تم اتخاذ قرار الحل، في وضعية الحجر الصحي والطوارئ، في نهاية المطاف، على قاعدة صحية، وتم تصنيف البلاد، إلى منطقة تخفيف أولى ومنطقة تخفيف ثانية. وبناء على مؤشر السلامة الصحية الجماعية، ذلك الخيار الذي كان متحكما في أصل السياسة الوطنية التي تبنتها الدولة منذ البداية في تقدير الجائحة، زالت مؤشرات وإجراءات الحجر الصحي عن جزء واسع من خريطة البلاد، وأعفيت بقية الخريطة الوطنية من هذا القرار إلى حين يوليوز القادم، في حين بقيت الطوارئ الصحية سارية على الجميع… والحال أن الجميع يساند القرار القاضي باستمرار الطوارئ الصحية، مقابل التساؤل وراء القرار بإبقاء الحجر على مناطق لم تقدر فيها المعطيات الصحية كاملة (النفسي الاجتماعي)، ولا الاقتصادية والاجتماعية في شموليتها… في تراكب الاعتبار الصحي، الوبائي والنفسي والاعتبار الاجتماعي، والاقتصادي المعيشي، ومحيط انتعاش المقاولات الصغيرة للغاية، التي كانت تعيش بصعوبة ومصير الفئات الفقيرة، والهشة، والتي تعيش أغلبها في المناطق «المؤجلة»، نجد نوعا من الضبابية في تدبير المسؤولية عن ما بعد الحجر، في الوقت الذي نجد أن هناك عائلات بكاملها ستواصل وجودها الصعب، للاعتبار الاقتصادي، المعيشي، وأيضا للاعتبار الاجتماعي للسكن والمبيت والتعايش في حيز منزلي ضيق أو منعدم حتى! 2 – المثلث الاقتصادي الذي يساهم في الهيكلة الأساسية للاقتصاد، ويتوفر على أزيد من ثلثي المساهمة الوطنية في الدخل والثروة والتداول المالي ...إلخ، حسب المندوبية السامية للتخطيط، هو الذي سيظل تحت الحجر، بالمعني الحاسم فيه. وذلك لن يكون بدون تأثير على المعيش الوطني، على دورة الإنتاج وعلى توفير شروط الإقلاع وغير ذلك من الأهداف المسطرة منذ مدة، ومنذ بداية الحديث على المستوى النفسي / الاجتماعي، السوسيو- سيكولوجي، لا يمكن أن نقيس درجة التحمل/ طاقة التحمل بلغة الفقيد عبد الرحيم بوعبيد رحمه لله.. 3 – بالرجوع إلى تطور الوضع، ألم يكن من الممكن اتخاذ نفس الاجراءات منذ التمديد الثاني في 20 ماي الماضي؟ حتى أنه يصعب تحديد فارق كبير في الوضعية ما بين التاريخين، بشكل كبير، إذ كان العدد الإجمالي لحالات الإصابة المؤكدة بالفيروس 7048 حالة وحالات الوفاة 194 حالة! 4 – علينا أن نبذل مجهودا كبيرا في إقناع الناس بأن الفضاءات الكبرى للتسوق والتبضع، التي يحج إليها عشرات ومئات الأفراد أقل خطرا من محلات بيع الأحذية أو ملابس الاستعمال اليومي، وأن صغار التجار والحلاقين وغيرهم، لا يدخلون في خانة الحالات التي يجب أن نجد لها حلا، في المنطقة الثانية، التي صنفت اقتصاديا نافعة، في مجال المقاولات والشركات الكبرى، لا القوات الشعبية، التي تنتزع رغيفها من صخر اليومي..، ولكنها صحيا غير مخففة؟ 5 – لا يمكن الاستغناء عن مجهود في شرح الخلفيات التي كانت أو تكون وراء هذه المرحلة، وكيف يتوقع صاحب القرار الحكومي، تدبير الصعوبات المرتقبة في تدبير التشنج الاجتماعي، والعلاقات بين قوات الأمن والمواطنين، ومحاولة العيش، في سياق لا يوفر شروطه الميسرة... إلخ. واللحظة حاسمة في تقديم الحصيلة، والأرقام، والتي سبق لرئيس الحكومة أن قال إنه لا يتوفر عليها في جلسة الشهر الماضي، وأيضا في البرنامج الخاص الذي نقلته قنوات عمومية. اليوم، لا بد من تحليل مؤشرات الوضع الصحي، وليس الاكتفاء بعمليات حسابية للضرب والجمع والطرح، وتقديم التوقعات المفهومة والمبسطة للمواطنين، وإعطاء كافة المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية التي تتوفر عليها المصالح والجهات المخولة قانونيا بامتلاكها، حتى لا نغذي الشعور بأننا نسير نحو المجهول.. أو أن ما بعد العودة إلى الحياة الطبيعية، يتربص بنا.. المجهول. ويبقى القرار السياسي، هو الفيصل في تراكب المعطيات التي قلنا عنها، صحية واجتماعية واقتصادية.. السياسي اليوم، لا يمكن ان يكتفي بالقاعدة الصحية، رغم أن الواجب والضمير يفرضان علينا أن نرفع القبعة ونحيي عاليا الخبرة الطبية الوطنية وقدرتها على مواجهة الوضع الحالي، بل على القرار السياسي أن يتجاوز الوضع إلى ما بعده، إلى ما بعد العاشر من يونيو والعاشر من يوليوز أيضا…