أعلنت الصين، الأربعاء، أنها نجحت في وضع المسبار «تيانوين-1» في المدار حول المريخ بعد سبعة أشهر على إطلاقه من جنوب البلاد، في مهمة تنطوي على إنزال روبوت صغير على سطح الكوكب الأحمر. وذكرت وكالة أنباء الصينالجديدة (شينخوا) أن «المسبار دخل بنجاح إلى مدار المريخ». ويشكل ذلك خطوة إضافية في برنامج بكين الفضائي الطموح الهادف إلى إقامة محطة فضائية مأهولة بحلول العام 2022 وإرسال رواد إلى القمر، كما أنه يفتح مجالا جديدا للمواجهة الفضائية بين واشنطنوبكين. فقد أطلق «تيانوين-1» بالتزامن تقريبا مع مهمة فضائية أمريكية منافسة، ومن المتوقع أن يهبط المسبار الصيني على الكوكب الأحمر في ماي، في أول مهمة من نوعها للصين. وأنفقت الصين مليارات الدولارات في مهام استكشاف الفضاء، فيما تحاول تعزيز مكانتها العالمية وقوتها التكنولوجية الكبيرة. وفي حال نجحت مهمة «تيانوين-1» في إنزال روبوت على سطح المريخ ستجعل من الصين أول بلد يتمكن خلال مهمة واحدة من الوصول إلى مدار هذا الكوكب والهبوط على سطحه وإنزال روبوت عليه، على ما أفاد تشي وانغ مدير المركز الوطني لعلوم الفضاء في أكاديمية العلوم الصينية في مذكرة بحث. وأضاف تشي «علميا، تشكل تيانوين-1 المهمة الأكثر تكاملا التي تستكشف تكوين المريخ وتركيبته على صعيد الجيولوجيا وعلم المعادن والبيئة الفضائية والتربة وتوزيع المياه والجليد». يحمل المسبار «تيانوين -1» البالغ وزنه خمسة أطنان، واسمه يعني «أسئلة إلى الجنة»، مركبة مدارية وأخرى للهبوط وعربة فضائية جوالة تعمل بالطاقة الشمسية. ويأمل العلماء في هبوط العربة الجوالة التي يبلغ وزنها 240 كيلوغراما في ماي في فوهة يوتوبيا الضخمة التي يعتقد أن نيزكا ارتطم بها، على أن يبقى المسبار في المدار مدة عام مريخي (687 يوما بمقياس الأيام الأرضية). ومن أجل إجراء دراسة تستغرق ثلاثة أشهر عن تربة الكوكب الأحمر وغلافه الجوي، ستلتقط المهمة صورا وترسم خرائط وتبحث عن علامات للحياة في الماضي. وقد أرسل المسبار بالفعل صورته الأولى للمريخ، وهي صورة بالأبيض والأسود أظهرت ميزات جيولوجية بما في ذلك فوهة سكياباريلي ووادي مارينر (فالس مارينيرز)، وهو مساحة شاسعة من الأخاديد على سطح المريخ. وليست «تيانوين -1» أول محاولة صينية للوصول إلى المريخ، فقد باءت مهمة سابقة مع روسيا في العام 2011 بالفشل بعد الإخفاق في عملية الإطلاق. وأثبت المريخ أنه هدف صعب، إذ فشلت معظم المهمات التي أرسلتها روسيا وأوروبا واليابان والهند منذ العام 1960. وسيصبح مسبار «برسيفرنس» من «ناسا» المتوقع هبوطه على الكوكب الأحمر في 18 فبراير، خامس مركبة متجولة (روفر) تكمل الرحلة منذ العام 1997، وكلها حتى الآن أمريكية. وتبحث المركبة عن علامات لحياة جرثومية قديمة وستحاول تسيير طوافة درون وزنها 1,8 كيلوغرام على كوكب آخر للمرة الأولى. وقال جوناثان ماكدويل عالم الفيزياء الفلكية في مركز هارفارد سميثسونيان للفيزياء الفلكية إن «المريخ هو الأكثر شبها بالأرض». وأشار إلى أن الكوكب الأحمر «يوفر فرصة للإجابة على الأسئلة الرئيسية حول وجود حياة خارج كوكب الأرض وأصل المجموعة الشمسية وتطورها». وقد قطعت الصين شوطا طويلا في سباقها للحاق بالولايات المتحدةوروسيا اللتين يتمتع رواد الفضاء لديهما بخبرة عقود في استكشاف الفضاء. وأرسلت بكين بالفعل مركبتين جوالتين إلى القمر، إحداهما كانت الأولى التي تنجح في الهبوط على الجانب غير المرئي منه. ويمثل هذا التطور خطوة هامة للصين في برنامجها الحالي لاستكشاف المريخ، الذي صمم للانتهاء من الدخول في المدار والهبوط والتجوال على سطح المريخ في مهمة واحدة، بحسب الإدارة. وبعد الدخول إلى مدار المريخ، ستبدأ حمولات المسبار من الكاميرات ومختلف أجهزة تحليل الجسيمات في العمل وستجرى مسحات للكوكب الأحمر. وأطلق المسبار (تيانون-1) على متن الصاروخ (لونغ مارش-5)، أكبر صاروخ حامل صيني، من موقع ونتشانغ لإطلاق المركبات الفضائية على ساحل مقاطعة جزيرة هاينان بجنوبيالصين في 23 يوليوز 2020. وسافر المسبار في الفضاء 202 يوم.وأجرى أربعة تصحيحات مدارية ومناورة في الفضاء العميق،. وطار 475 مليون كم وكان على بعد 192 مليون كم من الأرض عندما وصل إلى مدار المريخ. وسيجري (تيانون-1) الآن العديد من التصحيحات المدارية للدخول إلى مدار انتظار مؤقت للمريخ. ويأتي ذلك غداة دخول مسبار «الأمل» الإماراتي بنجاح مدار المريخ، في إنجاز تاريخي عربي هو الأول من نوعه. مسؤول إماراتي: ننظر إلى وصول مسبار المريخ الصيني أكد مسؤول رفيع بمركز محمد بن راشد للفضاء في دبي (الأربعاء) حرص الإمارات على التعاون الوثيق مع الصين في ما يخص أبحاث الفضاء واستكشاف الكواكب والمدارات، وتبادل الخبرات في هذا الشأن الواسع. وقال مساعد المدير العام للشؤون العلمية والتقنية في مركز محمد بن راشد للفضاء، المهندس سالم المري إن الإمارات تنظر باهتمام بالغ لنجاح وصول أول مسبار إلى المريخ تطلقه الصين في مهمة إلى كوكب المريخ مساء الأربعاء وأضاف المري: «نحن نشعر بأن نجاحنا، أمس، في إيصال (مسبار الأمل) إلى مدار كوكب المريخ سيكتمل مع نجاح وصول مسبار المريخ الصيني اليوم إلى الكوكب الأحمر، وهو أمر سيعود بالنفع العلمي على العالم بأسره». وقال المري: «نتمنى نجاح المركبة الصينية في الهبوط على سطح المريخ، وننظر لهذه المهمة على أنها واحدة من أهم المشاريع العلمية لاستكشاف الكوكب، خاصة أنها ستنقل لنا الصورة الواضحة عنه لتساهم في اكتشافات ثرية بمجالات العلوم، والفضاء بشكل خاص،ونجاحها مهم للغاية لنا». وأعتبر المري أن «الصين قامت بخطوة جريئة مهمة في هذا الصدد، ووصول مركبة متجولة تحمل قمرا صناعيا إلى المريخ هو إنجاز علمي متفرد ننظر إليه بأهمية بالغة». وكانت دولة الإمارات العربية المتحدة قد أعلنت، يوم الثلاثاءالماضي، عن نجاح مهمة «مسبار الأمل» في الوصول إلى المريخ والالتحام مع مداره ضمن مشروع علمي لاستكشاف الكوكب الأحمر، وتوفير أول صورة متكاملة للغلاف الجوي. وقد أصبحت الإمارات أول دولة في المنطقة العربية، وخامس دولة في العالم، تقوم بمهمة لاستكشاف المريخ، حيث استغرقت مهمة وصول «مسبار الأمل» إلى الكوكب الأحمر سبعة أشهر، وهو مكلف بدراسة الجوانب المختلفة للغلاف الجوي لهذا الكوكب، ونقل صورة شاملة عن مناخ المريخ وطبقات غلافه الجوي المختلفة، ما يمنح المجتمع العلمي العالمي فهما أعمق لعمليات الغلاف الجوي للكوكب. وكانت الصين قد أطلقت مسبارا للمريخ في 23 يوليوز 2020 بهدف إكمال التحليق في المدار والهبوط والتجول في مهمة واحدة، واتخاذ الخطوة الأولى في استكشافها الكوكبي للنظام الشمسي. وتم تسمية أول مهمة لسبر المريخ في الصين باسم تيانون-1، مما يعني أسئلة إلى السماء وتأتي من قصيدة ألفها تشيوي يوان (حوالي 340-278 قبل الميلاد)، أحد أعظم الشعراء في الصين القديمة، وسيقضي المسبار الصيني من شهرين إلى ثلاثة أشهر في مسح مواقع الهبوط المحتملة باستخدام كاميرا عالية الدقة للتحضير للهبوط في مايو القادم. وسيكون الجزء الأكثر تحديا من المهمة هو الهبوط الناعم، وهو عملية مستقلة للمسبار تستمر من سبع إلى ثمان دقائق. وبعد الهبوط،سيتم إطلاق مركبة تجوال لإجراء استكشافات علمية بعمر متوقع لا يقل عن 90 يوما من المريخ (حوالي ثلاثة أشهر على الأرض)، وستنقل المركبة المدارية، مع عمر مصمم يبلغ عاما واحدا على المريخ (حوالي 687 يوما على الأرض)، ستنقل الاتصالات لمركبة التجوال أثناء إجراء الكشف العلمي الخاص به. وهنأت جامعة الدول العربية،الأربعاء دولة الإمارات، العربية المتحدة، بوصول «مسبار الأمل» إلى كوكب المريخ، معتبرة ذلك إنجازا يضع العرب على خريطة التميز العالمي في المجال المعرفي وأعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، في بيان، عن تهنئته لدولة الإمارات العربية المتحدة بالنجاح الكبير الذي تحقق بدخول» مسبار الأمل « على مدار المريخ، مؤكدا أن هذا الإنجاز المهم يأتي تتويجا لتراكم معرفي ونهضة تعليمية وعلمية رعتها الحكومة عبر سنوات وعقود. وقال أبو الغيط، إن هذه المهمة الفضائية الفريدة، التي عمل الفريق الإماراتي على إنجازها، تضع العرب على خريطة التميز العالمي في المجال المعرفي. وشدد على أن تلك الخطوة تؤكد قدرة العرب على الالتحاق بركب الحضارة المعاصرة في جانبها العلمي والمعرفي، وتعيد إلى الأذهان ما سبقت إليه الحضارة العربية من فتوحات علمية في عصرها الزاهر... في ما يأتي بعض الحقائق والأرقام حول مشروع الدولة الغنية بالنفط تملك الإمارات 12 قمرا اصطناعيا في الفضاء للاتصالات وجمع المعلومات ولديها خطط لإطلاق أقمار أخرى في السنوات المقبلة. لكن طموح الإمارات الأكبر يقوم على بناء مستوطنة بشرية على المريخ خلال مئة عام بحلول سنة 2117. ووظفت دبي في 2017 مهندسين وتقنيين لتصور كيف يمكن أن تبنى مدينة على الكوكب الأحمر. وفي انتظار ذلك، تخطط لإقامة «مدينة المريخ للعلوم» في صحراء الإمارات بكلفة تبلغ حوالى 500 مليون درهم (135 مليون دولار)، والهدف منها محاكاة ظروف مماثلة لتلك الموجودة على المريخ. وبموجب استراتيجية الفضاء الوطنية التي تم إطلاقها العام الماضي، تتطلع الإمارات أيضا إلى تنفيذ مشاريع أخرى بينها سياحة الفضاء، ووقعت مذكرة تفاهم في هذا الإطار مع شركة «فيرجين غالاكتيك» التي يملكها الملياردير ريتشارد برانسون. وانطلقت رحلة مسبار «الأمل» الآلي من مركز تانيغاشيما الياباني في 20 من يوليوز 2020. ويبلغ وزنه 1350 كيلوغراما، وهو بحجم سيارة رباعية الدفع تقريبا، وقد استخدم منصة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة للإطلاق من مركز تانيغاشيما الفضائي الياباني. وأكد مسؤولون إماراتيون أن مناورة الثلاثاء لدخول مدار المريخ هي «الأكثر أهمية وتعقيدا». وسيكون إبطاء سرعة المركبة الفضائية إلى الحد الذي يسمح بإدخالها في مدار الجاذبية أمرا دقيقا للغاية. وسيدور المسبار إلى الحد الذي يسمح بإدخاله في مدار الالتقاط، وتستمر عملية حرق الوقود باستخدام ستة محركات للدفع العكسي (دلتا في)لمدة 27 دقيقة ليقوم ذاتيا بخفض سرعته من 121 ألف كيلومتر إلى 18 ألف كيلومتر في الساعة. وستستهلك العملية المعقدة نصف كمية الوقود في المسبار، مع 11 دقيقة لتصل إشارة من مسبار «الأمل» إلى الأرض. وفي حال نجاح ذلك، فإن دورة واحدة حول الكوكب الأحمر ستستغرق أربعين ساعة. وسيبقى مسبار «الأمل» في هذه المرحلة لمدة شهرين تقريبا، وسيتم خلالها إجراء مزيد من الاختبارات حتى يصبح جاهزا لدخول مدار «العلوم» مع بدء عملية جمع البيانات. وسيظل المسبار في المدار لمدة سنة مريخية كاملة أي 687 يوما. خلال المرحلة العلمية، سيدور المسبار حول الكوكب الأحمر دورة كل 55 ساعة في مدار بيضوي يراوح ما بين 20 ألفا و43 ألف كيلومتر، كما سيكون تواصل فريق العمل مع المسبار عبر محطة التحكم الأرضية مرتين إلى ثلاث مرات أسبوعيا. وستنقل ثلاث وسائل تقنية مثبتة على المسبار صورة كاملة عن أجواء الكوكب الأحمر طوال السنة المريخية. وسيحلل جهاز لقياس الأطياف الحرارية يعمل بالأشعة تحت الحمراء الغلاف الجوي السفلي وهيكلة الحرارة، بينما يوفر جهاز تصوير عالي الدقة معلومات حول مستويات الأوزون. وأخيرا، يقيس جهاز بالأشعة فوق البنفسجية مستويات الأكسيجين والهيدروجين من مسافة تصل إلى 43 ألف كيلومتر من السطح. ويقول المسؤولون عن المشروع إن فهم أجواء الكواكب الأخرى سيسمح بفهم أفضل لمناخ الأرض. لكن المشروع مصمم أيضا لإلهام المنطقة التي تعاني اضطرابات وحروبا، وللتذكير بذروة التقدم العلمي خلال العصور الوسطى. وقال مدير المشروع عمران شرف لوكالة فرانس برس «أرادت الإمارات توجيه رسالة قوية للشباب العربي وتذكيرهم بالماضي، بأننا كنا مصدرا للمعرفة». وإذا نجحت مهمة دخول مدار المريخ، فستكون الإمارات خامس دولة تصل إلى الكوكب على الإطلاق، في حدث يتزامن مع احتفالاتها بالذكرى الخمسين لولادتها هذا العام.