في قتل جورج فلويد أو في ضيق المراهق، في انفجار الطاقة السلبية للعائلات أو في حساسية الطفولة المحجورة، في الفكر المحجور الباحث عن دليل بعدي في كل أزمة عما عجز عنه في واقع الحال العادي، في كل هذه الاوضاع، فصيلة هواء تستفز التفكير. كيف نفكر العالم، أو نعيد التفكير فيه من خلال عملية التنفس؟ من خلال الهواء؟ ما نعتبره هنا سؤالا، وضعه الكاتب الكاميروني، المقيم في جوهانسبورغ اشيل مبيبي ، جوابا؟ نحن نعيش بالحجر وفيه، في عالم من الشاشات، يشكل عالم الحياة الجديدة، عالم بين جسد جامد، ولغة متحررة تهرب بها بالروح، كما أن اللغة تحمل الروح، بعيدا، بمساعدة الشاشات والتواصل؟؟دورة كاملة من الحياة يقل فيها النفس، بلغة الصوفية؟ وهذه الرقمنة، يقول المثقف الكاميروني، هي أن ننقل بعضا من وظائفنا الجسدية إلى حوامل ووسائل مادية ولامادية في نفس الوقت؟؟في اليومي، نترك الجسد وراءنا ونحن خائفون.. في حين تكون التكنولوجيا هي أيضا حلولا للجسد بذاته، عندما يقف جامدا بلا حركة بسبب الحجر، ومهيأ نفسه؟ هل هو ذلك سبب الضيق والشعور بالاختناق؟ لا يهم! كثير من المؤمنين شعروا بإحساس الشعراء، والعكس صحيح أيضا؟ فالهواء الذي جئنا به من الجنة، ذاك الذي قطعنا به الأزل ونعول عليه في المسير إلى الأبدية أضعنا منه الكثير… قسط وافر أخذته الرياح والزوابع في الصحراء التي عانى منها التابعون والرسل وجنود المغول والتتار والفاتحون في القارات كلها، ما تبقى اقتسمناه بالتقسيط بين رئات البشر كلهم وآلات التنفس الاصطناعي والعجلات المطاطية وحتى هواء المركبات الفضائية دفعناه من مخزوننا البشري... لم يعد هناك متسع للهواء.. يوشك ما جئنا به أن ينفد.. للذين يعانون اختناق الحجر، ويشعرون كما لو أنهم ينوؤون تحت كلكل قديم، من جاهلية امرؤ القيس، تكاد الدولة ترفع لافتة" تنفسوا جيدا، احترموا القانون، إذا لم تريدوا أن تدخلوا زنزانة ضيقة، أضيق بكثير من غرف منازلكم"… إني أختنق لا نقولها لرجال الشرطة، ولا للقوات المساعدة، نقولها للرفيق والشريك والصديق، إلى من يوجد على الضفة المقابلة من العبارة والحديث… التجربة الجذرية في نقص الهواء ساقت في مياهها اللامرئية البشر، من بلدان الحروب إلى بلدان المتاحف، إلى دول العنصرية إلى دول الحزب الوحيد؟؟ مخيال الاختناق، أريد أبسط الأشياء وإلا اختنقت؟ كأس قهوة، أو شاي، خطوات بسيطة، الممكن الذي صاح «جيل دولوز» به قبل ان يختنق فلسفيا ثم حقيقة ويرمى بنفسه من نافذة.. كشيء يصير معقدا وأحيانا مستحيلا يصبح بالفعل الهواء فيه فلسفيا، عربون حرية مفتقدة وعجز كبير للبشرية.. الشاعرة الشيلية غبرييلا مسترال، كتبت ما يجعل الهواء دليل انغماس عاشق لا يخنق، بل حلولا، يحرر… طالبت الحبيب المفترض بأنْ: «ردد نَفَسَك لأعلو شهيقا وأنزل زفيرا سأتورط في قلبك أخرج إلى الهواء لأعاود الدخول وعلى هذه اللعبة سأبقى مدى الحياة».