تسببت الأزمة الوبائية التي تجتاح المغرب للشهر الثامن على التوالي، في تفاقم وضعية المديونية الداخلية للبلاد، التي حطمت رقما قياسيا جديدا متخطية لأول مرة منذ الاستقلال، حاجز 600 مليار درهم، فقد كشف التقرير الشهري الذي تعده مديرية الخزينة العامة أن جاري الدين الداخلي للمغرب بلغ عند متم غشت الماضي 603.3 مليار درهم، بارتفاع معدله 8.1 في المئة مقارنة مع مستواه في متم دجنبر من العام الماضي، وعزت وزارة الاقتصاد والمالية ارتفاع منسوب الدين الداخلي إلى اقتراض الخزينة من السوق المحلي لمبالغ تقدر بنحو 44.5 مليار درهم نتيجة لطرحها عبر سندات الخزينة لأزيد من 100.8 مليار درهم وتسديدها لحوالي 56.3 مليار درهم. واضطرت الخزينة، في غشت 2020، في إطار ما تسميه «التدبير النشيط للمديونية»، إلى استبدال وتمديد آجال السندات المستحقة، بهدف إعادة جدولتها . وهمت هذه العمليات مبلغا إجماليا يقدر بحوالي 16.6 مليار درهم. وأكدت بيانات النشرة الشهرية للمديرية العامة لخزينة المملكة، أن نفقات خدمة ديون الخزينة تراجعت في شهر غشت الماضي بنسبة 1.1 في المئة لتصل إلى 22.9 ملايير درهم كفوائد عوض 23 مليار درهم المسجلة في التاريخ نفسه من العام الماضي، وبلغت فوائد الديون الداخلية وحدها 20.5 مليار درهم عوض 20.9 مليار درهم في غشت 2019، أي بتراجع معدله 1.9 في المئة، بالمقابل ارتفعت كلفة فوائد المديونية الخارجية لتناهز 2.3 مليار درهم عوض 2.1 مليار درهم المسجلة في التاريخ نفسه من العام الماضي. ويذكر أن قانون المالية المعدل يتوقع هذا العام أن تصل نفقات الفوائد والعمولات المتعلقة بالدين العمومي 29.3 مليار درهم، أما استهلاكات الدين العمومي المتوسط والطويل الأجل فيتوقع أن تصل إلى 64.2 مليار درهم، ضمنها 47.8 ملايير درهم كدين داخلي وحوالي 16.4 كدين خارجي..أما مبلغ الاعتمادات المفتوحة برسم السنة المالية 2020 في ما يتعلق بخدمة نفقات وفوائد الدين العمومي من الميزانية العامة فيرتقب أن يتجاوز هذا العام 93.5 مليار درهم. وكان صندوق النقد الدولي قد حذر من ارتفاع الدين العمومي للمغرب، الذي يتوقع أن يتجاوز مستوى مديونيته 80 % من الناتج الداخلي الخام في نهاية العام الجاري. وبدوره دعا المجلس الأعلى للحسابات إلى توخي الحذر بشأن الزيادة المستمرة في دين الخزينة، وطالب بضرورة الاستمرار في العمل للحفاظ على ظروف تمويل الخزينة عند مستويات مواتية. ونبه المجلس في تقرير حول تنفيذ ميزانية الدولة برسم سنة 2019، إلى أن ارتفاع دين الخزينة راجع أساسا للاستدانة الخارجية، مؤكدا أن دين الخزينة واصل مساره التصاعدي بزيادة قدرها 25.376 مليون درهم (زائد 3,5 في المائة ) مقارنة بسنة 2018 ، منها 53 في المائة على شكل دين خارجي. وبذلك يكون دين الخزينة قد تضاعف، منذ سنة 2009 ، لينتقل من 345.177 مليون درهم إلى 747.996 مليون درهم في سنة 2019 مسجلا معدل نمو سنوي متوسط قدره 8 في المائة .