لم يعد يفرقنا عن موعد الانتخابات التشريعية والجهوية في المغرب غير أشهر قليلة لإعطاء الفرصة للمواطن المغربي لأن يختار من سيمثله في البرلمان والمجالس الجماعية والجهوية ويتحمل مسؤولية التسيير وربما مصير شعب . استحقاقات فريدة من نوعها نتيجة ما يعيشه المغرب، كباقي دول العالم، في زمن أزمة صحية واقتصادية جد صعبة أثرت بشكل كبير على الوضع الصحي والاقتصادي والاجتماعي خصوصا الشغل الذي يعد الركيزة الأساسية في حياة الإنسان لضمان عيش كريم. هذا القطاع الذي تعتمد عليه كل الدراسات الاقتصادية والتنبؤات المستقبلية عرف خلال سنة 2020 تحولا سلبيا أثر بشكل كبير على مستوى العيش ومعدل الفقر، الذي له علاقة بمعدل البطالة خصوصا وأن عجلة الاقتصاد الوطني مرتبطة بالشغل. إذا كانت معظم البرامج الانتخابية للأحزاب السياسية في كل المحطات تعتمد على قطاع الشغل بطريقة تختلف من حزب لآخر حسب مصداقيته وتاريخه النضالي. فإن الظروف الاجتماعية والماكرو اقتصادية التي نعيشها سوف لا تسمح لأي حزب أن يوهم المواطن المغربي بحلول طوباوية ودنكيشوطية. خصوصا وأن الأرقام أصبحت في متناول الجميع. السؤال المطروح هو هل الأحزاب السياسية في المغرب مستعدة لمواجهة هذه الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وإعطاء برامج ذات مصداقية وقابلة للتنفيد؟؟ كل الدراسات الاقتصادية تؤكد أن المغرب استطاع أن يدبر أزمة كوفيد 19 بفضل التوجهات الملكية السامية، و أن معدل البطالة لم يصل لمعدلات بعض الدول، كما جاء في تقرير المندوبية السامية للتخطيط حول وضعية سوق الشغل. حسب نفس التقرير لشهر أبريل 2021 فإن معدل البطالة ارتفع بنقطتين ما بين الفصل الأول من سنة 2020 والفصل نفسه من سنة 2021 ، منتقلا من 10,5 % إلى 12,5 %. موضحا أن هذا المعدل سجل ارتفاعا بكل من الوسط القروي والوسط الحضري منتقلا على التوالي من 3,9 % إلى 5,3 %، ومن 15,1% إلى 17,1%. أرقام توضح أن معدل البطالة هم بالخصوص فئة النساء والشباب حاملي الشهادات، حيث ارتفع في صفوف النساء (3,2 نقطة)، منتقلا من 14,3% إلى 17,5%، ولدى الشباب البالغين ما بين 15 و24 سنة (5,7 نقطة)، من 26,8%إلى 32,5% . في ما يخص معدل البطالة لدى الشباب حاملي الشهادات ارتفع، من جهته، بنقطتين منتقلا من 17,8% إلى 19,8%.. إذا اعتمدت الأحزاب السياسية على هذه المعطيات الرقمية بعيدا عن لغة الخشب والخطابات الديماغوجية التي لم يعد يتحملها المواطن المغربي.أظن أن الشباب المغربي سيهتم أكثر بهذه الاستحقاقات المصيرية خصوصا وأنها تهم مصيره وكرامته. حتى لا نكون جد سلبيين لابأس أن نعطي بعض المعطيات الصادرة عن نفس المصدر (المندوبية السامية للتخطيط ) التي تقارن معدل البطالة في المغرب مع بعض الدول برسم سنة 2020: تونس: 26.9% الجزائر: 14% تركيا: 14% فرنسا: 8.9% إسبانيا:16.9% المغرب: 11.9% قراءة هذه الأرقام تبين أن الفئة أكثر تضررا من البطالة هي الشريحة المعنية بالدرجة الأولى بالاستحقاقات الانتخابية التي تشكل مادة هامة إن أرادت الأحزاب السياسية أن تشجع الشباب، النساء وحاملي الشهادات، على المشاركة الفعلية في تقرير مصير المشهد السياسي للمغرب. فهل برامج الأحزاب السياسية ستعتمد على هذا المجال الذي يضمن كرامة المواطن ويساهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد ؟؟؟؟