15 نوفمبر, 2015 - 05:49:00 خلف القرار الذي أصدره الاتحاد الاروبي بوضع ملصقات لتمييز المنتجات القادمة من فلسطينالمحتلة زوبعة من ردود الفعل داخل الاوساط الاسرائيلية، سرعان ما انتقلت، كعادتها، الى صفحات الاعلام الدولي. واللافت للانتباه ان المسؤولين الإسرائيليين لم يكتفوا هذه المرة بلي عنق القانون الدولي، والخلط بين معاداة السامية ومناهضة الاحتلال الاسرائيلي، بل استنجدوا بقضية أخرى، وهي قضية الصحراء. وإذا كان المسؤولون الحكوميون قد اكتفوا بلغة الايحاءَات، فإن الأذرع الإعلامية وزعماء اللوبيات ذهبوا إلى أبعد من ذلك، بلغة لا شك أنها ستثير حفيظة المغرب الرسمي، وتعاملوا مع إقليم الصحراء باعتباره "مستعمرا من طرف المغرب"، شأنه في ذلك شأن فلسطينالمحتلة، وليس باعتباره اقليما متنازعا عليه. بدأ كل شيء عندما اقرت المفوضية الأوروبية يوم الأربعاء 11 نوفمبر قرار وضع ملصقات لتمييز المنتجات القادمة من الأراضي التي تحتلها إسرائيل منذ 1967. وهو القرار الذي أرجئ مرات عدة، قبل أن يوجه وزراء خارجية 16 دولة أوروبية من أصل 28 رسالة إلى الممثلة الأوروبية العليا للسياسة الخارجية "فيديريكا موغيريني"، في أبريل الماضي، مطالبين بتسريع الإجراءَات لوضع الملصقات على منتجات المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية والجولان المحتل. إنفوجرافيك: ماذا تنتج المستوطنات الإسرائيلية والجولان المحتل؟ (المصدر: الاممالمتحدة). نتنياهو: على الاتحاد الأروبي ان يشعر بالخجل وفي نفس اليوم توالت ردود الفعل الرسمية الإسرائيلية، حيث قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو "إن الاتحاد الأوروبي يجب أن يشعر بالخجل"، مشيرا إلى أن "الاتحاد يذكر بالنازية المعادية للسامية". وهاجم رئيس الوزراء الإسرائيلي قرار الاتحاد الأوربي واعتبر أنه "غير عادل ويعبر عن الازدواجية المطلقة والنفاق، لأنه طبق على تل أبيب فقط وتجاهل ما يزيد عن 200 صراع دولي حول العالم". واستطرد نتانياهو قائلا: "الاتحاد الأوروبي اختار أن يطبق تلك القانون على إسرائيل وحدها من بين دول العالم"، لافتا إلى أن حكومته "ليست مستعدة للاعتراف بحقيقة أن أوروبا تقف إلى جانب الأطراف التي تشن العمليات الإرهابية" على حد تعبيره. من جهتها استدعت وزارة الخارجية الإسرائيلية ممثل الاتحاد الأوروبي في إسرائيل، "لارس فابورغ أندرسون". وقال المتحدث باسمها، "إيمانويل نهشون"، إن الإجراء يمكن أن تكون له انعكاسات على العلاقات بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي. وصرح وزير العدل الإسرائيلي، "إيليت شاكيد"، أن "تل أبيب ستنظر الإجراءَات القانونية التي من الممكن أن تتخذها في هذا الصدد، متهما الاتحاد الأوروبي بمعاداة السامية". شحن اعلامي في الداخل لم يتاخر الاعلام الاسرائيلي في التفاعل مع الردود الرسمية، ونقلت العشرات من وسائل الاعلام المكتوبة والسمعية البصرية تقريرا لوكالة "جويش تلغراف"، ركزت فيه على قضية الصحراء، ولم تلتزم الحياد في التعامل مع القضية، كما هو معمول به في الاعلام الدولي، بل تبنت اطروحة "البوليساريو" بشكل كامل، واعطت الكلمة للنشطاء الاروبيين الذين يطالبون باستقلال اقليم الصحراء عن المغرب. وبادرت الوكالة في بداية تقريرها الى مهاجمة القرار الأروبي وقالت إن "إسرائيل والعديد من مؤيديها، يعتبرون قرار الاتحاد الأوروبي الجديد بوجوب وضع الملصقات على منتجات المستوطنات تدبيرا تمييزيا يذكرنا بتاريخ أوروبا الطويل في معاداة السامية الممأسسة". وتابعت أن "مسؤولين أروبيين رفضوا شكاوى وزارة الخارجية الاسرائيلية التي اتهمت فيها الإتحاد الأروبي بنهج التمييز ضد إسرائيل بتجاهل النزاعات الإقليمية الأخرى في جميع أنحاء العالم، وووصفوها ب"العاطفية" و"غير ذات صلة"، مبرزين أن المبادئ التوجيهية المصدرة تتوافق مع السياسة الأوروبية التي تهدف إلى حماية حق المستهلك في معرفة ما إذا كانت المنتجات مصنعة داخل حدود إسرائيل ما قبل عام 1967 أم في الأراضي المتنازع عليها" على حد تعبيير الصحيفة. وأضاف المصدر نفسه أن "الدبلوماسيون الإسرائيليين، بتركيزهم على مآخذة الإتحاد الأروبي بالكيل بمكيالين، وجدوا حليفا غير متوقع، وهم النشطاء المدافعون عن الحكم الذاتي في الصحراء، وهي منطقة متنازع عليها في شمال أفريقيا يطالب بها المغرب، فيما تعتبرها الحكومة في اللجوء خاضعة للاحتلال الأجنبي". وعلى سبيل التعريف بالقضية استرسلت الوكالة أن "الجمعية العامة للأمم المتحدة أقرت سنة 1979 أن المغرب قوة مستعمرة، في المستعمرة الاسبانية السابقة، وأكدت على "الحق غير القابل للتصرف لشعب الصحراء الغربية" في الاستقلال. وفي عام 2005، دعا الاتحاد الأوروبي للتوصل إلى حل للنزاع من شأنه أن يضمن "حق تقرير المصير لشعب الصحراء الغربية". واستطردت أنه "على الرغم من اعتراضات رسمية في السنوات الأخيرة من طرف هولندا والسويد على اعتبار منتجات الصحراء مثل نظيرتها المغربية، لم يصدر الاتحاد الأوروبي أي توجيهات لوضع ملصقات مماثلة لتلك التي أقرها يوم الأربعاء، والتي فرضت على بعض السلع المنتجة في الضفة الغربية والقدس الشرقية والجولان ملصقات تظهر ما إذا كانت مصنوعة من قبل المستوطنين الإسرائيليين أو الفلسطينيين". ونقلت عن "اريك هاغن"، وهو باحث جغرافي نرويجي ورئيس سابق لمرصد مراقبة موارد الصحراء قوله: "عندما يتعلق الأمر المنتجات من فلسطين والصحراء الغربية، يتضح أن هناك ازدواجية المعايير في سلوك الاتحاد الأوروبي، وهذا يضر بمصداقيته على جميع الاصعدة". وفي تشبيه بين القضيتين أشارت الوكالة الاسرائيلية الواسعة الانتشار إلى أن "الاتفاقيات التجارية الموقعة في 2000 و 2012 بين المغرب والاتحاد الأوروبي لم تشر إلى الأراضي المحتلة. في حين أن مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي أصدر سنة 2012 توجيها عاما مفاده ان جميع الاتفاقات بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي يجب أن تشير بشكل واضح لا لبس فيه إلى عدم صلاحيتها في الأراضي التي احتلتها إسرائيل سنة 1967." وفي نفس السياق نسبت الوكالة إلى "مورتن نيلسن"، وهو صحفي دنماركي قدمته بصفته "ناشطا في هيئة تعمل على التحسيس حول احتلال المغرب في الصحراء الغربية"، قوله إن "منتجات الصحراء الغربية تباع مع علامة "صنع في المغرب" في نفس المتاجر الدانماركية حيث يتم وضع ملصقات على منتجات الضفة الغربية على أنها صنعت في المستوطنات الإسرائيلية". واكد المصدر نفسه أن "الدنمارك وبلجيكا والمملكة المتحدة هي الدول الأعضاء الوحيدة، حاليا، في الاتحاد الأوروبي التي تضع علامات الخاصة على منتجات الضفة الغربية، التي تمثل أقل من 1٪ من حجم التجارة السنوية الإجمالية 32 مليار بين الاتحاد واسرائيل، فقا لتقديرات الاتحاد الأوروبي"." وتعليقا على تصريحات المسؤولين الإسرائيليين الذين اعتبروا أن هذه التدابير ليست سوى مقدمة لمقاطعة أوسع لإسرائيل" ذكرت الوكالة أنهم "طالما أقدموا على مقارنات بين هذه الإجراءَات ومقاطعة اليهود خلال الهولوكوست"، مبرزة في هذا الصدد أن "رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو سبق أن قال في سبتمبر الماضي: "لدينا ذاكرة تاريخية توثق لما عندما كانت أوروبا تضع علامات على المنتجات اليهودية". كما أشارت إلى تصريح وزير الخارجية السابق، افيغدور ليبرمان، في أبريل الماضي عندما قال إن "الأجدر بأوروبا أن توصم المنتجات الإسرائيلية بنجمة صفراء" في إشارة إلى الشارات التي كان اليهود يرتدونها في أوروبا إبان الاحتلال النازي. واستدركت أنه "على الرغم من هذه الخطابات الشديدة اللهجة ، فقد أسر دبلوماسي أوروبي رفيع المستوى ل "وكالة جويش"، اشترط عدم الكشف عن هويته، أنه من المرتقب أن يرتفع عدد الدول التي تضع ملصقات على منتجات المستوطنات بعد اصدار المبادئ التوجيهية الجديدة". وأضاف الدبلوماسي أن "المبادئ التوجيهية اقتصرت على إسرائيل، لأنها جاءت ردا على رسالة من 16 وزيرا خارجية الاتحاد الاوروبي حثوا فيها المفوضية الأوروبية على تنفيذ القرار الذي قدم سنة 2012 لفصل المنتجات الإسرائيلية عن الفلسطينية". وأوضح المصدر نفسه أن "الصحراء الغربية ليست الإقليم الوحيد الذي فشل في اجبار الإتحاد الأوروبي على وضع العلامات، بل إن السلع المنتجة في التبت المحتلة من طرف الصين، وكشمير الخاضعة لمراقبة الهند، وشمال قبرص، التي تحتلها تركيا، كلها مناطق لا تستحق علامات خاصة في أوروبا، و فقا للاتحاد الاروبي". ونقلت عن "اريك هاغن" قوله إن "التوظيف غير المتكافئ للأدوات القانونية يعود إلى كون الملف الإسرائيلي الفلسطيني، بسبب دلالاته التاريخية، يختلف كثيرا عن الملفات الأخرى، على مستوى المصالح تحركه، وعلى مستوى حضوره في الإعلام وفي السياسة". ولكن هذه العوامل، يضيف المتحدث، "لا يمكن أن تفسر التطبيق غير المتكافئ للقانون الدولي، الذي تم خرقه بشكل واضح". وقال المتحدث باسم المفوضية الأوروبية للتجارة والزراعة، دانيال روزاريو، لوكالة "جويش" إن النزاعين الإقليميين حول الصحراء والضفة الغربية "مختلفان تمام الاختلاف". وكتب "روزاريو" في رسالة بالبريد الالكتروني وجهها للوكالة إن "الاتحاد الأوروبي يعتبر المغرب المدير الفعلي في أراضي الصحراء الغربية، وعلى هذا الأساس، فإن الأنشطة المرتبطة باستغلال الموارد الطبيعية من طرف السلطة الإدارية في "إقليم لا يتمتع بالحكم الذاتي" ليست غير مشروعة، بشرط أن تأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات والمصالح والمنافع للشعب في هذا الإقليم". إلا أن "هاغن"، يضيف المصدر نفسه، يرى ان هذه "المغالطة القانونية مجرد ذر للرماد في العيون"، ولوح إلى أن المسؤول الأروبي يطبق "التعريف الذي يلائمه سياسيا"، مضيفا أن "الاتحاد الأوروبي طالما طبق معايير مختلفة على القضايا المطروحة، بدلا من معيار موحد يتخذ من القانون الدولي أساسا له، ولهذا فإن اي حديث لممثليه عن تشجيع السلام والتضامن عديم المصداقية". ". انزال في الاعلام الأمريكي هذه السمفونية لم تكن حكرا على التقارير الصحفية الاسرائيلية بل إن المداخلات التلفزيونية، ومقالات راي الجيش الإعلامي الصهيوني على كبريات الصحف العالمية، سارت في نفس الإتجاه، في ما يشبه خطة موحدة ركزت على نفس الحجج، ونفس المنهجية في الطرح والاستدلال، على النمط التواصلي الذي سطره الخبير الامريكي «فرانك لونتز»، المتشار السابق للرئيس "جورج بوش" الابن، في القاموس السري لاسرائيل، الذي الفه سنة 2009 على هيئة "قل ولا تقل"، لحساب مؤسسة "مشروع إسرائيل" الصهيونية، ويقول في مقدمته انه موجه الى من وصفهم ب«المرابطين على خطوط المواجهة، الذين يخوضون الحرب الإعلامية دفاعاً عن إسرائيل وعن اليهود في مختلف أنحاء العالم». ولعل أبرز هؤلاء "المرابطين" هو رئيس الكونغرس اليهودي الاروبي، "موشي كانتور"، حيث هاجم الاتحاد الاروبي مقال نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" يوم الأربعاء 11 نوفمبر، وذكر أنه تعهد الا يتخذ اي موقف ما دامت المفاوضات جارية بين الفلطينيين والإسرائيليين بموجب اتفاقية السلام.. ودعاه الى استعادة ما وصفه ب"الانصاف" و"دوره البناء" في السياسة الدولية. كما أشار إلى أن "الإتحاد وقع السنة الماضية مع المغرب على اتفاقية الصيد البحري في مياه الصحراء الغربية، مع أن المغرب متهم باحتلال هذه المنطقة، وحاول أن يشن فيها حملة تطهير عرقي" على حد تعبيره. ومن أبرز المرافعين هناك أيضا "أوجين كونتوروڤيتش"، وهو استاذ للقانون الدستوري والعلاقات الدولية في جامعة "نورثيسترن" في بوسطنالأمريكية، حيث ذكر في مقال نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" يوم الخميس 12 نوفمبر أن المحكمة الاروبية أصدرت السنة الماضية حكما لصالح اسرائيل في قضية مماثلة تخص مساحق التجميل المصنوعة في الضفة الغربية. وأن الإتحاد الاروبي بقراره هذا يخالف مواقفه السياسية في القضية الفلسطينية، ويخرق المبادئ المؤسسة له، وتوصيات المنظمة العالمية للتجارة، ويضر بمصداقيته امام المنتظم الدولي. موضحا أنه "يحث إسرائيل على احترام القانون الدولي بينما يخرقه هو". وبخصوص قضية الصحراء قال "أوجين كونتوروڤيتش" إن "الإتحاد يعتبر احتلال المغرب أمرا عاديا، عكس اسرائيل. مع أن المغرب ملأ منطقة الصحراء بالمستوطنين" على حد قوله. اللوبي الصهيوني والدبلوماسية المغربية مما أثار استغراب المراقبين في الحملة الإعلامية الإسرائيلية أن التطبيع بين المغرب وإسرائيل لا يقتصر على الميدان السياسي، او التنسيق "غير الرسمي" بتعبير مسؤول عسكري اسرائيلي في تصريح لصحيفة "جيروزاليم بوست" في تعليق له على التدريب العسكري للشباب المغاربة في الجيش الاسرائيلي خلال الصيف الماضي، و الميدان الإقتصادي، الذي يعكسه ازدهار المبادلات التجارية ورفض البرلمان المغربي تجريم التطبيع مع اسرائيل، بل إن الدبلوماسية المغربية تعول كثيرا على دعم اللوبي الصهيوني في قضية الصحراء. وكانت قد تسربت أخبار إلى الصحافة قبل سنتين عن الدور الذي لعبته "لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية" المعروف إختصارا ب"إيباك" في الدفاع عن موقف المغرب في قضية الصحراء أمام الإدارة الأمريكية التي تقدمت وقتها بمبادرة لتوسيع صلاحيات بعثة "الميبنورسو" لتشمل قضايا حقوق الانسان في الصحراء . وحسب موقع "مندوويس" الاخباري ففي أبريل من سنة 2013، بعث النائبان الجمهوريان ورئيسا لجنة "طوم لانتوس" لحقوق الإنسان، "فرانك وولف" و"جيم ماك كفورن"، رسالة إلى وزير الخارجية جون كيري بخصوص انتهاكات حقوق الإنسان بالصحراء. وتحتوي هذه الرسالة على توصيات لدعم توسيع مراقبة حقوق الإنسان وتقرير آخر يخص مهمة "بعثة الأممالمتحدة لإجراء الاستفتاء في الصحراء الغربية" (مينورسو). وسبق لموقع "لكم"، أن نشر خبر زيارة وفد مغربي رفيع المستوى ضم شخصيات أمنية واستخباراتية بارزة لواشنطن للقاء لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية "ايباك". ولم يعلق أي مسؤول سواء من "ايباك" أو من الحكومة المغربية بخصوص مضمون هدا اللقاء لكن الشكوك ساورت خبراء في هذا المجال بالنظر إلى التوقيت فيما يتعلق بموضوع تلك المحادثات . وقد كتب مايك كوغان في موقع"مندوويس" عن ذلك اللقاء ما يلي: "في هذا السياق اخبرني "ستيفان زونس"، الخبير المتميز في هذا المجال، عبر البريد الإليكتروني، بأن لقاء مسؤولي الحكومة المغربية و "ايباك" بعد صدور رسالة لجنة طوم لانتوس لحقوق الإنسان طوم مانتوس" بأنه "لم يكن مفاجئا على الإطلاق لأن التوجه العام والمجموعات اليمينية الصهيونية كانت داعمة ومساندة للموقف المغربي منذ زمن".