المجلس حقق في صفقات مشبوهة وأثبت عدم مطابقة العتاد الديداكتيكي الذي تم تسلمه للمواصفات المتعاقد بشأنها
أعلن المجلس الأعلى للحسابات أن هيئات الحكم التابعة له أصدرت أحكاما بغرامات مالية تراوحت مبالغها ما بين 1000 درهم 200000 درهم، في إطار قضايا الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين على خلفية الاختلالات التي شابت إبرام وتنفيذ مجموعة من الصفقات من أجل اقتناء العتاد الديداكتيكي لفائدة المؤسسات التعليمية التابعة لهذه الأكاديميات في إطار تنفيذ مشروع«E1P8»، المدرج ضمن المخطط الاستعجالي الذي أعدته وزارة التربية الوطنية من أجل تسريع وتيرة تنز يل الميثاق الوطني للتربية والتكوين خلال الفترة الممتدة ما بين سنتي 2009 و 2012 ، بهدف تحسين الآلية البيداغوجية بالمؤسسات التعليمية. ويتعلق الصنف الأول من هذه الأجهزة بالأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين لجهات مراكش تانسيفت الحوزوفاس – بولمان وسوس-ماسة وطنجة – تطوان والشاوية – ورديغة وتادلة – أزيلال. في حين ينصرف النوع الثاني من الأجهزة المعنية بهذه القرارات إلى مصالح الدولة المسيرة بطريقة مستقلة، ويتعلق الأمر بمعهدي التكنولوجيات الفندقية والسياحية لفن الطبخ حي أطلس – فاس وحي أنس- فاس والمعهد العالي للإعلام والاتصال. وأوضح المجلس الأعلى الذي نشر أمس القرارات الصادرة عن غرفة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية برسم 2019، أنه باستثناء بعض الحالات ذات الصلة بعدم اتخاذ صاحب المشروع الإجراءات اللازمة في حق الشركات المتعاقد معها جراء تأخرها في تنفيذ التزاماتها داخل الآجال المتعاقد بشأنها، همت أغلب المخالفات الثابتة، بشكل خاص، عدم مطابقة العتاد الديداكتيكي الذي تم تسلمه في إطار الصفقات المعنية للمواصفات المتعاقد بشأنها، إذ ثبت، من خلال التحقيق في المؤاخذات المنسوبة إلى مختلف المتابعين، أن بعض المعدات الموردة في إطار هذه الصفقات لا تحمل العلامة التجارية التي تعهد بها صاحب الصفقة وأنها غير أصلية أو يدوية الصنع، أو تحمل علامات تجارية غير معروفة، كما أنها لا تتطابق مع النماذج المصورة أو الوثائق الوصفية الخاصة بها ولا تحمل أي رقم تسلسلي يمكن من التعرف عليها، كما لا يتوفر البعض منها على القطع اللازمة لتشغيلها . واعتبر المجلس أنه بالإضافة إلى هذه الاختلالات التي تجد مصدرها في عدم وضع نظام للمراقبة الداخلية كفيل بتمكين أعضاء لجن التسلم من التوفر على المراجع والكفاءة اللازمة للقيام بعملية مراقبة المطابقة، فقد شابت عمليات التسلم المؤقت للمعدات موضوع الصفقات المعنية عيوبا وإخلالات بسبب عدم التقيد بمساطر التسلم المؤقت والتسلم النهائي للمعدات الموردة، سواء من خلال انفراد مدراء الأكاديميات بالإعلان عن هذا التسلم دون تكليف لجان بذلك وفقا لم ا تقتضيه دفاتر الشروط الخاصة المتعلقة بالصفقات المعنية، أو من خلال اكتفاء اللجن المعينة لهذا الغرض بالاعتماد على شواهد التسلم في مرحلة توريد العتاد إلى النيابات الإقليمية التابعة للأكاديميات المعنية من أجل الإعلان عن التسلم المؤقت، وذلك بالرغم من عدم التزام الشركات المتعاقد معها بتنفيذ كل البنود التعاقدية لاسيما ما يتعلق منها بتشغيل وتركيب المعدات والقيام بالتكوين اللازم لأجل استعمال البعض منها . وبالنتيجة، أفرغت عمليات التسلم المذكورة من طابعها الرقابي وترتب عنها ضياع آجال الضمان بالنسبة لبعض العتاد جراء عدم تشغيله داخل الآجال المحددة، الأمر الذي فوت على هذه الأكاديميات الاستفادة من الحقوق التي تكفلها دفاتر الشروط الخاصة والنصوص المطبقة في مجال الصفقات العمومية وتدارك حالات عدم المطابقة التي شابت عمليات التوريد. وكشف المجلس أنه تبين لديه إثر المعاينات المنجزة، خلال التحقيق بعين المكان، وجود كميات من العتاد التعليمي الذي لا يزال ملفوفا في علبه بالمؤسسات التعليمية المستفيدة إما بسبب توفر هذه الأخيرة على فائض من ذلك العتاد أو لعدم تناسب المعدات المقتناة مع المقررات الدراسية للمستويات التعليمية التي اقتني من أجلها أو عدم تلقي الأساتذة المعنيين تكوينا في كيفية تشغيله واستعماله، أو عدم توفر المؤسسات على محضري المختبرات الذين يعتبر دورهم ذ ا أهمية بالغة في الإعداد القبلي والمساعدة على تحضير الحصص التطبيقية. وأكد التقرير أن هذه الملاحظات تثير أهمية مرحلة تحديد الحاجات المراد تلبيتها في تحقيق فعالية النفقات الملتزم بها في إطار الصفقات العمومية، لاسيما ملاءمة الخصائص الكمية والنوعية للمعدات المراد اقتناؤها للحاجات الفعلية للمؤسسات المستهدفة وشروط التوريد والتسلم المحددة في دفاتر الشروط الخاصة للإمكانيات البشرية والقدرات التدبيرية التي تتوفر عليها كل أكاديمية جهوية على حدة، خاصة وأن إبرام وتنفيذ الصفقات المعنية تزامن مع إحداث هذا النوع الجديد من المؤسسات العمومية وما رافق ذلك من صعوبات تنظيمية. أما الجزء الثاني من القرارات المنشورة في إطار هذه المجموعة، فيهم قضايا بعض معاهد التكوين التي تتخذ شكل مصالح للدولة مسيرة بطريقة مستقلة. وتتعلق المؤاخذات موضوع المتابعة في إطار هذه القضايا بممارسات متواترة دأبت عليها هذه الأجهزة في تلبية الحاجات العامة التي أحدثت من أجلها، تتجلى في توريد مواد غذائية وإنجاز أشغال وأعمال في غياب أي علاقة تعاقدية ودون التقيد بقواعد تنفيذ النفقات العمومية، لا سيما عدم إخضاع الأعمال المنجزة للمنافسة ولمراقبة الالتزام بالنفقات، إذ يطلب من بعض الممونين، الذين يقبلون بهذا التعامل، إنجاز هذه الأعمال إلى حين التوصل بالاعتمادات المالية وإبرام صفقات أو إصدار سندات الطلب «لتسوية»مستحقاتهم. واعتبر المجلس الأعلى للحسابات أنه وبغض النظر عن كون المتابعين في إطار هذه القضايا قد برروا هذه الممارسات بعامل الاستعجال وبعدم ملاءمة قواعد المحاسبة العمومية لطبيعة أنشطة هذه الأجهزة وكون التحقيق لم يسفر عن تفاوتات بين الأعمال المنجزة فعليا والمبالغ المؤداة برسم سندات الطلب والصفقات المعنية بالمؤاخذات، فإن إحداث تحملات بميزانية هذه المعاهد قبل عملية الالتزام المحاسبي بالمبالغ موضوعها يتعارض مع مبادئ وقواعد تنفيذ النفقات العمومية المنصوص عليها في النظام العام للمحاسبة العمومية، التي تروم تفادي تراكم ديون الأجهزة العمومية وضمان الشفافية والوضوح والشمولية في تسجيل جميع العمليات المالية والمحاسبية التي تنجزها الإدارات العمومية بما يحقق التتبع الجيد والدقيق لتنفيذ الاعتمادات المالية المفوض ة. وبالنتيجة، كرست مرحلة تصفية وأداء هذه الديون ممارسات غير قانونية أخرى، لاسيما وضع واعتماد وثائق محاسبية لا تعكس حقيقة تنفيذ الأعمال موضوعها. كما اعتبر المجلس أن إسناد تنفيذ طلبيات عمومية لممونين بشكل مباشر ، دون إخضاعها للمنافسة، لا يتيح تكافؤ الفرص والمساواة في ولوج الطلبيات العمومية، وبالتالي، لا يمكن من الاستفادة من العرض الأفضل اقتصاديا ومن الأثمان التنافسية التي تتيحها السوق كما تتنافى هذه الممارسات مع مبدأ معاينة الحقوق والواجبات، والذي يقضي باحتساب العمليات المتعلقة بالميزانية والمالية برسم السنة المالية التي ترتبط بها بغض النظر عن تاريخ أدائها أو قبضها، الأمر الذي يجعل المحاسبة الإدارية للآمرين بالصرف لا تبرز، في هذه الحالة، نتائج السنة المالية بشكل حقيقي ولا تمنح صورة دقيقة لالتزامات هذه المعاهد اتجاه الأغيار . وبعد استكمال إجراءات التحقيق والمداولة في جميع هذه القضايا، وبالإضافة إلى حالات عدم المؤاخذة سواء بسبب عدم ثبوت الأفعال المادية موضوع المتابعة أو عدم مسؤولية الأشخاص المتابعين عن الأفعال المنسوبة إليهم، أصدرت هيئات الحكم أحكاما بالغرامات المالية المذكورة .