التحاق عشرات البنائين ببلدات مسقط الرأس يبطئ من وتيرة استعادة أوراش البناء لحركيتها «يشكل الاستئناف التدريجي لنشاط أوراش البناء مسألة ملحة»- «ضرورة توظيف أطباء شغل أو مسؤولين صحيين مكونين لهذا الغرض، تعهد إليهم مهمة التحسيس ومتابعة تنزيل التدابير الوقائية داخل أوراش البناء، المتمثلة مثلا في التباعد الاجتماعي والتعقيم والارتداء الإلزامي للكمامات الواقية وغيرها»… إنها عينة من «الخلاصات» التي تستشف من تدخلات المشاركين في لقاء تفاعلي، نظمته الوكالة الحضرية بمراكش الثلاثاء المنصرم، 12 ماي 2020، استعرضت خلاله مجموعة من الإكراهات التي باتت تطوق «قطاع التعمير» على خلفية التداعيات الثقيلة للحرب المتواصلة ضد تفشي فيروس كورونا. خلاصات تمتح مرجعية أهميتها من كون النقاش عرف مساهمة ممثلين عن مختلف الجهات المرتبطة بالقطاع (من مقاولات وشركات بناء ومكاتب دراسات ومهندسين معماريين…)، حيث تم التأكيد على استعجالية «بث الروح» من جديد داخل مختلف الأوراش المتوقفة، على امتداد جغرافية الجهات ال 12، جراء فرض حالة الطوارئ الصحية، وذلك على أمل وقف نزيف الخسائر المادية والتخفيف من حدة الفاتورة الاجتماعية الآخذة في التضخم، علما بأن «القطاع يشغل أزيد من مليون شخص، ما يجعله ثاني قطاع مشغل بعد الفلاحة، فضلا عن مساهمته الوازنة في ميزانية الدولة» يؤكد رئيس الجمعية المغربية للبناء المستدام، رشيد خياطي حسيني، في تدخله خلال نفس «اللقاء». «إن دوران «الحركة» داخل هذا الورش أو ذاك، في ظل الظرفية العصيبة السائدة، لن يكون بالأمر الهين، خصوصا بالنسبة للمقاولات الصغيرة والمتوسطة التي غادر عدد من عمالها أوراشهم مباشرة بعد إعلان حالة الطوارئ، وقفلوا عائدين لمسقط الرأس بدواوير تابعة لجماعات قروية محسوبة على النفوذ الترابي لعمالات وأقاليم بعيدة عن أمكنة اشتغالهم: الرشيدية، ورزازات، تارودانت، زاكورة، بولمان… «يقول «محمد .ك» صاحب مقاولة صغيرة في اتصال هاتفي مساء الخميس المنصرم 14 ماي 2020، مؤكدا «أن رجوع نسبة مهمة من البنائين لأوراشهم يستوجب إقناعهم أولا بأن استئنافهم للعمل لا يشكل خطرا عليهم، بالنظر لنجاعة التدابير والإجراءات الوقائية المتخذة ضمانا لسلامتهم، ثم العمل على إسنادهم – بهذا الشكل أو ذاك – في خطواتهم الإدارية المرتقبة من أجل الحصول على التراخيص اللازمة الكفيلة بأن تيسر لهم سبل السفر والتنقل بين المدن بشكل سلس و قانوني»، لافتا إلى» أن أمل ظهور بوادر انفراج الأزمة يبقى معقودا على الأيام الموالية لعطلة عيد الفطر، وذلك تماشيا مع مستجدات تفشي الوباء». وارتباطا بموضوع «الإكراهات»، دائما، ينبغي التذكير أن نسبة كبيرة من أوراش البناء – كما هو الحال في المجال القروي مثلا – ينشط بها عمال، من مختلف الأعمار، مياومون من الذين يبحثون عن فرصة شغل مؤقتة عبر التواجد في «المواقف»، أو من خلال شهرتهم «داخل القبيلة «بممارستهم للبناء، والذين كثيرا ما يعملون بأسلوب «العطش»، القائم على الشروع في الكدح بداية من الصباح الباكر، ودون توقف في الظهيرة، قصد إنجاز المهام المتباينة المنوطة بهم. وهذه الفئة من العمال المرتبطة ب «الجانب غير المهيكل» داخل القطاع، تشكل أعدادا واسعة، يستوجب «تأطيرهم الصحي» بذل مجهودات كبيرة، خاصة على مستوى التوعية والتحسيس بأهمية «الخضوع لتحاليل التشخيص قبل العودة إلى العمل في الأوراش»، إلى جانب «استيعاب» ما ينص عليه «دليل تدبير مخاطر انتشار فيروس «كوفيد – 19» الذي أصدرته الوزارة الوصية، مؤخرا، «بغاية الحفاظ على صحة وسلامة العمال وغيرهم من المهنيين»، من خلال «مراعاة إشارات الحواجز واحترام مسافات التباعد و»الوقاية، التطهير والتعقيم المنتظم لأماكن العمل»، مع الالتزام بشروط دقيقة في ما يخص «تدبير الولوج إلى الأوراش وكيفيات التنقل داخلها»…، شروط تذكر المتتبع بمسألة إلزامية وضع «خوذات الرأس» للحماية من الأخطار المهنية المحتملة التي واجهت ترجمتها على أرض الواقع عراقيل شتى؟ لكن يبقى الرهان ، حسب عدد من المهنيين، هو أن يتم استخلاص الدروس الضرورية من الأزمة الراهنة في أفق «إحداث قطيعة في أنماط الاشتغال داخل أوراش البناء» تكون كفيلة بتخليص «القطاع» من العديد من النقائص التي طالما أرخت بظلالها القاتمة على أكثر من ورش خلال السنوات السالفة.