تعود، من جديد، أحزاب يسارية داعمة لجبهة الانفصال في البرلمان الدنماركي لإحراج وزير الخارجية بأسئلة تتعلق بالصحراء، خصوصا بعد اعتراف الولاياتالمتحدة بمغربيتها، وكالعادة دائما يقود هذا النقاش المعادي للمغرب الحزب الاشتراكي الشعبي وحزب القائمة الموحدة . أولى الملاحظات عن الجلسة المنعقدة في الثامن عشر من مارس هو تكرار نفس الأسئلة السابقة على وزير الخارجية، وثبات موقف الحكومة الدنماركية بقيادة الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم بضرورة ترك حسم الأمر للأمم المتحدة في ما يخص تسوية هذا النزاع . وكان حزب القائمة الموحدة أول المبادرين لطرح سؤال على وزير الخارجية الدنماركي: ماذا سيفعل الوزراء لضمان حصول الصحراويين على الاستفتاء الموعود بشأن مستقبل الصحراء الغربية، الذي يحق لهم وفقًا للأمم المتحدة؟ ثم لم يترك نائبان في البرلمان الدنماركي الفرصة تمر دون توجيه سؤال مشترك بينهما، وأقصد القائمة الموحدة والحزب الاشتراكي الشعبي، حيث طالبا بتوضيحات وموقف واضح للحكومة حول التطورات التي حصلت في ملف الصحراء، خصوصا بعد اعتراف الولاياتالمتحدة بمغربية الصحراء، فكان السؤال: »كيف يقيم الوزراء التطور الأخير الذي اعترفت فيه الولاياتالمتحدة باحتلال المغرب للصحراء الغربية. بينما دخل المغرب في تعاون مع إسرائيل واعترف المغرب باحتلال إسرائيل للضفة الغربية؟» سؤال، مع كامل الأسف، يحمل الكثير من المغالطات ويحتاج لتوضيحات لتنوير الموقف الصحيح للمغرب عن طريق السفارة المغربية في بيان، كما فعل السفير الفلسطيني عندما زارت رئيسة الوزراء الدنماركية إسرائيل، كان على السيدة السفيرة تصحيح المعطيات التي بنى عليها النائب كرسيان يول سؤاله، والذي تعمد تلفيق تهم ومغالطات للمغرب في ما يخص موقفه من الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، وتصرح بوضوح بأن عودة مكتب الاتصال الإسرائيلي لا يعني الاعتراف بالاحتلال وتستغل الفرصة للتذكير بأن هناك مليون يهودي مغربي في إسرائيل بقوا متشبثين بثقافتهم المغربية وبعلاقتهم بالمغرب، كان عليها أن تعتمد في ردها على موقف جلالة الملك الواضح من الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين واتصال جلالته برئيس السلطة الفلسطينية حينها. هذه المعطيات لا أعتقد أنها تغيب عن النائبين اللذين طرحا السؤال على وزير الخارجية الدنماركية، مع الإشارة إلى أن الجلسات تغطيها وسائل الإعلام، وفي غياب التوضيحات من السفارة المغربية يكون تضليل للرأي العام الدنماركي في ما يخص قضية الصحراء، وكذا الموقف الثابت للمغرب في ما يخص قضية فلسطين . لم يقتصر النقاش في جلسة مساءلة وزير الخارجية الدنماركي على قضية الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، بل ناقش النواب قضايا ترتبط باتفاقية الصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، وكان سؤال في هذا الاتجاه طرحه نفس الحزبين،»هل تتفق الحكومة مع أحكام محكمة العدل الأوروبية التي تتعارض مع اتفاقيات التجارة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب في ما يتعلق بحقوق الصيد قبالة سواحل ومعادن الصحراء الغربية تحت الأرض في الصحراء الغربية؟ وما هي الشركات الدنماركية التي لها نشاط في الصحراء الغربية؟ « تم طرح السؤال بناء على طلب كريستيان ج. ومن خلال السؤال الأول يواصل النائب البرلماني عن القائمة الموحدة تضليل الرأي العام الدنماركي في ما يخص قضية تجديد اتفاقية الصيد البحري بين المغرب ودول الاتحاد الأوروبي لكونها تتعارض مع الأحكام الصادرة عن محكمة العدل الأوروبية، ولم يشر، مع كامل الأسف، إلى ما خلص إليه الاتحاد الأوروبي في هذا الأمر حيث تم حسم النقاش فيه بقرار مفاده أن الاتفاق الجمركي بين أوروبا والمغرب «عامل رئيسي للحفاظ أو حتى زيادة معدل التوظيف» في الصحراء، وبالتالي فهو يشكل «مكسبا قويا لتقليل ضغط الهجرة، خاصة في أوقات الأزمات». وأضافت الدراسة أن هذه «المقاربة البراغماتية» أسهمت أيضا في إرساء «حوار إيجابي» مع الرباط حول ملف حقوق الإنسان، حيث «ما زال عدد معين من التحديات» ماثلا. قضايا كثيرة تبقى في حاجة إلى متابعة مستمرة من طرف الدبلوماسية المغربية، والتي لاتزال، مع كامل الأسف،غائبة في تصحيح حملات التضليل التي تمارسها بعض الأحزاب الدنماركية المحسوبة على اليسار. وقد أشرنا سابقا إلى حاجتنا إلى دبلوماسيين محنكين يمتلكون اللغات الحية، وإلى تنسيق وتشاور مستمر بين الدبلوماسية الرسمية والموازية والبرلمانية لتصحيح المغالطات التي تنهجها أحزاب يسارية في ما يخص قضية الصحراء. تبقى الإشارة إلى أن موقف الدنمارك الرسمي في ما يخص حل هذا النزاع يتجسد في تمسك الحكومة بالقرارات التي سوف تتخذها الأممالمتحدة لحل هذا النزاع.