أعلنت أحزاب المعارضة (الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الاستقلال، الأصالة والمعاصرة، الاتحاد الدستوري) تأييدها للمدافعين عن استقلال النيابة العامة عن وزارة العدل. وجاء هذا التأييد، حسب البلاغ الذي أصدرته أحزاب المعارضة عقب اجتماعها يوم أمس الاثنين (9 مارس 2015)، اقتناعا منها بأن «هذه الاستقلالية تشكل، بفعل ما طبع التجربة الحالية لوزارة العدل والحريات، ركيزة أساسية لاستقلال فعلي وحقيقي للسلطة القضائية، وضمانة ضرورية لتحقيق المحاكمة العادلة، والمساواة بين أطراف العملية القضائية». وعبرت أحزاب المعارضة «عن تشككها المشروع في استمرار تبعية النيابة العامة لوزارة العدل والحريات، بعدما أصبحت هذه الوزارة طرفا أساسيا في اللجنة المركزية ولجانها المحلية التي أوكلت لها الحكومة الإشراف على الاستحقاقات المقبلة، وما قد ينتج عن ذلك من استعمال هذه التبعية في الانتقام من الخصوم في التباري الانتخابي». هذا الموقف أملاه، حسب نص البلاغ، «استحضار المبادئ المنظمة لاستقلال السلطة القضائية والملابسات التي أحاطت بالموضوع في ضوء عرض مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية على أنظار المؤسسة التشريعية، وخاصة التصريحات الصادرة عن مسؤول الحزب الذي يسير الوزارة، وما سجله الرأي العام الوطني من تدخل لوزير العدل والحريات لتوجيه النيابة العامة في الملفات المعروضة على القضاء، ومن ضغط على القضاة ومؤسساتهم التمثيلية لثنيهم عن التعبير والتمسك بآراء ومواقف تخالف الآراء التي تصدر عنه، خلصت هذه المداولات إلى صياغة مواقف مشتركة لأحزاب المعارضة في موضوع استقلال السلطة القضائية سيتم التعبير والدفاع عنها داخل المؤسسة التشريعية». وأوضحت أحزاب المعارضة أن مبدأ استقلال السلطة القضائية الذي شكل مطلبا ملحا لمختلف التعبيرات السياسية والحقوقية، تكرس اليوم كمكتسب دستوري لا يمكن القبول بالالتفاف عليه، مثل ما تم الالتفاف على مكتسبات دستورية أخرى جراء التأويلات المحافظة التي طبعت تنزيلها، سيما وأن تصدير الدستور تعهد بالتزام المغرب بالمواثيق الدولية وما يترتب عنها من مبادئ وحقوق وواجبات، وهو تعهد يلزم باحترام المرجعيات الكونية التي انتهت إليها مختلف المواثيق والإعلانات الدولية بشأن موضوع استقلال السلطة القضائية». وذكر بلاغ المعارضة بالتراكم الذي تحقق في مجال السلطة القضائية، منذ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، مرورا بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وصولا إلى « المبادئ الأساسية بشأن استقلال القضاء» الصادر عن الأممالمتحدة عام 1985، التي تعتبر الميثاق والمرجع الدولي بشأن استقلال القضاء. كما استحضرت ما تمخض عنه الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة الذي أشرف عليه وزير العدل نفسه، رغم مقاطعته من طرف قطاع واسع من الطيف السياسي وفرقاء العدالة. وما تم الإعلان عنه من مواقف، وتقديم مذكرات، من طرف مكونات أساسية من جسم العدالة، من جمعيات القضاة، وجمعية هيئات المحامين بالمغرب، وممثلي كتاب الضبط والتي تنحو جميعها في اتجاه تكريس استقلال فعلي للسلطة القضائية عن السلطة التنفيذية. ولم يفت أحزاب المعارضة أن تذكر، في بلاغها، بما تداوله الرأي العام الوطني من تدخلات لوزير العدل والحريات في توجيه النيابة العامة أثناء نظرها في ملفات معروضة على القضاء، بمنطق الانتقام من المخالفين، أو الدفاع عن الموالين، في تناقض تام مع معايير العدالة، التي تقوم على النزاهة وعدم التمييز بين أطرف العملية القضائية.