1 – مثل سمكة تسبحُ القصيدة مثل سمكة تحت جليد الورقة. فيه تتنفّس وهذا ما يُبقيها حيّة زمناً أطول زعانفها من ينبوع الحقيقة، تُبقي حركتها خيالاً.. أتصوّرُ صنّارة قارئ وهي تُلقى عميقاً جدّاً.. جدّاً. أتصوّرُ السّمكة تُرفع، ثمّ تنزلقُ بعيداً في روحه، تظلُّ هناك تتنفّسُ كأنّها عادت، لتوّها إلى نهر. (2) مجرّة في هذا الليل السيمفونية تتقدّم إلى ذروتها محجوزة في اسطوانة كمجرّة بعيدة بمليارات السنوات الضوئية إنّي أستمعُ إلى موتسارت. الموسيقى تهدّئني بلطف، كأخت تفرك رأسي بالشامبو وأنا لا أملُّ. حين أغمضُ عينيَّ داخلي يصيرُ أجوف كتشيلو كبير. بيدٍ تعزفُ بدقّة، يمرُّ في وعيي الوجودُ ذائبا سلساً كدوزنة. يدٌ تعرف جيّداً ما تفعله أكيد هي من يكسو الجبال بالثلج في الشتاء.. في هذا الليل الذي يلمسُ جبهتي هواؤه البارد خلال النافذة، السيمفونيات تركت يديَّ مشلولتين تماما منذ زمن موسيقيٍّ بعيد على ذراعيْ الكرسيِّ حتى سوّستا كالخشب. (3) لجعل الحياة تسلية حين أمشي على الجسر أتمنّى سمكة في النّهر تظهر لي وتختفي.. كالوُعود المتملّصة التي تسلك السلوك ذاته، فتسلّيني.. وتوسّعُ صدري للهواء. عندما أتطلع فوق، إلى قبّة السماء أتمنّى مزيدا من الخدع لأندهش عن الفيزياء التي تجعل الواقع حلُما والمستقبل لحظة محايثة للحاضر الذي نعيش.. يسهل معها أن أجلس مع العجوز الذي سأكونه في حديقة أعتذر له وأنا أطأ سهواً قدمهُ، ثمّ نكمل حوارا حول موسيقى يوهانس برامز. أتمنّى أن أحيا بلا وجعٍ، وبلا مهدّئات، ولا حبوب السّعادة ناظراً إلى الحياةِ من خلف نافذةٍ متابعاً خُدعا كثيرة تحصل، وكأن النّاس الذين يمرّون تحتها ليسوا سوى ملابسهم، أو ظلاًّ للّه. كأن درّاجة النّهار، عجلتاها كبيرتان بما يكفي لتكون مهيّأة لسرك.