«لا تدعه يبقيك مستيقظا طوال الليل لأن اللغز لن تستطيع حله والأسئلة لن تجد لها أجوبة»، لكن في «أسرار غامضة طبعت التاريخ» نقوم بالإحياء الدرامي الدقيق لتلك الأسرار التي ألهمت الخبراء وأثارت اهتمامهم وأذهلتهم لقرون وعقود وجعلت من شخصياتها أساطير في الذاكرة. سوف نقوم بكشف حقيقة بعض الشخصيات الأسطورية من خلال اكتشاف أدلة ونظريات جديدة. اكتسب شهرة واسعة وعُرِف، على مدى عقود، بأنه «مكتشف العالم الجديد»، واعتُبِر بطلا خارقا وبحّارا لا يشق له غبار.. إنه كريستوف كولومبوس، الذي يقترن اسمه باكتشاف أمريكا. إلا أن حقائق تاريخية ظلت مطوية وأخرى ثتبت أن كريستوف كولومبوس ليس أولَ من اكتشف العالم الجديد، بل سبقه آخرون بقرون عديدة.. وأن رحلته كانت بمساعدة أشخاص آخرين همّشهم التاريخ عمْدا. إليكم كل الأسرار المذهلة حول العالم الجديد.. هل اكتشف كولومبوس العالم جديد أم كشفه من جديد؟.. أثار فينيقية في البرازيل أثبت علماء الآثار الأمريكان أنفسهم حقيقة تاريخية مفادها أن كولومبوس ليس أول من اكتشف العالم الجديد، بل سبقه الفينيقيون والعرب المسلمون.. فالحقائق التاريخية تقول إنّ أول من وصل إلى القارة الأمريكية هو الملاح الفينيقي ماتو عشتروت عام 508 ق. م. كما وصل الملاح القرطاجي ووتان عام 504 ق. م، في سفن تجارية إلى الشاطئ البرازيلي الشمالي الشرقي، في مكان ما على الشاطئ الممتد من «ناثال» شمالاً إلى «الرصيفيه» جنوباً في ولاية «برايبا»، حيث اكتشفت آثارهم في أماكن متعددة من تلك الولاية. وثمة علماء يؤكدون أن جزيرة «جُوَنا هاني»، إحدى جزر سان سلفادور، وقد «اكتشفها» كولومبس قبل كل الجزر الأخرى، ليست سوى «جون هانئ»، التي ذكرها الجغرافيون العرب في علم الفلك. و»الجون» بالعربية هو الخليج، ويتفق هذا مع رواية فينيقية مفادها أن هانئ، الفينيقي، قطع المحيط الأطلسي، مع جماعة كبيرة في عدد من السفن، حتى وصل هذه الجزر سنة 475 قبل الميلاد، وقد نشرت مجلة «هربرز ويكلي»، في 4 إبريل 1869، عن اكتشاف تمثال في مقاطعة «أونونداجا» في ولاية نيويورك، عليه نقوش فينيقية وحجر كتُبت عليه رسالة من هانئ الفينيقي. رحلات المسلمين إلى أمريكا يذكر التاريخ، في الكثير من كتبه ومراجعه، أن أول مسلم وصل إلى العالم الجديد هو خشخاش بن سعيد بن السود القرطبي، الذي وصل إلى جزيرة البحر الكاريبي عام 889، ثم وصل بعده الملاح فروخ الأندلسي إلى جزيرة جاميكا عام 999. نظريا وعلميا وصل المسلمون إلى أمريكا ثلاث مرات بالفعل قبل كولومبس. الرحلة الأولى من لشبونة عام (422ه -م1031) وذكرها الجغرافي الشهير الشريف الإدريسي في كتابه «نزهة المشتاق في اختراق الآفاق»، والثانية من دمشق عام 1291، تذكرها كتب التاريخ الإسلامي في أحاديث موثقة، منها ما جاء في بعض كتابات ابن خلدون وعبد اللطيف البغدادي، عن الرحلة التي قام بها الشيخ زين الدين علي بن فاضل المازندراني، والثالثة من غانا، في السودان الغربي (السنغال غانا حاليا) على ساحل المحيط الأطلنطي عام 1315، ذكرها ابن فضل الله العمري، صاحب كتاب «مسالك الأبصار في ممالك الأمصار»، حيث ذكر أن أحد سلاطين مملكة التكرور (في مالي) ويدعى منسي بن موسى (مانسا كانو بن موسى) روى لبعض خلصائه أن السلطان الذي قبله، وهو محمد بن قو (بكاري الثاني) قد جهّز مائتين من السفن وشحنها بالرجال والأزواد التي تكفيهم سنة، وأمر من فيها ألا يرجعوا حتى يبلغوا نهاية بحر الظلمات (المحيط الأطلسي) فغابوا أمدا طويلا، ثم رجعت منهم سفينة أخبره قائدها أن السفن سارت زمنا طويلا حتى عرض لها في البحر واد عظيم، فابتلع تلك المراكب وكانت هذه السفينة العائدة آخرها، إلا أن الملك محمد بن قو أمر بتجهيز 2000 سفينة، 1000 للرجال و1000 للأزواد، واستخلف على الملك منسي بن موسى، وسار بنفسه ليعلم حقيقة هذا البحر العظيم، إلا أنه لم يعد من رحلته تلك.. وأغلب الظن أنه ومن معه وصلوا إلى سواحل أمريكا وأقاموا فيها حضارة إسلامية، وكانت آثارها الباقية ما وجد من محاريب ونقوش إسلامية، وأن الزنوج الذين وجدهم كولومبس في رحلته هم أبناء وأحفاد الملك محمد بن قو.. البحارة المسلمون وكولومبوس تؤكد المراجع المختلفة أن كولومبس كان قارئا نهِماً للكتب المتعلقة بالجغرافيا والعلوم الفلكية. وقد اعترف هو نفسه بأنه استقى معلومات مكثفة من مدرسة الملاحة التي أنشأها الأمير هنري، البرتغالي، المعروف ب»هنري الملاح»، والتي حوّلها إلى أكاديمية بحرية عندما أصبح ملكا، وكانت تدرس بعض العلوم باللغة العربية، ووظف للتدريس فيها عالمين بالعربية، متقنين لفنونها.. وتخرّج منها قبل كولومبس الرحالة والمغامر البحري فاسكو دي غاما. وفي رأي الكاتب الأمريكي صاموئيل إيليوت موريسون، صاحب كتاب «أميرال البحر المحيط»، فإنه من غير المعقول أن يكون كولومبوس، الذي نقّب كثيرا وغاص في المراجع القديمة بحثا عن كتب الجغرافيا العائدة إلى القرون الوسطى قبل شروعه في رحلته، قد فاته الاطّلاع على أعمال مُترجَمة مثل «تاريخ الهند» للبيروني و»معجم البلدان» لياقوت الحموي. وعلى الأرجح فإنه نقّب باهتمام في رحلة ابن بطوطة.. كما أثبتت البحوث التاريخية أن الخرائط التي استعان بها كولمبوس كانت عربية، وكذلك كانت الأدوات.. وقد أكد ذلك عمل تلفزيوني إسباني معنون ب»Requiem Por Granada»، حين أشار إلى أنه خلال الأيام الأخيرة لسقوط غرناطة طلب عالم جغرافي مسلم من مساعده أن يأتيه بكريستوف كولومبوس، الذين عندما دخل دار العالم انبهر بالمخطوطات وأدوات الملاحة وبالشكل الهندسي المُصغَّر لسفينة.. ليخبره العالِم المسلم أنها ثمرة أبحاث 20 سنة خاف أن يحرقها الحقد الإسباني فمنحها لكولومبوس، الذي لم يُصدّق نفسه وانحنى ليقبّل يد العالم المسلم بامتنان، والذي ودّعه وهو يقول له: «أكمل ما لن نستطع نحن إكماله».. كما يقول المؤرخون إن كولومبوس استعان ببحارة وملاحين عرب، كابن الرياش وموسى ابن ساطع، وأن البحارة الإسبان لم يوافقوا على المشاركة معه في رحلته إلا حين علموا بوجود هذين الملاحيين العربيين المشهود لهما بالكفاءة في سبر أغوار البحار والمحيط. في كتاب «ملاحظات حول تاريخ كوبا»، للباحث المؤرخ الإسباني فرانسيسكو ألبرت، وكتاب «الفينيقيون في جزيرة هايتي والقارة الأمريكية»، للباحث المؤرخ الأمريكي د. ليونير، إضافة إلى مئات المصادر الأخرى، إشارات إلى أن كولومبوس عندما وصل (عام 1492 ) على ظهر السفن «بنتا» و»نينا» و»سانتا ماريا»، إلى شاطئ كوبا لم يتجرأ على النزول في تلك المنطقة عندما شاهد قبّة مسجد بالقرب من الشاطئ.. فحوّل اتجاهه إلى جزيرة صغيرة نزل على شاطئها، خوفا من أن يكتشف البحارة العرب المرافقون له حقيقته. وفي كشف أثري علمي أذاعه علماء الآثار الأمريكيون في أكتوبر 1959، جاء أن هؤلاء العلماء عثروا على مخطوط باللغة العربية في ترينداد للملاح موسى بن ساطع، فيه وصف مؤثر لاستسلام ملقا وغرناطة والمأساة التي انتهى إليها عرب الأندلس، وفيه يقول موسى بن ساطع إنه كان مرافقا لكولومبوس في رحلته إلى أمريكا وإنه كان من أكبر مساعديه. شواهد أخرى ذكر المؤرخ العربي رفيق العظمة أنه كان يوما عند الدكتور فان ديك، الشهير في بيروت، وجاءه البريد ففتحة وأخذ يتصفح الكتب، فأظهر من واحد منها اندهاشا عظيما. ثم أبرز له صورة فوتوغرافية وردت ضمن هذا الكتاب، فإذا بها رسم محراب اكتُشِف في إحدى الخرائب في أمريكا وعليه آيات قرآنية مكتوبة بالخط الكوفي القديم.. كما أن آثار العرب المسلمين ما زالت متوفرة في المكسيك، مدينة «لاريدو»، حيث توجد آثار مئذنة محفورة على أحجارها من جهاتها الأربع عبارة «لا غالب إلا الله».. كما توجد في مدينة «أزوا» في الدومينيكان آثار مسجد تحوّلَ إلى كنيسة بعد وصول كولومبوس والإسبان. وما زالت الكتابات العربية على الجدران مقروءة حتى اليوم، منها عبارة «لا إله إلا الله محمد رسول الله».. ويوجد في مدينة أستن -ولاية تكساس الأمريكية- حجر قديم يرجع إلى القرن الثامن عشر الميلادي منقوش عليه عبارة «بسم الله الرحمن الرحيم». ومن القرائن التي استند إليها الباحثون والمؤرّخون في هذا المضمار وجود كلمات وألفاظ عربية قديمة بين اللغات التي ينطق بها بعض السكان، ولاسيما أبناء القبائل التي عثر عليها في بعض المجاهل في الأمريكتين. وللأسماء العربية الشخصية انتشارها، فهناك أسماء إسماعيل، عمر وحسن.. والغريب أن من يسمع هذه الأسماء يظن أنها لأفراد من أبناء الجالية العربية، ويفاجأ بأنها أسماء أشخاص من أبناء البلاد أنفسِهم، توارثوها أجيالا عن أجيال.. فهل يمكن القول أمام هذه الأبحاث إن المسلمين وصلوا إلى القارة الأمريكية قبل أن يصلها كولومبوس؟ وهل كانت الأحقاد الصليبية التي كانت وراء ما سمى «الكشوف الجغرافية» وراء طمس الحقيقة؟!..