رحل المناضل المثال إلى مثواه الأخير يوم الجمعة، في لحظة التقيد بقرارات منعت الجميع من التنقل والتجمع وإلقاء آخر نظرة على جثمانه الطاهر. رحل الحكيم والقيدوم، تاركا خلفه مسارا حافلا بالدفاع عن الوطن والطبقة العاملة وعموم القوات الشعبية، فكان قائدا أصيلا مخلصا لوطنه، ونقابيا حاميا لمكاسب الشغيلة، وسياسيا مدافعا عن قيم الحرية والعدالة أينما حل وارتحل، ومحاميا يرافع عن رسالة الحق. وهب حياته خدمة للوطن والمواطن، بكل روح وطنية صادقة ومسؤولية عالية، بعيدا عن الأضواء، وهو الذي لا يرغب في احتفالات التكريم بقولته الشهيرة «ما قمنا به واجب وطني ونضالي، وفعل الواجب يسقط التكريم». وبذلك تفقد البلاد أحد رجالاته الكبار، وقائد تجربة الانتقال الديمقراطي، الذي ارتبط اسمه بتجربة التناوب التوافقي، والمساهم في إنقاذ الوطن من السكتة القلبية، بحنكته وتبصره، الذي لا يعرف معنى للكلل أو الغضب حتى في لحظة الإحساس بالانكسار، فظل محبا ومخلصا لوطنه رغم الاعتقال والعيش في المنفى، بل وحتى بعد الخروج عن المنهجية الديمقراطية، وإعلان اعتزاله للسياسة. مواقف وتضحيات جسام، سجلها التاريخ بمداد الفخر والاعتزاز، في مسيرة نضال لم تتوقف من أجل التحرير والبناء الديمقراطي وتحقيق مجتمع تسوده المساواة والعدالة والإنصاف والتضامن، ليبقى درسا في النضال والتحدي والثبات على المبادئ والمواقف. وسيبقى نداء وجدة ليوم الجمعة 07 دجنبر 2018 تحت شعار «المغرب والجزائر، قاطرة مستقبل البناء المغاربي»، مفخرة لجهة الشرق، وللمغرب قاطبة. فنم مطمئنا، سيبقى تاريخكم ومسار حياتكم منهلا للجميع.