بعد مرور ثلاث سنوات على استهلاكه آخر خط للوقاية والسيولة، نجح المغرب في إقناع صندوق النقد الدولي بإدراجه ضمن قائمة الدول القليلة المستفيدة من «خط الائتمان المرن» وهو آلية للتمويل تتسم بالمرونة، وتضمن للبلدان المستوفية للشروط، الولوج الفوري إلى مبلغ كبير من موارد صندوق النقد الدولي دون شروط مستمرة ، فقد تم إحداث خط الائتمان المرن في إطار الإصلاح الذي باشره صندوق النقد الدولي بهدف تعديل شروط منح القروض للبلدان التي تواجه صعوبات مالية، ولكن لديها سياسة وأسس ماكرو اقتصادية متينة تمكنها من الوقاية من الأزمات وحلها. وفي هذا السياق، وافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي أمس على عقد اتفاق لمدة عامين مع المغرب في ظل خط الائتمان المرن بقيمة تعادل 3,7262 مليار وحدة حقوق سحب خاصة (نحو 5 مليار دولار أمريكي، أو ما يعادل 417% من حصة عضويته). وكان المغرب قد استفاد منذ عام 2012 من أربعة اتفاقات متتالية في ظل خط الوقاية والسيولة PLL ، بلغ قيمة كل منها نحو 3 مليار دولار أمريكي. وجاءت أول موافقة على خط الوقاية والسيولة في 3 غشت 2012، والموافقات على الثلاثة اتفاقات الإضافية في 28 يوليو 2014، و22 يوليو 2016، و17 دجنبر 2018. وانتهت مدة الاتفاق الرابع في ظل خط الوقاية والسيولة في 7 إبريل 2020، عندما اشترت السلطات كل الموارد المتوافرة في ظل خط الوقاية والسيولة للحد من التأثير الاجتماعي والاقتصادي لجائحة كوفيد-19 والسماح للمغرب بالحفاظ على مستوى كافٍ من الاحتياطيات الرسمية لتخفيف الضغوط على ميزان المدفوعات. وبينما عادت الاتفاقات في ظل خط الوقاية والسيولة بالنفع على البلاد في الماضي، فإن الأساسيات الاقتصادية وأطر السياسات المؤسسية القوية للغاية في المغرب، ومحافظته على سجل أداء من تنفيذ سياسات قوية للغاية، واستمرار التزامه بالحفاظ على هذه السياسات في المستقبل، كلها عوامل تبرر التحول إلى الاتفاق في ظل خط الائتمان المرن. وسوف يساعد الاتفاق في ظل خط الائتمان المرن المغرب على مواجهة التحديات في إعادة بناء حيز الحركة من خلال السياسات، مع التعجيل بتنفيذ جدول أعماله بشأن الإصلاحات الهيكلية في بيئة تتسم بتزايد المخاطر الخارجية. وعقب مناقشات المجلس التنفيذي بشأن المغرب، قالت أنطوانيت ساييه، نائب المدير العام ورئيس المجلس التنفيذي للصندوق بالنيابة «إن السياسات الاقتصادية الكلية والأطر المؤسسية القوية للغاية في المغرب سمحت لاقتصاده بالحفاظ على صلابته في مواجهة الصدمات السلبية المتعددة التي وقعت على مدار الثلاث سنوات الماضية، ومنها الجائحة، وموجتي جفاف وتداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا. وفي المرحلة القادمة، سوف تظل السلطات المغربية ملتزمة بإعادة بناء هومش السياسات والتحرك بصورة شاملة على صعيد السياسات في مواجهة أي صدمات جديدة، ومواصلة تنفيذ الإصلاحات الهيكلية الشاملة اللازمة لجعل النمو الاقتصادي أقوى وأشد صلابة وأكثر احتواء. «ورغم هذه الصلابة، لا يزال اقتصاد المغرب معرضا لمخاطر تدهور البيئة الاقتصادية والمالية العالمية، وزيادة تقلب أسعار السلع الأولية، وتكرار موجات الجفاف. وعلى هذه الخلفية، فإن الاتفاق في ظل خط الائتمان المرن سيعزز الاحتياطيات الوقائية الخارجية للمغرب ويزود البلاد بمزيد من الضمانات في مواجهة المخاطر بعيدة الاحتمال. «وتعتزم السلطات معاملة الاتفاق في ظل خط الائتمان المرن كأداة وقائية، والخروج منه متى انقضت فترة الأربعة وعشرين شهرا، وذلك رهنا بتطور المخاطر.»