الخرافات والأساطير مجرد اعتقادات أو أفكار قائمة على مجرد تخيلات دون وجود مسبب عقلاني أو منطقي مبني على العلم أو المعرفة، وترتبط هذه الاعتقادات بفلكلور الشعوب أو بالأنماط العليا للتفكير، حسب التحديد الذي وضعه لها جيلبيرت دوران، حيث إنها عادة تمثل إرثًا تاريخيًا تتناقله الأجيال وقد تكون دينية أو أسطورية، أو ثقافية أو اجتماعية، وقد تكون شخصية ترتبط ببعض الأفراد الذين يصنعون خرافاتهم بأنفسهم، أو يدفعون الآخرين المحيطين بهم إلى صنعها والتكتل حولها. لطالما كانت محيطات العالم، ولا تزال، منابعاً لظواهر وألغاز مجهولة وغير محدودة، إحدى أشهر تلك الظواهر الغامضة هي عادة البحار في ابتلاع الناس والأشياء بدون أثر، فلطالما فاض التاريخ بحكايات عن السفن والطائرات والغواصات والسباحين الذين غمرتهم امواج ذالك العالم الضخم دون معرفة ما حدث لهم، ولكن بالنظر إلى تلك الغرابة التي تتسم بها معظم تلك الحالات غير المبررة، فإن إحدى الظواهر الأغرب التي حيرت معظم البحّارة والمسافرين على مر الزمان، كانت تلك الجزر الوهمية التي كانت تظهر ومن ثم تختفي من على وجه الأرض ثم تعاود الظهور وتتلاشى بعدها أيضاً ببساطة كما ظهرت! لقد حيرت تلك الظاهرة البحّارة قرون عدة، مما أثار خيال الناس، فانتشرت بينهم الأساطير وراوغتهم الحقيقة.. لتصبح تلك الظاهرة واحدة من أكثر الألغاز غرابة في محيطات العالم.. واليوم سوف نكتشف بعضاً من هذا العالم الغريب لتلك الجزر التي تلاشت في العدم . جزيرة برميجا في خليج المكسيك واحدة من أكثر الحالات غرابة هي جزيرة متلاشية غامضة تقع في بقعة صغيرة غير مأهولة من الأرض ، ويُقال أنها كانت موجودة في خليج المكسيك قبالة الساحل الشمالي لشبه جزيرة يوكتان في المكسيك، ويُطلق عليها اسم برميجا Bermeja كما ذُكر لأول مرة في قائمة جزر "ألونسو دي سانتا كروز" التي نُشرت عام 1539. تم العثور على جزيرة برميجا في وقت لاحق على الخرائط من قِبل رسامي الخرائط والمستكشفين الإسبان خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر، وحتى ذلك الوقت لم يكن هناك شيء غريب في ذلك، ففي الواقع كانت الجزيرة معروفة للبحارة الذين يمرون بها في كثير من الأحيان، لذلك لم يكن هناك سبب كبير يدعو للشك في وجودها هناك. كما استخدمت المكسيك جزيرة برميجا في السبعينيات كمعلم حددت به منطقتها الاقتصادية التي تبلغ مساحتها 200 ميل بحري، والتي لم تشمل فقط مياه صيد، ولكن ضمت احتياطات نفطية رئيسية ، ولكن بحلول اواخر القرن السابع عشر وأوئل القرن الثامن عشر قلّ ذكر جزيرة برميخا في السجلات البحرية، ولكن ظهرت الجزيرة مرة أخرى على الخرائط عام 1857، وكانت كعلامة مميزة في الخرائط الموثوقة لعدة قرون، كما تم ذكرها بانتظام في كتب المكتبات على الجزر المكسيكية. ولكن بدأت الأمور تتخذ شكلاًغريباً عندما لاحظت دراسة أُجريت عام 1997 في تلك المنطقة، أنه لا يوجد شيء في هذا المكان سوى المياه المفتوحة – حيث قيل أن جزيرة برميجا كانت موجودة لفترة طويلة – . وقد أجرت الجامعة الوطنية المستقلة في المكسيك (UNAM) ثلاث عمليات بحث إضافية في عام 2009 بمساعدة مجلس النواب المكسيكي وذلك باستخدام القوارب والأقمار الصناعية وعمليات البحث بالطائرات والمروحيات ، ولكن تلك الحملات فشلت أيضاً في العثور على أي علامة تدل على وجود الجزيرة. أمر اختفاء جزيرة برميجا حيّر كل من الحكومة والشعب المكسيكي على حد سواء، وهدد وضع المكسيك الاقتصادي. وقد ظهرت العديد من النظريات التي حاولت تفسير سبب اختفاء الجزيرة… واحدة من النظريات تقترح أن ارتفاع مستويات البحار، أو تأثيرات النشاط التكتوني جعل الجزيرة تختفي تحت الأمواج. وهناك نظرية أخرى مفادها أن رساميّ الخرائط الذين كانوا يرسمون خريطة الجزيرة قد أخطأوا في موقعها، أو حتى تعمدوا ذلك الخطأ لغرض سياسي، ولكن هذا لا يفسر وجود العديد من الوثائق التي جاءت من مصادر بعيدة والتي تعطي أوصافاً دقيقة وملموسة لموقع جزيرة بيرميجا، وبالإضافة إلى تلك الوثائق توجد العديد من الخرائط التي رسمتها العديد من الدول، بما في ذلك الولاياتالمتحدة، والتي تبين بوضوح أن تلك الجزيرة كانت بحق في نفس المكان الذي كان من المفترض أن تكون فيه الآن. إحدى نظريات المؤامرة والتي ربما تكون بعيدة كل البعد عن الحقيقة ، تفيد بأن وكالة المخابرات المركزية CIA قامت بتدمير الجزيرة من أجل التصدي لمطالبات المكسيك بحقوقها في احتياطات النفط في الخليج، وزيادة سيادتها على النفط في المنطقة وتوسيع المنطقة الإقتصادية للولايات المتحدة، وعلى الرغم من ذلك مازالت المكسيك تواصل جهودها في البحث عن موقع جزيرة بارميجا المفقودة . جزيرة أنتيليا المفقودة من المؤكد أن برميجا ليست الجزيرة الوحيدة التي اختفت بدون أي أثر على الرغم من أنها أثارت حيرة البحّارة لقرون عدة، إلا أن إحدى الروايات الأقدم تحدثت عن جزيرة أخرى اختفت بشكل غامض سُميت بجزيرة "أنتيليا المفقودة" Antillia والتي تم وصفها لأول مرة في عام 714 في القرن الخامس عشر ، خلال فترة الفتح الإسلامي لهسبانيا وشبه الجزيرة الإيبيرية ، حيث يُقال أن مجموعة من الأساقفة المسيحيين قد هربوا إلى البحر في ذلك الوقت وأبحروا نحو الأفق دون توقف حتى وصلوا إلى أرض مباركة أطلقوا عليها اسم "جزر الأنتيل" والمعروفة أيضاً باسم "جزيرة المدن السبع" وتم وصفها كجنة على الأرض. ظهرت أنتيليا لاحقاً على الخرائط حتى القرن الخامس عشر الميلادي، وكان موقعها في منتصف المحيط الأطلسي، ولكن عند اكتشاف المزيد عن تلك المنطقة لم تظهر أي إشارة تدل على وجود جزر الأنتيل في تلك المنطقة، وحينها بدأت تتلاشى من السجلات البحرية. يُقال أن رجلاً زعم أنه أقام لفترة طويلة على جزيرة أنتيليا المفقودة، وقد زود كريستروفر كلومبوس بمعلومات عن تلك الجزيرة قبل القيام برحلته الشهيرة ، وكُتبت تلك القصة في سجلات المؤرخ الأسباني بيتر مارتيني أنجييرا، بعنوان De Orbe Novo في الآونة الأخيرة، أصبح هناك اعتقاد بأن جزيرة أنتيليا الأسطورية ما هي إلا منطقة ساحل كوبا، وقد أخطأ البحّارة في تحديد موقعها بالضبط.