تساؤلات بشأن نجاعة تنزيل أهدافها الإنمائية بعد مرور 15 سنة على انطلاقتها؟
بعد مرور 17 سنة على أحداث 16 ماي الأليمة على الشعب المغربي عامة والساكنة البيضاوية خاصة، والتي تحل ذكراها في 16 ماي من كل سنة، و15 سنة على انطلاق مشروع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بالمغرب، والذي كلف الدولة ميزانية ضخمة؛ وكان فيه اختيار سيدي مومن، الذي شد الانتباه إليه عالميا خلال العمليات الإرهابية رمزيا ، وليس اعتباطيا عند بدء تنفيذ برنامج التنمية البشرية، كإشارة على أن التطرف يتخذ من المناطق الاجتماعية الهشة مرتعا له. هكذا تم انطلاق تشييد وتدشين العديد من المشاريع التنموية بهذا الحي، ضمن فلسفة المبادرة، كمشروع تنموي جاء من أجل تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للفئات الفقيرة؛ وهي التي انطلقت رسمياً بعد الخطاب الملكي في 18 ماي سنة 2005، حيث ارتكزت على ثلاثة محاور أساسية: التصدي للعجز الاجتماعي بالأحياء الحضرية الفقيرة والجماعات القروية الأشد خصاصا، تشجيع الأنشطة المدرة للدخل القار والمتيحة لفرص الشغل، العمل على الاستجابة للحاجيات الضرورية للأشخاص في وضعية صعبة؛ لتعتبر بذلك ورشا وسياسة إرادية تستهدف العمل على إنهاء التفاوتات الاجتماعية غير المستساغة والوصول إلى مستوى مقبول من التنمية البشرية، وهي ليست مشروعا مرحليا، ولا برنامجا ظرفيا عابرا، وقد كان ذلك واضحا في الخطاب، والذي تم التأكيد من خلاله على أن الهدف الأسمى للمبادرة الوطنية، هو محاربة الفقر والإقصاء الاجتماعي والهشاشة، وفق منهجية مبنية على الحكامة الرشيدة، حيث ترتكز العمليات على تحسين الولوج للبنيات التحتية والتجهيزات الاجتماعية الأساسية، وتشجيع التنشيط الاجتماعي والثقافي والرياضي، والاندماج الاجتماعي والاقتصادي للساكنة المستهدفة… الآن وبعد مرور 15 سنة على انطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وفي ظل ذكراها السنوية، التي جاءت هذه السنة متزامنة مع وباء كورونا، والذي أظهر استمرار مظاهر هشاشة ومعاناة نسبة مهمة من ساكنة هذا الحي، تنبغي الإشارة إلى أن مجموعة من المشاريع التي تحملت مسؤوليتها جمعيات «نزيهة»، عرفت نجاحا وحققت أهدافها الإنمائية، وتبقى على رؤوس الأصابع، لكن لابد أيضا من إثارة العديد من المشاريع التي عرفت مجموعة من الاختلالات، رغم كل الجهود والإمكانيات المادية والبشرية التي تم رصدها من أجل تحقيق طموح الساكنة في تخليصها من الفقر والهشاشة. إن المتتبع للشأن المحلي بسيدي مومن، يطرح أسئلة عديدة من خلال استحضاره لحجم الأموال العامة التي صرفت للنهوض بأحوال ساكنة الحي؟ لقد عرفت المنطقة تشييد وتدشين العديد من المراكز السوسيو اجتماعية بكلفة مالية مهمة توفر تكوينات في مجال الموسيقى والمسرح والسينما وغيرها، لكن للأسف، تحول بعضها الى مراكز أشبه بملكيات خاصة لجمعيات وأفراد، في وقت تثار التساؤلات بخصوص شروط وكيفية تدبيرها من طرف الجمعيات الحاضنة للمشاريع وعن مدة تسييرها، وضبط المحاسبة المالية وغيرها؟ كما تجدر الإشارة «إلى أن بعض هذه المراكز أصبحت تدر مداخيل مهمة عن طريق تشييد قاعات للأفراح والأعراس وكرائها للعموم، وتنظيم دورات تكوينية في مختلف المجالات بالمقابل، ضدا على مجانية الاستفادة من المرافق العمومية التي تدخل ضمن مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية» تقول مصادر جمعوية، لافتة إلى «إفراغ المبادرة من فلسفتها ومضمونها الأصلي الذي أنشئت من اجله، في ظل تنامي عدد الباعة الجائلين الذين يؤثثون مختلف دروب وأزقة بالمنطقة؟» هذا ويبقى الأمل أن يتم تدارك مختلف النقائص المسجلة، وذلك خلال مرحلة تنزيل المرحلة الثالثة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي جاءت «لتصحح العديد من الاختلالات، عبر وضع حد للاستغلال السياسي لها، من طرف بعض المنتخبين ورؤساء جماعات»، من خلال هيكلة تنظيمية جديدة، بنزع صلاحيات من الجماعات المحلية، وإسنادها لممثلي السلطة المحلية، في وقت كان الرؤساء هم الذين يترأسون اللجان المحلية، ويقررون في مصير جل المشاريع الممولة من طرف المبادرة الوطنية، وذلك كمخرج من مخرجات المرحلة الثالثة من المبادرة 2019-2023، والتي تم تقديم تصورها الجديد من طرف وزير الداخلية بالقصر الملكي بالرباط يوم 19 شتنبر 2018، والذي قال بخصوصه «إنه يهدف بالأساس إلى ترسيخ قيم العدالة الاجتماعية، والكرامة، واستشراف المستقبل وزرع الأمل، وذلك من خلال اعتماد مقاربة شمولية، ترتكز على أربعة برامج متناسقة ومتكاملة تضمن إسهام كل الفاعلين في المجال الاجتماعي، ويتعلق الأمر ب: أولا: برنامج تدارك الخصاص المسجل على مستوى البنيات التحتية، والخدمات الأساسية، بالمجالات الترابية الأقل تجهيزا، ثانيا: برنامج مواكبة الأشخاص في وضعية هشة، ثالثا: برنامج تحسين الدخل، والإدماج الاقتصادي للشباب، ورابعا: برنامج الدعم الموجه للتنمية البشرية للأجيال الصاعدة».