أفزع تناسل فيروس كورونا، وظهور سلالة جديدة، كلَّ دول العالم. وكانت أول احترازاته، تعليقُ الرحلات الجوية إلى بريطانيا العظمى التي غزتها هذه السلالة الجديدة، وانتقلت منها إلى بعض الدول المجاورة، التي كانت تربطها بلندن رحلات. هذه السلالة أكثرُ عدوانيةً، وأكثر حدةً وأكثر فتكاً وأكثر سرعةً في الانتشار..حسب العلماء. ونبدو أمامها وكأننا أمام كائن عاقل، يجيد الضربات السريعة، والتحرك التاكتيكي، وتزداد أرقام ضحاياه، والخطورة التي تمسهم، والقلق الذي يساور الأطباء والعلماء.. ويبدو الفيروس كائنا عاقلا، عندما نراقب سلوك السلالة الجديدة. كريس ويتي كبير المسؤولين الطبيين في إنكلترا، بدا مطْمَئنا وهو يقول «لا يوجد مؤشر في الوقت الراهن على أن هذه السلالة الجديدة تسبب ارتفاع معدل الوفيات، أو أنها تؤثرعلى اللقاحات والعلاجات، لكنّ العمل جارٍ لتأكيد ذلك».. اللندنيون، لم يتذكروا أي لحظة لمقارنة ما يعيشونه سوى لحظة الحرب العالمية الثانية. وذلك ما قاله ?بالفعل- صادق خان، عمدة عاصمة الضباب.. وهو ما يكشف القرابة بين السلالة الجديدة والخوف النازي! في المخيال الجماعي، يجد البريطانيون أنفسهم أمام نازية جديدة، يمثلها الفيروس.. وبعيدا عن لندن، يبدو الفيروس العاقل، وكأنه قائد معركة يغير من الأدوات في الهجوم، بعد أن صفق العالم كله لإيجاد اللقاحات لسلالته القديمة.. ومن الصدف الماكرة، أن بريطانيا، هي التي أطلقت أولى التلقيحات، وهي الدولة الأولى التي سمحت باستخدام هذا اللقاح من مختبرات «فايزر-بيونتيك»، تلتها أمريكا بعد أسبوع، تلقت الممرضة المتخصصة في العناية المركزة ساندرا ليندسي من نيويورك اللقاح أمام الكاميرات في «لونغ اسلند جيويش ميديكل سنتر»، المستشفى الكبير في منطقة كوينز. وتلاقى الرئيس المغادر والرئيس القادم في تهنئة الأمريكيين والعالم باللقاح ، غرد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على تويتر «أول لقاح يتم تلقيه. التهاني للولايات المتحدة. التهاني للعالم». وكتب الرئيس المنتخب جو بايدن بدوره «تمسكوا بالأمل، أيام أفضل آتية». التلقيح السريع، هو الرد الآن. ونحن نرى بعض التردد وبعض العفوية المُطَمْئنة في تدبير أجندة التلقيح في بلادنا. أول تاريخ سمعناه هو الرابع من دجنبر.ثم انتقلنا، على لسان وزير الصحة إلى منتصف الشهر نفسه. والآن، يتم تداول تاريخ مغاير، وهو أمر لم يعد من الممكن تقبله بالنسبة لبلد كالمغرب، راكم تجربة وطنية مهمة ومشرفة في ما يخص الحملات التلقيحية.. ليس أمامنا وقت للتلكؤ، ولا للتساهل. وقد سجلنا منذ البداية،أن بلادنا قادرة على التفاعل واتخاذ خطوات سباقة قبل دول لها اقتصاد قوي، وتاريخ في البحث العلمي. عندما اتخذت بلادنا الإجراءات الاستباقية، بأمرملكي، وعندما اتخذت الجواب السريع على الوضع الاقتصادي، وأنشأت صندوقا لذلك، وعندما سارعت إلى الاتفاق مع الصين بخصوص اللقاح وتجاربه وتصنيعه.. يجب أن تكمل هذه الاستباقية،التي ستحمينا من تحولات الفيروس وميله إلى العدوانية أكثر. لقد تابعنا ?بالفعل- جزءاً من هذه العدوانية في حالات أحِبّتنا وأصدقائنا ومسؤولين من أشد الحريصين على الخطوات الاحترازية، والامتثال للنداء الملكي بخصوص التعامل الجدي والمسؤول مع الفيروس والاحتياطات المطروحه علينا.. وعلينا أن نواصل ونسارع إلى التقليح، لأن كل ارتباك سندفع ثمنه من الأرواح المغربية الطاهرة.. تابعنا جميعا حالات المحاكاة التي جرت يوم الأحد الماضي، وهي تمرين ذكي،لتقريب الصورة وكسرالانتظارية التي بدأت تسود في بلادنا.. وورقة بين يدي بلادنا للإسراع في إطلاق عملية التلقيح..