أفلحت الجهود الدؤوبة التي بذلتها الدبلوماسية المغربية في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء الليبيين وجمعهم حول طاولة الحوار في سلسلة لقاءات بمدينة بوزنيقة، توجت بالتوصل إلى اتفاق شامل حول المعايير والآليات الشفافة والموضوعية لتولي المناصب السيادية، وتجاوز الخلافات المستحكمة التي خلقت حالة من الفوضى والفراغ المؤسساتي في هذا البلد المغاربي وتقوم مقاربة المملكة إزاء الملف الليبي، كما أبرز ذلك وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، في افتتاح جلسات الحوار الليبي، على كون هذا الملف ليس قضية دبلوماسية ولا قضية تجاذبات سياسية، بل هو ملف يرتبط بمصير بلد مغاربي شقيق، وأن المغرب «ليس له أجندة ولا مبادرة ولا مسار، ولم يقبل أبدا أن يختار بين الليبيين، بل يعتبر دائما أن الليبيين إخوة وأبناء لذلك الوطن ويتحلون جميعا بروح المسؤولية وبتغليب مصالح ليبيا». وقد لقي دور المغرب «البناء والفعال» في تيسير إطلاق الحوار الليبي إشادة وتقديرا واسعين من العواصم الغربية والعربية ومن عدد من المنظمات الدولية والإقليمية، التي أجمعت على التنويه بعزم المملكة الراسخ على انتشال ليبيا من براثن الفوضى والفراغ اللذين خلفهما الانقسام السياسي والمؤسساتي، وما أفرزه ذلك من فقدان ثقة المواطن الليبي في أداء المؤسسات.
جددت الأممالمتحدة ترحيبها بعقد الحوار الليبي هذا الأسبوع في بوزنيقة بين وفدي المجلس الأعلى للدولة وبرلمان طبرق، وأخذت علما بالبيان الختامي المشترك الذي توج هذه المحادثات. وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، «نرحب بكل مبادرة وجهود سياسية شاملة لدعم تسوية سلمية للأزمة في ليبيا، وهذا يشمل الجهود الأخيرة للمملكة المغربية، والتي ضمت وفدي المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب». وتابع المتحدث، في تصريح أرسل إلى ممثلي وسائل الإعلام الدولية المعتمدة في نيويورك، «لقد أخذنا علما بالبيان الختامي المشترك الذي أصدره المشاركون في ختام الاجتماع، وكذا اتفاقهم على مواصلة الحوار في وقت لاحق من هذا الشهر». وجمعت جلسات الحوار الليبي وفدي المجلس الأعلى للدولة وبرلمان طبرق بهدف الحفاظ على وقف إطلاق النار وفتح مفاوضات لإنهاء الخلافات بين الأطراف الليبية. وغداة إطلاق هذا الحوار، أشادت الأممالمتحدة ب «الدور البناء» للمغرب الذي ساهم، منذ اندلاع الأزمة الليبية، في الجهود المبذولة من أجل التوصل إلى حل سلمي للنزاع في ليبيا. وأكد المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أن «المملكة المغربية لعبت، منذ بداية الأزمة الليبية، دورا بناء وساهمت في جهود الأممالمتحدة الرامية إلى التوصل لحل سلمي للنزاع الليبي». وقال إن «الاتفاق السياسي الليبي الموقع سنة 2015 في الصخيرات يبرهن على التزام المغرب الراسخ بإيجاد حل للأزمة الليبية إلى جانب الأممالمتحدة». وتابع «إننا مقتنعون بأن هذه المبادرة المغربية الأخيرة سيكون لها أثر إيجابي على تيسير الأممالمتحدة للحوار السياسي الذي يجريه ويقوده الليبيون». وأضاف دوجاريك أن الأمين العام للأمم المتحدة «يدعم كل المبادرات التي من شأنها أن تدفع وتكمل جهود السلام الجارية» من أجل حل الأزمة الليبية. من جانبهما، أعرب وفدا المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب الليبي، الخميس ببوزنيقة، عن شكرهما وتقديرهما لجهود المملكة في إطلاق الحوار الليبي وموقفها النزيه، وما وفرته من مناخ وظروف ملائمة للحوار. وأعلن الوفدان، في البيان الختامي المشترك، عن توصلهما إلى اتفاق شامل حول المعايير والآليات الشفافة والموضوعية لتولي المناصب السيادية بهدف توحيدها. كما اتفقا على استرسال هذا الحوار واستئناف هذه اللقاءات في الأسبوع الأخير من الشهر الجاري من أجل استكمال الإجراءات اللازمة التي تضمن تنفيذ وتفعيل هذا الاتفاق. ودعا الطرفان أيضا الأممالمتحدة والمجتمع الدولي إلى دعم جهود المملكة المغربية الرامية إلى توفير الظروف الملائمة، وخلق المناخ المناسب للوصول إلى تسوية سياسية شاملة في ليبيا. وقد رحب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أيضا «بعقد محادثات في مونترو، بسويسرا، مع الفاعلين الليبيين الرئيسيين». وقال إن «بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا ستشرع، بناء على هذه المشاورات وغيرها، في اتخاذ الترتيبات اللازمة لاستئناف منتدى الحوار السياسي الليبي الشامل الذي اجتمع آخر مرة في جنيف في فبراير 2020»، مبرزا أن «الأممالمتحدة تطلب من المجتمع الدولي دعم هذه العملية». روسيا وتركيا: لاعبان مباشران يرحبان وتنوعت أشكال الاعلان عن دعمالمباردة المغربية، لا سيما في العواصم ذات الصلة المباسرة بالملف، كانقرة وموسكو. وفي هذا الباب، أجرى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، يوم الجمعة، مباحثات هاتفية مع وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف. وتندرج هذه المباحثات في إطار الشراكة الاستراتيجية المعمقة القائمة بين المغرب وروسيا، التي تم إبرامها خلال الزيارة التاريخية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى موسكو في مارس 2016. وخلال هذه المباحثات الهاتفية، نوه الوزيران بالدينامية الإيجابية التي تطبع العلاقات بين البلدين والاستعدادات الجارية لعقد الدورة الثامنة للجنة الحكومية المشتركة المغربية الروسية، المقررة في 2 دجنبر 2020 بموسكو، وأيضا الاستعدادات للزيارة الرسمية التي سيقوم بها السيد بوريطة إلى روسيا. وتناول الوزيران أيضا القضية الليبية وآخر المستجدات المتعلقة بها، في ضوء نتائج الحوار الليبي الذي استضافه المغرب بمدينة بوزنيقة في الفترة من 6 إلى 10 شتنبر الجاري. كما تطرقت هذه المناقشات إلى العديد من القضايا الإقليمية والدولية الأخرى ذات الاهتمام المشترك. في الوقت ذاته، أكد بلاغ لوزارة الشؤون الخارجية الروسية، في نفس اليوم ، أن المملكة المغربية والاتحاد الروسي «تحدوهما رغبة مشتركة لتعميق الحوار السياسي بشأن الملفات الدولية والإقليمية الرئيسية، ولتطوير العلاقات الثنائية». وأضاف البلاغ أن وزير خارجية روسيا الاتحادية سيرغي لافروف ووزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج بالمملكة المغربية ناصر بوريطة «ناقشا المهام العملية لتطوير العلاقات الثنائية متعددة الأوجه، بما في ذلك الاجتماع الثامن للجنة الحكومية المشتركة للتعاون الاقتصادي والعلمي والتقني، الذي سينعقد في موسكو، وكذلك الاستعدادات الجارية للزيارة القادمة لبوريطة لروسيا». وفي القوت ذاته، أعرب وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، في اتصال هاتفي مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة ، عن تقديره للجهود المغربية في الحوار الليبي. وذكرت وكالة أنباء «الأناضول»، استنادا لمصادر دبلوماسية، أن وزير الخارجية التركي أعرب لنظيره المغربي عن تقديره للجهود التي تبذلها الرباط بخصوص الشأن الليبي. وكان وفدا المجلس الأعلى للدولة وبرلمان طبرق أعلنا، أمس الخميس ببوزنيقة، في ختام لقاءاتهما في إطار الحوار الليبي، عن توصلهما إلى اتفاق شامل حول المعايير والآليات الشفافة والموضوعية لتولي المناصب السيادية بهدف توحيدها. وجاء في البيان الختامي المشترك، أن الطرفين اتفقا، أيضا، على استرسال هذا الحوار واستئناف هذه اللقاءات في الأسبوع الأخير من الشهر الجاري من أجل استكمال الإجراءات اللازمة التي تضمن تنفيذ وتفعيل هذا الاتفاق. تجمع دول الساحل والصحراء والاتحاد الإفريقي كما أشاد تجمع دول الساحل والصحراء بالدبلوماسية المغربية لمساهماتها الحميدة في تعزيز السلم والأمن في منطقة الساحل والصحراء، وخاصة وزير الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، السيد ناصر بوريطة، الذي أبان، في هذا الإطار، عن حس المسؤولية، والاستعداد المؤسساتي، والإرادة الثابتة. ودعا كافة مكونات المجتمع الليبي لإعطاء فرصة للسلام في ليبيا من خلال دعم تنفيذ نتائج الحوار الليبي بوزنيقة. وحث التجمع أيضا مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي ومجلس الأمن للأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي إلى دعم تنفيذها على كافة المستويات، مجددا استعداده للمساهمة في التتبع الجيد للترتيبات التي انتهى إليها الحوار من أجل غاية واحدة تتمثل في عودة الاستقرار و الأمن إلى ليبيا ومنطقة الساحل والصحراء. وأشاد الاتحاد الإفريقي بجهود المغرب من خلال جمع ممثلي مجلس النواب الليبي والمجلس الأعلى للدولة في ليبيا بهدف إعادة تنشيط مسلسل إيجاد حل سياسي للأزمة الليبية. رحب المكتب التنفيذي لتجمع دول الساحل والصحراء، اليوم الجمعة، بالنتائج الإيجابية للحوار بين الأطراف الليبية الذي استضافته بوزنيقة بالمغرب. وأكد بلاغ للتجمع أن «المكتب التنفيذي لتجمع دول الساحل والصحراء أحاط علما ويرحب بالنتائج الإيجابية التي انتهى إليها الحوار الليبي الذي استضافته بوزنيقة بالمغرب، كما تضمن ذلك البيان الختامي المشترك ليوم الخميس 10 شتنبر 2020 بين الأطراف الليبية». وأشاد التجمع بالانفتاح والروح الوطنية التي أبان عنها الطرفان، داعيا إياهما إلى مواصلة العمل بنفس الآليات من أجل استعادة الوئام الوطني والأمن والسلم في أفق تنظيم انتخابات حرة وشاملة. من جهة أخرى، أعرب عن بالغ تقديره لصاحب الجلالة الملك محمد السادس لالتزامه الدائم، ومساعيه الدبلوماسية، وجهوده متعددة الجوانب الرامية لتحقيق المصالحة بين الأطراف الليبية عبر الحوار.