استنكرت الهيئة الوطنية للعدول، المقتضيات التي جاء بها مشروع قانون المالية لسنة2023 ، المعروض على البرلمان حاليا، والمتعلق بتخصيص دعم مالي عمومي لمن يرغب في اقتناء مسكن مخصص للسكن الرئيسي، الذي جعل من بين شروط الاستفادة منه أن يتم إبرام عقد الوعد بالبيع وعقد البيع النهائي لدى موثق، في إقصاء لا مبرر له للعدول الذين يمارسون مهنة التوثيق منذ القدم وبقوة القانون على قدم المساواة مع نظرائهم الموثقين . واعتبرت الهيئة الوطنية للعدول، في بيان استنكاري لها، أن هذا التوجه يشكل ريعا تشريعيا، وتمييزا يضرب في الصميم حرية التعاقد، ويتنافى مع ما جاء به دستور 2011 من مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص ولا أساس له لا في الواقع ولا في القانون، بل ويناقض حتى مستلزمات إعمال مقتضيات المادة 4 من مدونة الحقوق العينية ويحمل في طياته محاباة مكشوفة لفئة مهنية على حساب فئة مهنية أخرى تمارس نفس العمل التوثيقي بالبلاد، مشيرة إلى أن للمحررات التي تنجزها نفس القيمة القانونية الرسمية. ورأت الهيئة الوطنية للعدول أن هذا المقتضى يضيق على المواطنات والمواطنين مجال الاستفادة من الخدمات التوثيقية ويصادر حرية اختيارهم بين العدول والموثقين، خاصة وأن الدعم المباشر يلغي من الأساس إشكالية الودائع التي كانت ذريعة اشتراط إبرام عقود السكن الاجتماعي لدى موثق. وكشفت الهيئة الوطنية للعدول بالمغرب أنها راسلت وزيرة المالية وشرحت لها مظلمتها من هذا التمييز والحيف اللامنطقي على أمل أن تجد لديها آذانا صاغية وتفهما لمشروعية مطلبها، لكن للأسف، تضيف الهيئة، تفاجأت بتجاهل مطالبها، واختيار أسلوب الفرض الأحادي على أسلوب التشارك والتشاور والحوار والإقناع. واستنكرت الهيئة الوطنية للعدول بالمغرب، هذا الحيف والتمييز والمحاباة وما يمثله من استهداف للحقوق الاقتصادية والاجتماعية للعدول وتضييق على مجال عملهم واستخفاف بمكانة مهنة التوثيق العدلي في العمل التوثيقي بالمغرب، في تناقض صارخ مع الاهتمام والتقدير الذي ظلت تلاقيه المهنة من قبل كل سلاطين وملوك الدولة العلوية الشريفة سيرا على نهج السلف الصالح، كما تقول، الذي كان يرى في التوثيق العدلي مظهرا من مظاهر الخصوصية الحضارية المتميزة. الهيئة الوطنية للعدول بالمغرب، وهي تستشعر خطورة هذا التوجه على مكانة ومستقبل المهنة والحقوق المشروعة لممتهنيها، تعبر عن نفاد صبرها ولن تتحمل هذا التمييز اللامشروع وتطالب بمراجعة وتعديل هذا المقتضى فورا، في اتجاه تحقيق المساواة والعدل بين جناحي التوثيق بالمغرب ورفع أشكال الحيف والتمييز، وإذا ظلت دعوتها معلقة، ستكون الهيئة، وفق ماجاء في بيانها، مضطرة لخوض كل أشكال الاحتجاج والنضال الذي يكفله دستور المملكة والمواثيق الدولية دفاعا عن كرامتها والحقوق المشروعة للعدول .