تشهد جزيرة «لا بالما» الكانارية، التي تبعد بحوالي مائة كيلومتر عن السواحل المغربية، ثوران بركان « كومبري فييخا» ، وذلك بعد أسبوع من نشاط زلزالي حظي باهتمام علماء البراكين والسلطات، خصوصا وأن آخر مرة ثار فيها هذا البركان، كانت في سنة 1971، مما خلق حالة من التوجس ترقبا للدمار الذي قد يخلفه والاحتمال، ولو كان بعيدا، من وقوع تسونامي كبير، يضرب المناطق الساحلية الإفريقية، ومن ىبينها المغرب ويمتد إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية. وحسب المعهد الكناري لعلم البراكين فقد بدأ ثوران البركان حوالي الساعة الثالثة وخمسة عشر دقيقة زوال الأحد، حين اندلعت أعمدة حمراء ضخمة يعلوها دخان أبيض وأسود على طول الحافة البركانية، حيث تابع العلماء عن كثب تراكم الحمم البركانية المنصهرة تحت السطح . ووقع الانفجار في منطقة تعرف باسم «كابيزا دي فاكا» على المنحدر الغربي لسلسلة الجبال البركانية أثناء نزولها نحو الساحل، ونقلت مشاهد بثها سكان من المنطقة تدفق الحمم السوداء الحارقة باتجاه بعض المنازل في بلدة «إل باسو»، وقال رئيس البلدية «سيرجيو رودريغيز» إن 300 شخص معرضين لخطر داهم تم إجلاؤهم من منازلهم وإرسالهم إلى ملعب كرة القدم في «إل باسو» كما أغلقت الطرق بسبب الانفجار وحثت السلطات الفضوليين على عدم الاقتراب من المنطقة. وإلى حدود كتابة هذه السطور، أعلنت السلطات المحلية أنها قامت بإجلاء حوالي خمسة آلاف شخص، مضيفة أنه لم يبلغ عن خسائر بشرية، خصوصا أن ثوران البركان كان متوقعا، بعد التحذيرات التي أطلقها العديد من علماء البراكين، في المقابل سجلت خسائر مادية لم يتم تحديد حجمها بعد. ويبلغ عدد سكان جزيرة «لابالما» 85 ألف نسمة ، وهي واحدة من ثماني جزر في الأرخبيل الكناري ، قبالة السواحل المغربية. وفيما يتعلق بقوة البركان، قالت إيتاهيزا دومينغيز ، رئيسة قسم علم الزلازل في المعهد الوطني للجيولوجيا في إسبانيا ، إنه بينما من السابق لأوانه تحديد المدة التي سيستمر فيها هذا الثوران، إلا أن «الثورات البركانية السابقة في جزر الكناري استمرت لأسابيع أو حتى شهور». وكان آخر ثوران بركاني شهدته جزر الكاناري، قد وقع تحت الماء قبالة ساحل جزيرة «إل هييرو» في عام 2011، واستمر خمسة أشهر. من جهة أخرى، قلل عدد من علماء البراكين والزلازل من احتمال حدوث تسونامي، بعد ثوران بركان « كومبري فييخا «. وكان عالمان جيوفيزيائيان، «سيمون داي» و»ستيفن وارد»، قد نشرا، قبل عشرين سنة، مقالًا، أثار جدلا كبيرا، ادعى فيه العالمان أن الجانب الغربي لبركان» كومبري فييخا» في «لا بالما» غير مستقر ، ويمكن أن يحدث انهيار أرضي، ونتيجة لذلك، تسونامي ضخم يخشى أن يؤدي إلى دمار كبير على جانبي المحيط الأطلسي. غير أن هذه الفرضية تم رفضها من قبل العديد من الباحثين منذ ذلك الحين، رغم أن العديد من وسائل الإعلام تواصل الحديث عن هذا الاحتمال الكارثي. فحسب العلماء، ولكي تشهد المنطقة تسونامي بالحجم الذي أشار إليه الباحثان، يتطلب الأمر، وفي نفس الوقت، حدوث زلزال بقوة كبيرة وبشكل استثنائي بالتزامن مع ثوران بركاني متفجر واسع النطاق ، وفي الحالة التي تم رصدها منذ زوال أول أمس بجزيرة «لابالما» فإن الزلزال الذي حدث، يبقى من الدرجة المنخفضة، حيث قدرت الهزة الأولى ب4 درجات على سلم ريشتر، تلتها هزات ارتدادية تراوحت بين 2،9 و2 درجات. في المقابل، يراقب العلماء المخاطر التي قد تنجم عن ثوران البركان، بالنسبة للبيئة، وعواقبها الصحية، حيث أطلق البركان في الساعات الأولى لثورانه، حوالي 20 ألف طن من ثاني أكسيد الكبريت، ويراقب العلماء ما سيسفر عنه ثوران البركان في الأيام القادمة لتحديد حجم الأضرار الناجمة عنه، وإلى أي مدى ستصل. وقد أدى ثوران البركان إلى استنفار للسلطات الكانارية والإسبانية، وبهذا الخصوص، أعلنت مدريد، أن رئيس الحكومة بيدرو سانشيز، قرر تأجيل سفره إلى نيويورك، لحضور أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة، للتوجه إلى جزر الكناري، وقال المكتب الإعلامي للحكومة ، في بلاغ ، إنه «نظرا للوضع في جزيرة لابالما أرجأ رئيس الحكومة رحلته المقررة اليوم إلى نيويورك وسيقوم بزيارة جزر الكناري بعد ظهر اليوم لمتابعة تطورات الوضع».