نعود لنعرض أهم احداث الفترة ما بين (1879-1914) التي وقعت بمنطقة عبدة، والتي عرفت حكم القائد (عيسى بن عمر العبدي)، اعتمادا على كتاب «عيسى بن عمر.. قائد عبدة» لمؤلفه الأستاذ المصطفى فنيتير. وجاء في مقدمة هذا الكتاب التي أعدها الأستاذ ابراهيم بوطالب «أن عيسى بن عمر البحتري العبدي»، رجل سلطة، نشأ بين أحضان السلطة وعاش من ممارستها ومات وهو في حرمتها.. مازلنا نجهل الكثير عن ملابسات هذه المرحلة ، ولانعرف كيف تم استقطاب القائد عيسى بن عمر لحركة عبد الحفيظ ، وان كان المختار السوسي على لسان ادريس منو ، يذكر كيف وزعت الأدوار لاستقطاب القواد لهذه الحركة، حيث ذهب بعضهم لاقناع القائد عيسى بن عمر العبدي. وتؤكد الرواية الشفوية أن الهاشمي ولد القائد عيسى بن عمر هو الذي كان واسطة بينه وبين المولى عبد الحفيظ ، فأقنع أباه القائد عيسى بضرورة الاندماج في البيعة الحفيظية ، تزيد الرواية الشفوية ، فتذكر أن المولى عبد الحفيظ، وعد الهاشمي ولد القائد عيسى بباشوية مراكش ، لكن أباه القائد عيسى تحفظ من ذلك . وبعد اندماج البيعة في اطار حركة دعمها كل قواد الجنوب الكبار، انحاز القائد عيسى بن عمر لهذه الحركة ، وأصبح ضمن التشكيلة المخزنية للمولى عبد الحفيظ ، وتتكون أساسا من القواد الكبار الثلاثة ، وهم : (المدني الكلاوي …..الصدر) ~~~ (عبد المالك المتوكي …… الشكايات ) ~~~~( عيسى بن عمر العبدي …….البحر). ويظهر من تركيبها انها وزارة مصبوغة بصيغة الجنوب ، فوزراؤها وكتابها وتفكيرها ، كلها من الجنوب . وقد نتسائل عن الخلفيات التي دفعت بالمولى عبد الحفيظ الى اسناد وزارة الخارجية لعيسى بن عمر العبدي ، هل لاتصاله ومعرفته بالجاليات الأجنبية المستقرة بأسفي ؟ أم لتجربته الغنية واطلاعه على أحوال البلاد ومعرفته لمشاكلها ؟ . من المؤكد أن القائد عيسى بن عمر العبدي كان المرشح الوحيد داخل هذه الهيئة المخزنية لوزارة البحر ، لسبب وجيه ، كان يتصف بتحكمه في مدينة أسفي ، باعتبارها مقرا للجاليات الأجنبية ومنها كان يباشر الحوار مه النائب الألماني ، حسب ما روه ادريس منو ، الذي كان محورالمداولات بين برلين وببن السلطان المولى عبد الحفيظ فيقول : ( فوجدنا من قونصو ألمانيا كل تنشيط ، ثم أقضى المقام أن يكون هو في أسفي ليكون دائما على الاتصال التام ببرلين . ومهما يكن فان عيسى بن عمر العبدي ارتقى لمستوى وزير، يصفه صاحب الدرر اللفظية بنوع من الاطناب فيقول عنه : (صدر الوزارة البحرية …محرز سياسة الحواضر والبوادي ، مقرى الروائح والغوادي ، أبو الأبطال والليوث ، ومصب مسيل الأكرام، الغيوت ، من قامت بحسن تدبيره الخلافة على أقوم الأركان ، وصارت به جموع الضلال في خبر كان ،الفقيه الوزير ،الرئيس الأجل الشهير ، الذي لم يزل في أمحاض النصيحة ،السيد عيسى بن عمر العبدي ،لازالت ترقيه في مراقي التكريم ، و تلحضه في مراتب الاجلال والتعظيم . واستلزمت منه مسؤولية الوزارة الانتقال الى الحضرة المراكشية ،فأسند لابنه أحمد ومحمد مسؤولية النيابة عنه وخلافته ، الأول بأسفي وقبيلة البحاثرة ، والثاني بقبيلة العامر. إنتهى