الوزارة ترمي الكرة في ملعب الأسر وتجهز على مبدأ تكافؤ الفرص للجميع
نزل بلاغ وزارة التربية الوطنية في ليل يوم السبت، كالصاعقة على الأسر المغربية التي كانت تنتظر بلاغا توضيحيا مسؤولا بشأن الدخول المدرسي المقبل لأبنائها، يراعي الوضعية الحالية التي تعيشها البلاد في ظل فيروس كورونا ، ووضعية العطالة التعليمية التي عاشها التلاميذ والتلميذات لنصف سنة كاملة، شلت مسيرتهم الدراسية وأجهزت على مداركهم التعلمية. ليتفاجئوا ببلاغ أمس يرمي الكرة في ملعبهم ويحملهم مسؤولية اختيار النموذج التربوي الذي يرغبونه لأبنائهم، ويتنصل من قرار مسؤول وواضح تعتمده الوزارة في الموسم الدراسي المقبل ، الذي لم تعد تفصلنا عنه الا اياما معدودات ، حسب التاريخ الذي حدده الوزير في المقرر الوزاري الذي اصدره يوم 06 غشت الماضي بخصوص تدبير الدخول المدرسي 2020-2021 والذي اعتبر، ساعتها، من طرف العديد من المغاربة، أنه إعلان شبه رسمي للدخول المدرسي المقبل حضوريا، لتعود الوزارة بعدها مباشرة وتصدر بلاغا آخر تؤكد فيه، انه تم تداول البلاغ بشكل خاطئ، وأنها لم تحسم بشكل قاطع في النموذج التربوي الذي سيتم اعتماده في الدخول المدرسي المقبل (تعلمي حضوري أو عن بعد أو هما معا). وأن مقتضياته يمكن أن تعدل أو تكيف، عند الاقتضاء سواء تعلق الأمر بمحطة الدخول المدرسي أو خلال السنة الدراسية أخذا بعين الاعتبار تطور الوضعية الوبائية ببلادنا وما تتطلبه من إجراءات احترازية ووقائية». هذا الارتجال في البلاغات خلف غموضا لدى المغاربة الذين ظلوا ينتظرون ان تحسم الوزارة في النموذج التربوي وتخرج بقرار واضح تراعى فيه مصلحة التلاميذ والاسر في ظل وضعية الوباء. ليتفاجئوا أمس « انها قررت اعتماد (التعليم عن بعد ) كصيغة تربوية في بداية الموسم الدراسي 2020/2021. الذي سينطلق يوم 7 شتنبر 2020 بالنسبة لجميع الاسلاك والمستويات بكافة المؤسسات التعليمية العمومية والخصوصية ومدارس البعثات الاجنبية. مع توفير (تعليم حضوري). بالنسبة للمتعلمات والمتعلمين الذين سيعبر اولياء امورهم عن اختيار هذه الصيغة، على أن يتم وضع ألية تمكن الأسر الراغبة في ذلك من التعبير عن هذا الاختيار.» وهو ما اعتبر من طرف الاوساط المغربية ووسائل التواصل الاجتماعي- التي انفجرت التعليقات فيها منددة مباشرة بهذا القرار تخلي الوزارة عن مسؤوليتها المباشرة ورمي الكرة في ملعب الاسر المغربية التي اصيبت بحالة من الحيرة والقلق والاحباط، في ظل زمن موسوم بالوباء، أسر انهكتها شهور الحجر وتبعاته المادية والاقتصادية والاجتماعية والاخبار المتتالية للوفيات والاصابات بفيروس يتربص بالحياة ،يخيرون بين تعليم حضوري وتعليم عن بعد، وهما خياران احلاهما مر، فلا التعليم عن بعد اثبت فعاليته في فترة الحجر الاولى، ولا التعليم الحضوري سيكون حلا آمنا يحمي فلذات الاكباد من الاصابة بالوباءا؟ بلاغ الوزارة المبهم، جاء ليصب الزيت على النار في وقت تعج فيه الساحة التعليمية بمشكلة لم تشهد المنظومة التعليمية لها مثيلا ، والتي ترخي بظلال ازمة خانقة في بداية الموسم الدراسي بين مدارس التعليم الخصوصي واباء وامهات واولياء التلاميذ والتلميذات، والتي لم تعرف طريقها للحل بعد مسلسل من جلسات الحوار بين ممثلي القطاع الخاص وأباء التلاميذ/ت ووزير التربية الوطنية ورئيس الحكومة والتي لم تسفر لحد الساعة عن حل. البلاغ خلف ايضا ردود افعال غاضبة لدى هيئة التدريس، كيف سيتعامل رجال ونساء التعليم مع هذا القرار، هل سيدرسون حضوريا وعن بعد في الان نفسه، من سيتكلف بالتدريس عن بعد ومن سيتكفل بالتعليم الحضوري؟ وهل هو نفسه الاستاذ الذي سيدرس حضوريا وعن بعد في نفس الزمن المدرسي؟ كيف سيكون المشهد الدراسي المبلقن الموزع بين هذه الثنائية المتقابلة ؟ وكيف سيكون إحساس التلاميذ والتلميذات وبعضهم يذهب للمدارس وبعضهم يرقبهم من النوافذ؟ وغالبا ماسيكون التعليم الحضوري من نصيب تلاميذ المدارس الخاصة لحل الأزمة والتعلم عن بعد من نصيب تلاميذ العمومي الذين لايملكون أي وسيلة للدراسة عن بعد ، لا المادية ولا الاجتماعية، خصوصا في الاوساط الفقيرة والوسط القروي، الذين لم يستفيدوا في فترة الحجر الاول من التعليم عن بعد نهائيا. ألا يضرب الاختيار في الصميم مبدأ تكافؤ الفرص بين جميع تلاميذ و تلميذات المغرب بأكمله، كما تنص عليه رافعة استراتيجية الاصلاح؟ بلاغ الوزارة اربك حياة تلاميذ السنة اولى باكلوريا وعزز قلقهم بعد تأجيل الامتحان الجهوي، وكثف الاسئلة حول كيف سيتابع هؤلاء دراستهم وهم لم يجتازوا بعد الامتحان الجهوي؟ وهل سيتم الاعلان عن موعد ثان لاجراء الامتحان، وهل سيكون حضوريا او عن بعد؟ اسئلة لم يفصل فيها البلاغ الذي ترك غموضا اربك جميع المغاربة في وقت يتطلع فيه الجميع لقررات وزارية مدروسة، غير متسرعة ولا مرتجلة.