يحدث أن نقرأ تقلبات السياسة بثوابت العاطفة! ونحن شعب لا ينسى الكلمات الطيبة والصور الجميلة. ومن خلال الأحاسيس المعبر عنها، نثق، ونحلل ثم نبتسم. حدث ذلك في ماسبق مع دونالد ترامب. ويحدث ذلك اليوم.. في الحكاية مع دونالد ترامب، تبادلنا الصور التي تظهره إلى جانب الراحل الحسن الثاني، وقتها كان رجل أعمال، بشباب طافح وبعد كبير عن السياسة.. كانت سنة 1992. لم نكن في خارطة تقديره، بنفس الحظوة التي نالها في تبادلنا، هو الذي يعشق التويتر كما لو كان خاتما سحريا. في إحدى جولاته الانتخابية سيصدمنا، يذهلنا، عندما وزع «الكليب clip» الذي يظهر فيه مهاجرون بالقرب من الأسلاك الشائكة المحيطة بمليلية المحتلة، ثم عندما خاطب الحضور في بورتلاند، بذكر اسمنا، وكان وقتها شخص قيل إنه مغربي قد اعتقل بتهمة التخطيط لعملية إرهابية… أما جو بايدن، فنحتفظ له في الواتساب والأرشيف الوطني، العاطفي خصوصا، بصورتين: الأولى، وهو يلقي الخطاب الحماسي والعاطفي الجميل في حقنا، عندما حضر المؤتمر العالمي لرجال الأعمال في مراكش في 2014. يومها لم يكن بايدن قد صار الرئيس 46 للولايات المتحدةالأمريكية، لكنه قال بالحرف الذي نعيد نشره اليوم في كل تواصلاتنا، «لقد وقعت في حب المغرب»، فقد زار جو بايدن، مدينة مراكش، التي ألقى فيها كلمة، باعتباره نائب رئيس الولاياتالمتحدة، باراك أوباما.. ومما ورد فيها: "ما لا يعلمه العديد من الأشخاص، أن للمغرب مكانة خاصة في قلوب الأمريكيين، باعتباره الأمة الأولى في العالم، التي اعترفت باستقلال الولاياتالمتحدةالأمريكية، منذ ما يزيد عن 238 سنة تحديدا سنة 1777، "ليقول ضاحكا: "لقد قدمت إلى هنا لأقول شكرا! "ويتابع" بعد زيارتي المغرب، لقد وقعت في حب بلدكم، في حب كل مكان وزقاق زرته، كما أمتلك وأصبح لي فيه العديد والعديد من الأصدقاء، لقد كان المغرب الهدية المباركة، التي مكنت الدبلوماسيين الأمريكيين من الاستمرار في الحياة وتأدية واجباتهم على أكمل وجه…". والثانية، يظهر فيها بايدن وهو متفاجئ من مقلب جميل، وعاطفي، عندما غادر «المنارة»، واستقبل بالنشيد الوطني العاطفى: سنة حلوة يا جميل… الفيديو يجوب الآن كل النوافذ العنكبوتية والتواصلية المغربية. وهي طريقتنا في أن نذكره بأنه ذات يوم حظي بجو عائلي في المطار.. بمناسبة عيد ميلاده ...تؤدي أنغامه الفرقة النحاسية المعتمدة… في التقدير السياسي، قد تكون الصداقة في قلب الدراما السياسية! لكننا نحب أن نحب...، ونحب أن نذكر الحب، في ساعات الالتباس السياسي الدولية… بعد أن ننحني للعاطفة، يأتي وقت قراءة المواقف: بالنسبة لترامب، كان لنا امتحان اسمه جون بولتون، مستشار لشؤون الأمن القومي، والذي دفع باتجاه تقليص مهام المينورسو في الصحراء، من سنة إلى نصفها، مقابل ميول رأى فيها جزء من الرأي العام المغربي انحيازا مسبقا للأطروحات الجزائرية، التي اعتمدها عقدة أساسية في محور ما بعد 11 شتنبر. لم يدم بولتون، ولم تدم المحاور، وواصلنا انتصاراتنا… في بايدن سنتابع المحيط الخاص، وموقع أسماء من قبيل سوزانا رايس، في تدبير العلاقات مع الشركاء.. سبق لها أن كانت سفيرة لبلادها في الأممالمتحدة، ولم تُكِن لنا أدنى مشاعر الود، وكانت أيضا مستشارة أوباما في الأمن القومي، يقولون إنها قد تتولى المشورة في القضايا الخارجية…راج اسمها قبل اسم كامالا هاريس أو بتزامن معه.. سننتظر حجم أدوارها في المستقبل .. وهل تغيرت نواياها عندما قامت في سنة 2013 بتدبيج قرار بلادها بخصوص المينورسو، بدون الرجوع إلى رؤسائها، وخلقت الأزمة مع المغرب… سوزانا هي صديقة كيري كينيدي، التي على بالنا جميعا. بايدن سيكون شريك المغرب في المناخ.والمغرب في القضية المناخية، المفوض إفريقيا، والرباط محور إجباري… وربما سيكون أيضا شريكه في قضايا أخرى منها الإرهاب، لا تنحصر في المحور الذي رأى النور بعد 2011… المغرب أيضا، شريك في الديموقراطية إذا وفى بايدن بعهده، ووضعها قاعدة للحكم على الشركاء في المغرب الكبير سنرى… في الوقت الراهن نتبادل الصور والأشرطة، وننحني للعاطفة…