اعتبر المغرب أنه سجل نقطا ايجابية في اجتماعات اللجن مجلس الجامعة العربية والمجلس، ولاسيما اللجنة العربية حول الإجراءات الإسرائيلية في القدس، واللجنة العربية حول التدخلات الإيرانية في العالم العربي. بالنسبة للمغرب كانت إشادة اللجنة المختصة بالدور المغربي من خلال لجنة القدس، بمثابة النقطة الأخيرة في سجال بين الجزائر وجارها الغربي. فقد كانت القضية موضوع رهان قوة وديبلوماسية شد الحبل لمرتين على التوالي خلال هذه السنة، عندما رفضت الجزائر مشروعي بيان عن الدول العربية والمجموعة الإسلامية ودول عدم الانحياز في ابريل وفي يوليوز من السنة الجارية يخصان المغرب وأهله، فلم يصدر أي بيان عن القدس وفلسطين، بسبب الفقرة 35 من مشروع أعدته ممثلية فلسطين وباكستان رئيس قمة منظمة التعاون الإسلامي ، وساندته الدول كلها وهي الفقرة التي تشير إلى دور العاهل المغربي في حماية الهوية الإسلامية للقدس من خلال لجنة القدس التي يترأسها، وأيضا من خلال وكالة مال القدس التي يشرف عليها بل ذهب السياسي عمار بلاني، المكلف بالمغرب والعربي والصحراء إلى حد التلميح بضرورة تغيير الرئاسة. وبقدر ما يعتبر قرار اللجنة المختصة ومجلس الجامعة على مستوى الوزراء مؤشرا على تليين الجزائر لموقفها من القضية ومساراتها للتوجه العربي الشامل ، فإن المغرب ، ولاسيما إعلامه العام الرسمي ومنه وغير الرسمي اعتبر بأن الأمر نقطة ايجابية لفائدة البلاد ويتوجس من إعادة طرح التوتر حولها من طرف الجزائر في القمة. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بطبيعة الحال، بل كان موضوع إيران وتجنيد الأطفال في دعم الحركات الانفصالية موضوعا شائكا، زاد من حرارته فشل الديبلوماسية المحتضنة للقمة في فرض سوريا، الحليف القوي لإيران كضيف جديد على القمة، وكان قد سبق لعمار بلاني المبعوث المكلف »بالمغرب العربي والصحراء الغربية«،كما تمت تسميته في السلك الديبلوماسي الجزائري أن هاجم الإعلام المغربي ووكالته الرسمية ( وكالة المغرب العربي للأنباء)، واتهم المنابر كلها »بالاحتفالية الواهية» بانتصارات في مجلس الجامعة. بل ذهب إلى حد بعيد في الهجوم حيث اتهم وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة «باستخدام الأساليب الجبانة كونه يمثل بلدا عرفت بممارساتها القذرة وحساباتها الضيقة خلال جميع القمم العربية السابقة وتحديدا القمة التي انعقدت في الدار البيضاء عام 1965 والتي وصفها بقمة الخيانة».! وهو هجوم يمتح من قاموس لم يعد احد يذكره من العرب بل لا أحد في العالم يعود إليه! وقد ردت وكالة المغربية الرسمية على تصريحاته بمقال عنونته ب «ترهات عمار بلاني حول الجامعة العربية أو لعنة الديبلوماسي الفاشل» متفادية الهجوم على البلد المضيف بالقمة ، عكسه تماما.. إدانة الدول العربية لتجنيد الأطفال في النزاعات كما أنه إشارة إلى الأطفال المجندين بتندوف بتأطير من الجيش الجزائري. وزاد من حدة ملاسناته. و بهذه الأجواء ينتفي شرط من شروط انعقاد القمة بتنقية الأجواء مع بلد احتضن سبع قمم منها منذ تاريخ تأسيس الجامعة العربية. عمار بلاني دافع عن البوليساريو، وحاول في الوقت ذاته تبرئة إيران من مضمون اللائحة حول متابعة «التدخلات الإيرانية في الشؤون لداخلية للدول العربية» وقال بأنها «لم تشر البتّة إلى جبهة البوليساريو».. وكان المغرب قد تقدم للجماعة العربية من قبل ثم أثناء مجلس الوزراء بلائحة تدين تدخل إيران في دعم الحركات الانفصالية، ومنها دعمها للبوليزاريو من خلال سفارتها في الجزائر. وكان ذلك سببا مباشرا في قطع العلاقات بين المغرب وإيران. وحاول بلاني، في غياب ملحوظ لوزير الخارجية الفعلي في الجزائر رمطان لعمارة التأويل لائحة الجامعة العربية بتأويل مغاير للقراءة التي قدمها المغرب ومن المتوقع أن تحضر إيران في الأجندة العربية لدول أخرى خلال القمة، وهو امتحان جدي لرئاسة المؤتمر، وهذا موضوع آخر… في النخبة، حتى الأكثر قومية منها، تسول مجد عن القمة والحضور المغربي، زادته التصريحات الرسمية لبعض وجوه النظام الجزائري والوقائع الطارئة كما هو حال كأس العرب للفتيان، حرارة. وتناسلت الكتابات المواقف بعد أن تعرض الشبان المغربة لهجوم غير مسبوق في ملعب وهران، في المقابلة النهائية بينهم وبين فئتان الجزائر، مما دفع الجامعة المغربية لكرة القدم إلى إدانة الهجوم الوحشي على اللاعبين، في وقت كتب رئيس الجزائري يهنئ الشباب وسماهم بالأسود. مما أثار حفيظة جزء كبير ،من الرأي العام، ذهب بعضه إلى السؤال عن قدرة الجزائر ونيتها في ضمان سلامة الوفد المغربي إن هو حضر في القمة، وما إذا كانت السلوكات السياسية تتحول إلى هجوم جسدي ومادي على أعضائه. وهي المرة الأولى التي يتحرك فيها جزء من الرأي العام المغربي في هذا الاتجاه، ناهيك عما يسببه إغلاق الحدود في وجه الملاحة المغربية من مواقف تشكك في جدوى قمة عربية شعارها لم الشمل، في حين أن أطول مشكلة حدود في العالم تجاوزت مشكلة الكوريين، وتقع بين الدولة المضيفة وجارها الغربي. ويرى جزء آخر من النخبة بأن المغرب لا مشكلة له في العمل العربي إن تم احترام وحدته الترابية ومواقفه من الدول التي تحاول تفكيكها، بل يذهبون إلى اعتبار أن ملك المغرب ساهم بشكل غير مباشر في توفير جو انعقاد القمة، أثناء التحضير لها عندما توجه للمرة الألف إلى الجزائر بيد ممدودة لحل الخلافات وفتح صفحة جديدة، ومنع المغاربة من سب أن شتم الجزائر في الإعلام أو في النقاش العامة.. والواضح أن الأجندة العربية معقدة بشكل لا يسمح بالتنبؤ بالنجاح في القمة، ونقط الخلاف كبيرة للغاية موضوع تقاطعات حادة بين العواصم العربية (ليبيا، إيران، سوريا، الحركات الانفصالية، الحرو… وتقسيم العمل الدولي بين القوى العظمى). و هو ما يصب الكثير من مياه الشك في طاحونة الداعين إلى مراجعة الموقف من قمة تعقد في الجزائر. بدون شروط تهم الرحلات الجوية ، والحدود والأمن داخل المؤتمر، وفي الأذهان محاولة زرع جبهة البوليساريو وجمهوريتها المعلنة في الجزائر، واليت سعت في بداية الدعوة للمؤتمر أن تجعل منها القضية الثانية للعرب بعد القضية الفلسطينية!….