تسهم في انتشار الاغتصاب، وهو ما ينبغي معه، بحسب بعض المهتمين بالظاهرة والمتتبعين لها، تعزيز التوعية بأهمية احترام الآخر وعدم التسامح مع أي تصرف ينتهك كرامة الإنسان ويسلبه حقوقه الأساسية. وتشكل ظاهرة الاغتصاب تحديا كبيرا يتطلب التصدي له بكل حزم وجدية، فعلى الرغم من الجهود التي تبذلها الحكومة والمؤسسات المجتمعية والمنظمات غير الحكومية في مكافحة هذه الجريمة، إلا أنها لا تزال تشكل تهديدا خطيرا داخل المجتمع المغربي يستوجب تعزيز الإجراءات والتحركات الوقائية والتوعوية. وكان تقرير لوزارة العدل قد كشف في 2015 أن 12 ألفا و 148 حالة اعتداء جسدي تم عرضها على المحاكم المغربية برسم سنة 2014، وفي سنة 2021 سجلت النيابة العامة حوالي 23 ألفا و 879 قضية اغتصاب، في الوقت الذي يشير فيه عدد من الفاعلين إلى أن الأرقام هي أكثر من ذلك، لأنه لا يتم التبليغ عن كثير من الحالات، خاصة عندما يكون الجاني والمعتدي أحد أفراد العائلة المقربين. وإذا كانت تبعات الاغتصاب قد تؤثر وتطال الجنسين معا، ومن مختلف الأعمار، فإن الإحصائيات تشير إلى أن النساء والفتيات هن الأكثر تعرضا لهاته الجريمة الفظيعة، التي يقوم بها أشخاص «غير أسوياء»، وقد يطال فعلهم الجرمي حتى ضحايا من ذوي الاحتياجات الخاصة، والأشخاص الذين يعانون من ظروف اجتماعية هشة. وكشفت عدد من المواطنات اللواتي التقت بهم «الاتحاد الاشتراكي» واستفسرتهن عن هذا الموضوع، عن إحساسهن بألم كبير كلما انتشر خبر اغتصاب إحدى الضحايا، وشددت بعضهن على ضرورة تطبيق أشدّ العقوبات في حق مقترفي هذه الجريمة وعدم تمتيعهم بأي ظرف من ظروف التخفيف لجسامة وفداحة الأمر. وأوضحت إحدى المستجوبات في تصريحها للجريدة أن هناك نوعا من «التساهل» مع الاعتداءات الجنسية التي لا تكون بالضرورة فعلا وإنما حتى قولا، من خلال التحرش واللغة المستعملة، بل وحتى بعض الممارسات التي يقوم بها البعض من شدّ وجرّ في حق فتيات وطفلات في الشارع العام، مؤكدة على ضرورة التصدي لكل الممارسات الحاطّة من كرامة النساء والفتيات، ومعاقبة مقترفيها، حتى لا يستسهلها الجميع وتدخل ضمن خانة «الاعتياد»؟ ودعا عدد من الفاعلين المدنيين في تصريحات ل «الاتحاد الاشتراكي» إلى ضرورة اعتماد تربية جنسية في المناهج التعليمية، للقضاء على كل أشكال الكبت التي قد تتراكم عند البعض، وإلى تسليط المزيد من الضوء على هذا الموضوع من خلال تخصيص متابعات إعلامية يومية له، تتناول الجوانب القانونية والنفسية والتربوية والسلوكية، وإلى سنّ تشريعات أكثر صرامة في تعاطيها مع هذا الفعل الجرمي، مشددين على دور الأسرة الذي بات وبكل أسف في الكثير من الأوساط ضعيفا إن لم يكن غائبا بشكل مطلق. وكانت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان قد أكدت في أحد التصريحات تعليقا على الظاهرة وعلى كيفية التعامل معها بالقول، «اليقين من حتمية المتابعة القضائية الصارمة ومحاربة الإفلات من العقاب يظلان أنجع وسيلة لمحاربة الجريمة»، مضيفة «من دون رادع حقيقي يفلت كل يوم عدد من مرتكبي جرائم الاغتصاب من العدالة ومن العقاب، بسبب خزي التواطؤ أحيانا أو بعد تراجع والدي الضحية عن الشكاية، مقابل «تعويض» مالي أو زواج العار»، ووقفت في تصريحها على أحد الأعطاب الكبيرة قائلة «هكذا يُشترى صمت الضحايا كل يوم بثمن باهظ، ثمن يدفعه ويتحمل تبعاته المجتمع بأسره». (*) صحفية متدربة